شركاء الاتفاق النووي الإيراني يكابدون لتهدئة التوتر

الموقعون على الاتفاق النووي للعام 2015 يناقشون المساعي الجارية للمحافظة على الاتفاق وضمان تطبيقه الكامل من جانب كل الأطراف بمجرد تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الرئاسة.
الأسابيع التي تسبق رحيل ترامب ستكون مضطربة
واشنطن تفرض عقوبات على شركات مرتبطة بإيران
روحاني يبقي الباب مواربا للانفتاح على حل دبلوماسي وخامنئي يوصده
الشركاء في الاتفاق النووي يراهنون على بايدن لإنقاذ الاتفاق من الانهيار
إيران عالقة بين رغبة الإصلاحيين في الانفتاح ودفع المحافظين للتحلل من الاتفاق النووي

فيينا/واشنطن - اجتمع موقعو الاتفاق النووي الإيراني الأربعاء في محاولة لتهدئة الأجواء بانتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها بينما تستمر طهران بالابتعاد عن التزاماتها، في حين فرضت واشنطن عقوبات جديدة على شركات مرتبطة بإيران.

وتشكل هذه التطورات مسارين متناقضين واحد يدفع للتهدئة (الجهود الأوروبية) وآخر للتصعيد (الانتهاكات الإيرانية والعقوبات الأميركية).

وعقد اجتماع الشركاء في الاتفاق النووي افتراضيا بسبب وباء كوفيد-19 واستمر حوالي ساعتين وصدر عنه بيان مقتضب.

وقالت المسؤولة البارزة عن الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلغا شميد التي ترأست الاجتماع "على ضوء التحديات الراهنة، ناقش المشاركون المساعي الجارية للمحافظة على الاتفاق النووي والطريقة التي يمكن فيها ضمان تطبيقه الكامل والفاعل من جانب كل الأطراف".

وأشار السفير الروسي ميخائيل اوليانوف إلى "الالتزام الثابت" للدول الموقعة على الاتفاق المبرم في 2015 في فيينا والذي تزعزع منذ الانسحاب الأميركي منه في مايو/أيار 2018 بمبادرة من دونالد ترامب وإعادة فرض عقوبات اقتصادية أميركية على طهران.

وأعرب المشاركون عن استعدادهم "لبذل جهود دبلوماسية مكثفة" وفق ما كتب السفير الروسي في تغريدة بدء باجتماع غير رسمي في 21 ديسمبر/كانون الأول على مستوى وزراء الخارجية.

ويشهد الملف الإيراني تقلبات جديدة منذ اغتيال كبير علماء إيران النوويين محسن فخري زاده نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. في أعقاب ذلك، شددت طهران موقفها ما أضعف الاتفاق بدرجة أكبر.

وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول، عبرت باريس ولندن وبرلين عن "قلقها العميق" إزاء وضع ثلاث سلاسل من أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم الرئيسية في وسط إيران.

وأعربت الدول الثلاث كذلك عن قلقها إزاء تمرير البرلمان الإيراني لقانون مثير للجدل بشأن الملف النووي والذي إذا تمت المصادقة عليه، فإنه سيعني نهاية الاتفاق على الأرجح.

الملف الإيراني يشهد تقلبات جديدة منذ اغتيال كبير علماء إيران النوويين محسن فخري زاده نهاية نوفمبر ففي أعقاب ذلك شددت طهران موقفها ما أضعف الاتفاق بدرجة أكبر

وبحسب وسائل الإعلام المحلية فان النص يطلب من الحكومة اتخاذ خطوات فورية لإنتاج وتخزين "ما لا يقل عن 120 كيلوغراما سنويا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة" ويدعو كذلك إلى وقف عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكان الهدف من اجتماع الأربعاء بالنسبة للأطراف المشاركة في الاتفاق وهي الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا، تذكير طهران بالتزاماتها.

وقال دبلوماسي "قلنا لهم أن يمتثلوا للاتفاق وأن يفسحوا المجال للدبلوماسية وعدم تطبيق القانون"، في إشارة إلى القانون الذي أصدره البرلمان الإيراني وصادق عليه مجلس صيانة الدستور أعلى هيئة رقابية للتشريعات.

ردا على ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مجددا أن طهران "لن تدفع الثمن الغالي" لاحترام الاتفاق من دون أن تحصل في المقابل على مكاسب اقتصادية وُعدت بها.

ولحل هذه المسألة الأساسية ينبغي انتظار دخول جو بايدن البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني. ويقول نيسان رفاتي المحلل لدى "انترناشونال كرايسيس غروب" إنه ينبغي حتى ذلك الموعد "تجنب تدهور الوضع مع الأمل بانطلاقة جديدة مع الإدارة الأميركية المقبلة".

وأكد الرئيس الأميركي المنتخب رغبته في العودة إلى اتفاق فيينا، محذرا من انطلاق سباق لصنع قنبلة ذرية في الشرق الأوسط.

وقالت الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية إيللي جيرانمايه إن "الأسابيع القليلة المقبلة ستكون مضطربة بلا شك. وسيعمل مؤيدو الضغوط القصوى على إيران بجد للقضاء على فرص الدبلوماسية واستقرار الاتفاق".

وفي هذا السياق المتوتر، أثار قيام إيران السبت الماضي بإعدام المعارض روح الله زم ردود فعل منددة في العالم.

وقال الدبلوماسي إنه رغم التوتر السياسي فإن "التعاون يجري بشكل طبيعي" في هذه المرحلة على مستوى عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الأرض.

ينبغي حتى موعد تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة تجنب تدهور الوضع في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع الأمل بانطلاقة جديدة مع الإدارة الأميركية المقبلة

ويكثف الرئيس الإيراني حسن روحاني المعارض لمشروع القانون الذي صوت عليه النواب المحافظون، إشارات الانفتاح الموجهة صوب الحكومة الأميركية المقبلة.

وقال في الآونة الأخيرة إنه فور رفع العقوبات الاقتصادية "سنعود أيضا إلى جميع الالتزامات التي قطعناها"، داعيا بايدن إلى فتح صفحة جديدة عبر العودة إلى "الوضع الذي كان سائدا" قبل رئاسة دونالد ترامب.

لكن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خفف الحماس الأربعاء. وحذر كبار المسؤولين في بلاده من أن "العداوات لا تقتصر على أميركا ترامب ولن تنتهي برحيله".

وفرضت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء عقوبات على شركات مقرها الصين والإمارات، متهمة إياها بدعم بيع منتجات بتروكيماوية إيرانية بينما تصعد واشنطن الضغط على طهران حتى مع اقتراب فترة الرئيس ترامب من نهايتها.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنها أدرجت على قائمتها السوداء أربعة كيانات لتسهيلها تصدير منتجات بتروكيماوية إيرانية بواسطة شركة تريليانس للبتروكيماويات المحدودة التي استهدفتها واشنطن بعقوبات هذا العام.

وأضافت أن الخطوة التي تأتي وسط سلسلة من العقوبات التي أعلنتها واشنطن، استهدفت أيضا شركة فيتنام لنقل الغاز والبتروكيماويات بسبب صلتها بصفقات مهمة لنقل منتجات بترولية من إيران.

ستعمل الولايات المتحدة لمواجهة الأفراد الذين يدعمون الجهات غير المشروعة المشاركة في حركة المبيعات البترولية والبتروكيماوية الإيرانية

ويأتي الإجراء في الوقت الذي فرضت فيه إدارة ترامب عقوبات شبه يومية على مدى الأسابيع الماضية استهدف الكثير منها إيران. ويقول محللون إن العقوبات التي تشكل ضغطا على الجمهورية الإسلامية تهدف إلى تعقيد الطريق أمام بايدن لمعاودة التفاوض بشأن الاتفاق النووي.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين "ستعمل الولايات المتحدة لمواجهة الأفراد الذين يدعمون الجهات غير المشروعة المشاركة في حركة المبيعات البترولية والبتروكيماوية الإيرانية".

وفرضت الخطوة عقوبات على شركتي دونغهاي الدولية المحدودة لإدارة السفن وبتروكيم ساوث إيست المحدودة ومقرهما الصين وعلى شركتي ألفا تك تريدينج وبتروليانس تريدينج، في الإمارات لتقديمها دعما لشركة تريليانس للبتروكيماويات.

وكانت واشنطن قد أدرجت تريليانس للبتروكيماويات التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا، على قائمة سوداء في يناير/كانون الثاني مع ثلاثة شركات أخرى للبتروكيماويات والبترول قالت وزارة الخزانة إنها حولت معا ما توازي قيمته مئات الملايين من الدولارات مقابل صادرات من شركة النفط الوطنية الإيرانية.

وتجمد العقوبات المفروضة اليوم الأربعاء أي أصول للشركات في الولايات المتحدة وتمنع بوجه عام الأميركيين من التعامل معها. وقالت وزارة الخزانة إن المؤسسات المالية الأجنبية التي تسهل المعاملات عن عمد للمدرجين على القائمة السوداء تواجه أيضا خطر التعرض للعقوبات.