شركات الطيران تتحمّل على مضض أزمات بوينغ

دفاتر طلبيات شركة بوينغ تكاد تكون ممتلئة حتى نهاية العقد، وبالتالي ليس أمام شركات النقل الجوي خيار آخر سوى إبطاء خططها قليلا.

دبي - يشهد نشاط شركات النقل الجوي تعثرًا بسبب المشكلات التي تعانيها بوينغ والتأخير في تسليم الطائرات، لكنها رغم غضبها حريصة على عدم إدانة الشركة المصنّعة علنا في غياب حل بديل.

وتستضيف مدينة دبي الإماراتية اليوم الاثنين الاجتماع العام السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، بعد أيام من إعلان السلطات التنظيمية فرض إجراءات جديدة على بوينغ.

وتعتزم هيئة تنظيم الطيران الأميركية (إف إيه إيه) زيادة عدد مفتشي الجودة في مصانع الشركة المصنعة للطائرات والمورد الرئيسي لها، شركة سبيريت آيروسيستمز، ضمن خطة لحل مشاكل الإنتاج التي برزت خلال حادث طيران في بداية يناير/كانون الثاني.

وخلال الحادث، فقدت طائرة 737 ماكس تابعة لشركة خطوط ألاسكا الجوية قطعة من البدن تسد مخرج الطوارئ، ولم يتسبب الأمر إلا في عدد قليل من الإصابات الطفيفة.

وسبق توقيف هذا الطراز عن الطيران بعد حادثين في عامي 2018 و2019، مرتبطين بعيوب في التصميم وأديا إلى مقتل 346 شخصا. وتراكمت مشاكل الإنتاج لدى شركة بوينغ طوال عام 2023 في ما يتعلق بطراز 737 وطراز 787 دريملاينر للرحلات بعيدة المدى.

وفي ظل هذه الصعوبات، ومع تعطل سلسلة التوريد منذ ظهور وباء كوفيد، حدث تأخير كبير في برنامج بوينغ لإنتاج الطائرات من طراز 777 إكس ذات الجسم العريض، بينما تعتمد العديد من الشركات عليه لتجديد أو توسيع أساطيلها للرحلات بعيدة المدى. وصار من المنتظر الحصول على موافقة لتشغيل هذا الطراز في عام 2025.

وقال رئيس شركة طيران الإمارات تيم كلارك لوكالة "بلومبرغ" على هامش الجمعية العمومية للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، إن هذه الطائرة بنسختها 777 - 9 "ستتأخر علينا ست سنوات". وقد طلبت شركة طيران دبي أيضا 205 طائرات طراز 777 إكس من شركة بوينغ مقابل عشرات المليارات من الدولارات.

وقدّر كلارك، وهو خبير في قطاع الطيران، أن بوينغ ستستغرق "ما لا يقل عن خمس سنوات، اعتبارا من اليوم، لاستعادة مستويات إنتاجها"، نظرا لتعدد المشاريع المطروحة على إدارتها التي تجري عملية إعادة تنظيم على قدم وساق مع المغادرة المتوقعة للرئيس التنفيذي ديف كالهون بحلول نهاية العام.

وردا على سؤال حول هذا الموضوع طُرح الاثنين في دبي، أشار المدير العام لإياتا ويلي والش إلى أن تأخيرات في التسليم تحدث أيضا لدى شركة إيرباص، منافسة بوينغ.

وقال والش "ترى العديد من الشركات أن بإمكانها تطوير شبكتها وترغب في خدمة وجهات جديدة، لكنها غير قادرة على القيام بذلك لأنها لا تتلقى طائرات جديدة. وهذا يسبب الكثير من السخط".

ويتجنب معظم المسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران توجيه انتقادات حادة لشركة بوينغ في العلن، باستثناء نادر هو مايكل أوليري رئيس شركة "راين إير" أحد الزبائن الرئيسيين لطائرة 737 ماكس، وقد انتقد في فبراير/شباط "الكارثة" التي تشهدها الشركة المصنعة و"مقاربتها السيئة في مراقبة الجودة".

لكن في السر، لا يتوانى البعض عن الصدح بأشد العبارات حول انحدار بوينغ الذي لم يكن من الممكن تصوره إلى وقت قريب.

وقال رئيس تنفيذي لشركة أوروبية تشغل العشرات من طائرات المصنّع الأميركي طالبا عدم كشف هويته "إنه أمر مؤسف حقا بالنسبة لشركة بوينغ، لأننا ما زلنا نعتقد أنها شركة تصنيع عظيمة. سوف تقف على قدميها مجددا، لكنها تمر بوقت عصيب".

وأيا كان خليفة كالهون، فسيتعين عليه "تحقيق الاستقرار ... الهندسي الذي تشتهر به بوينغ"، حسبما قال رئيس شركة لوفتهانزا كارستن سبور اليوم الاثنين في دبي، مشيرا إلى أنه ينتظر أيضا بفارغ الصبر الطائرة 777 إكس.

ويلفت فيك كريشنان، المتخصص في قطاع الطيران في شركة ماكينزي، إلى أن "السخط" الذي أبدته شركات النقل "يظهر في النهاية أن هناك طلبا لم تتم تلبيته وأنه لا يوجد حل سهل" للمشكلة.

وتكاد دفاتر طلبيات شركتي إيرباص وبوينغ ممتلئة حتى نهاية العقد، وبالتالي ليس أمام شركات النقل الجوي خيار آخر سوى إبطاء خططها قليلا، خاصة وأن تغيير الشركة المصنعة له تكاليف هائلة، ولا سيما على صعيد تدريب أطقم العمل وموظفي الصيانة.

وتشترك شركة إيرباص في العديد من الموردين مع شركة بوينغ، وبالتالي يمكن أن يؤدي انحدار الشركة الأميركية إلى تضرر موردين لهم خبرات فريدة.

ويؤكد جيروم بوشارد، الشريك في شركة أوليفر وايمان، أنه "ليس خبرا جيدا أن تكون شركة بوينغ في وضعها الراهن، بما في ذلك بالنسبة لشركة إيرباص".