شروط أميركية لاستبعاد السودان من قائمة الإرهاب

واشنطن تقدم خطة تنص على أن يودع الخرطوم في حساب مجمّد أموالاً للولايات المتحدة لتعويض عائلات الضحايا في اعتداءي 1998 لشطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب.
واشنطن تدعم الحكومة الانتقالية في السودان بقيادة مدنية

واشنطن - تسعى الولايات المتحدة لضمان تعويضات لعائلات ضحايا الاعتداءين الإرهابيين اللذين وقعا عام 1998 مقابل استبعاد السودان من اللائحة الأميركية السوداء للدول الراعية للإرهاب.

ودخل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في سباق مع الوقت لحلّ خلاف بلاده مع السودان وذلك قبل أسابيع على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

وكما يحصل غالباً في الآونة الأخيرة عندما يتعلق الأمر بالدبلوماسية، فإن إسرائيل ليست بعيدة عن الدوافع الخفية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكتب بومبيو في رسالة إلى أعضاء في مجلس الشيوخ، إن "الولايات المتحدة لديها فرصة لا تأتي سوى مرة واحدة لضمان أن يتم أخيرا تقديم تعويض لضحايا الاعتداءين الإرهابيين اللذين وقعا عام 1998 ونفّذهما تنظيم القاعدة ضد سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا".

وأضاف "لدينا أيضاً نافذة فريدة وضيقة لدعم الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في السودان الذي تخلّص أخيراً من الدكتاتورية الإسلامية".

ويتضّمن هذا الملف إدراج السودان على اللائحة السوداء الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

وتعود هذه العقوبة التي تُعتبر عائقاً أمام الاستثمارات في هذا البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا، إلى العام 1993. وتفاقمت الأزمة مع اعتدائي 1998 اللذين أديا إلى مقتل أكثر من مئتي شخص.

وأصبح آنذاك السودان برئاسة عمر البشير المتهم بتقديم الملاذ لزعيم القاعدة أسامة بن لادن على مدى سنوات، منبوذاً بالنسبة للأميركيين.

إلا أنه في السنوات الأخيرة، غيّرت واشنطن لهجتها عندما بدأ البشير بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ووافق على استقلال جنوب السودان.

وعادت قنوات التواصل مع الخرطوم في عهد الرئيس السابق الديموقراطي باراك أوباما ثم خلفه الرئيس الجمهوري ترامب. وفتحت الولايات المتحدة حتى قبل سقوط عمر البشير، حواراً لشطب السودان عن لائحتها السوداء.

التعاون في مكافحة الإرهاب ملجأ السودان لدفع الاستثمارات
التعاون في مكافحة الإرهاب ملجأ السودان لدفع الاستثمارات

مباحثات في الكواليس

وسرّعت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالنظام السوداني السابق في ربيع العام 2019، الحركة الدبلوماسية ولم يوفّر بومبيو دعمه لرئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك.

لكن المفاوضات تعثّرت بسبب الملف القضائي الحساس المتعلق بدفع تعويضات لعائلات ضحايا اعتداءي 1998.

وقالت متحدثة باسم الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية بات يعتقد أن هناك حلاً في الأفق وجعل من ذلك "إحدى أولوياته الرئيسية".

وتنصّ "خطته" على أن يودع الخرطوم في حساب مجمّد، أموالاً لن يتمّ دفعها إلا بشروط في الولايات المتحدة لتعويض مقدمي الشكاوى. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن المبلغ يصل إلى 335 مليون دولار.

واشنطن تقدم خطة تنص على أن يودع الخرطوم في حساب مجمّد أموالاً للولايات المتحدة لتعويض عائلات الضحايا في اعتداءي 1998 لشطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

ومن بين هذه الشروط، شطب السودان عن اللائحة السوداء للدول الراعية للإرهاب وإقرار قانون ينصّ على "السلام القانوني" مع الخرطوم، لتجنّب ملاحقات جديدة في المستقبل.

وفي رسالته، يمارس بومبيو الضغط على الكونغرس الأميركي ليصوّت على هذا النصّ.

وأوضح أن "هذا القانون يجب أن يدخل حيّز التنفيذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول في أقصى حدّ لضمان دفع التعويضات للضحايا ما إن يتمّ شطب السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب".

ويعني ذلك بشكل واضح، أن إدارة ترامب مستعدة لرفع العقوبة الرمزية عن السودان قبل الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني.

وأعلن أعضاء في مجلس الشيوخ من كافة الانتماءات دعمهم طلب مايك بومبيو. لكن داخل الإدارة الأميركية، هناك قلق حيال مقاومة مسؤولين ديموقراطيين مؤثرين.

ويبرز سؤال حول سبب هذا التسرّع من جانب وزير الخارجية الذي لا يهتمّ كثيراً لشؤون القارة الإفريقية.

ويُرجّح أن يكون هناك ملف آخر مهمّ بالنسبة لإدارة ترامب خلف ملف السودان.

وتوجّه بومبيو أواخر أغسطس/آب إلى الخرطوم في أول زيارة لوزير خارجية أميركي منذ 15 عاماً، أثناء جولة لإقناع الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويعتزم معسكر الرئيس الجمهوري المرشح للانتخابات المقبلة، الاستفادة من الاتفاقين التاريخيين الموقعين في عهده بين الدولة العبرية من جهة والإمارات والبحرين من جهة أخرى، وهو إنجاز كان ينقص سجله الدبلوماسي الذي كلما كان أكثر تأييداً للمصالح الإسرائيلية، يُرجّح أن يكون أكثر تحفيزاً للناخبين الإنجيليين.

وبدد عبدالله حمدوك على ما يبدو الآمال الأميركية عندما أكد أن حكومته "لا تملك تفويضا" لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة الحساسة إلى هذه الدرجة، لكن بحسب مراقبين عدة، فإن المحادثات متواصلة في الكواليس.