شعراء يشدون بقصائدهم بخيمة بيت الشعر في رحاب معبد الأقصر
تواصلت مساء السبت، فعاليات الخيمة الرمضانية لبيت الشعر بمدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، والتي أقيمت بساحة سيدي أبي الحجاج التاريخية، وفي أحضان صروح وأعمدة معبد الأقصر الفرعوني، في المدينة التي عرفت الشعر على جدران معابدها القديمة قبل آلاف السنين.
وقال مدير بيت الشعر بالأقصر، الشاعر المصري حسين القباحي، إن الخيمة الرمضانية التي تتواصل فعالياتها حتى يوم السبت المقبل الموافق للخامس عشر من شهر مارس الجاري، يُشارك فيها نُخبة من شعراء الفصحى والعامية والموال والمربع بأنواعه.
وأضاف القباحي بأن برنامج الخيمة الرمضانية لبيت الشعر في الأقصر، تتضمن إقامة 6 أمسيات شعرية، بجانب ندوة تستعرض تاريخ التصوف والصوفية في الصعيد الأعلى، ويتحدث فيها الدكتور محمود النوبي، وأخرى تتناول موضوع المجالس الأدبية في مصر الإسلامية، ويتحدث فيها الدكتور محمود سليم.
وكانت أولي الفعاليات التي شهدتها الخيمة، الأمسية الشعرية التي أقيمت قُرب صروح وأعمدة معبد الأقصر الأثري، والمسجد التاريخي لسيدي أبي الحجاج الأقصري، والذي شُيّد قبل أكثر من ثمانية قرون فوق جدران معبد الأقصر، وقدكها الشعر حسن عامر، وشارك فيها الشعراء: عادل صابر – أحد أبرز شعراء فن الواو بصعيد مصر، وعبدالناصر أبوبكر – الذي يشتهر بكتابته للموّال والمربع والفنون القوليّة – وفوزي عبدالسميع – وهو حاصل على درجة الدكتوراة في الأدب الشعبي، حيث جذب هؤلاء الشعراء جمهوراً عريضاً في ليالي رمضان التي تكتسب طابعاً خاصاً في ساحة سيدي أبي الحجاج الأقصري التي تتوسط المدينة والملاصقة لمعبد الأقصر الفرعوني.
وفي اليوم الثاني من فعاليات الخيمة، أقيمت ندوة حملت عنوان "تاريخ التصوف في الصعيد الأعلى"، وتحدث فيها الدكتور محمد النوبي عميد كلية الألسن بجامعة الأقصر، وقدمها الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر.
وعرّف الدكتور محمد النوبي في محاضرته التصوف لغة واصطلاحًا، واستعرض تاريخ نشأة التصوف في مصر بوجه عام، وفي صعيد مصر بوجه خاص، وسرد مسيرة عدد من أعلام المتصوفين الذين عرفهم صعيد مصر، وخاصة في مدينة قوص مدينة العلم والعلماء، والتي محطة انتظار لجموع الحجاج الذين كانوا ينطلقون منها قديما في طريقهم لآداء رحلة الحج.
وقد ألقى النوبي مجموعة من الأشعار التي كتبها المتصوفون والتي تمجد الزهد والبعد عن ملذات الدنيا، ومنها ما يزخر برموز وإشارات لغوية يعرفها أهل الطريق.
يُذكر أن مدينة الأقصر عرفت الشعر قبل آلاف السنين، وبحسب المصادر التاريخية وكتب علماء المصريات، فإن جدران المقابر والمعابد فى الأقصر، بجانب أوراق البردي، تُسجل الكثير من القصائد الشعرية التي كتبها شعراء مصر القديمة.
وقد وثّق شعراء وأدباء مصر القديمة، الكثير من نصوص الحب والعشق على جدران المقابر التي تعرف باسم مقابر النبلاء والأشراف فى غرب المدينة، وعلى قطع من الفخار والحجر الجيرى التي تُعرف باسم الأوستراكا، والتي سجل عليها المصري القديم مشاعر حبه ولوعته.
الأقصر التي عُرفت قديما باسم طيبة، والتي ظلت عاصمة لمصر القديمة على مدار قرون، عرفت أيضاً الواناً أخرى من الشعر والأدب، حيث كتب شعراء المدينة وأدبائها القدامي القصائد والأناشيد والمسرحيات الشعرية، وقصص الحب، والحكايات الخرافية والأساطير فائقة الخيال، لكن أرقى تلك النصوص والكتابات كانت فى مجال الشعر الرومانسي.
وقد تواصل حضور الشعر في المدينة على مر العصور وحتى اليوم، حيث أقيم في المدينة قبل سنوات بيت للشعر، جرى تشييده وتجري فعالياته برعاية كريمة من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وهو البيت الذي صار قبلة للشعراء والمثقفين المصريين من كل محافظات مصر، عبر فعالياته التي يديرها الشاعر المصرى حسين القباحي – مدير البيت، ويحضر جانباً منها فى كل عام عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، والشاعر الكبير محمد البريكي، مدير بيت الشعر بالشارقة.
وقد أعاد بيت الشعر فى الأقصر، المدينة الخالدة الى زمان الشعر بين معابدها وعلى شواطئ نيلها ووسط حدائقها وحقولها، حيث كان شعراء مصر القديمة يصدحون بقصائدهم في المدينة قبل آلاف السنين.
وكما يقول الشاعر حسين القباحي، مدير بيت الشعر في الأقصر، فإن البيت نجح في تحقيق الأهداف التي أقيم من أجلها، وفي مقدمتها تأصيل دور الشعر والشعراء في الحركة الثقافية، وتمكّن من إيصال صوت الشعر إلى مختلف قطاعات المجتمع، وأسهم في توثيق الحركة الشعرية وتفاعل معها، وقدّم الكثير من الوجوه الجديدة للساحة الشعرية بمصر والعالم العربي.