شكوك في قدرة الجنوب الافريقي على مواجهة صعود الجهاديين

سيطرة داعش على ميناء استراتيجي في موزمبيق تطرح تحديات كبيرة محليا وعلى مستوى المنطقة بأكملها.
الجهاديون يشنون هجمات منذ 2015 في موزمبيق
قمة افتراضية لدول الجنوب الافريقي برئاسة موزمبيق
الميناء الخاضع للجهاديين مرتبط بأحد اكبر مشاريع الغاز في افريقيا

جوهانسبرغ - أثار الهجوم الذي سيطر خلاله جهاديون على ميناء استراتيجي في شمال موزمبيق الغنية بالغاز، تساؤلات بشأن الإمكانيات التي تتمتع بها دول إفريقيا الجنوبية في التعامل مع مثل هذه الحالات، وفق محللين.
وللمرة الثالثة هذا العام، هاجم جهاديون مرتبطون بتنظيم الدولة الإسلامية مدينة موكيمبوا دا برايا الصغيرة، ليسيطروا الأربعاء على مينائها الذي يحظى بأهمية استراتيجية في مشروع الغاز المسال الضخم في المنطقة، وهو أحد أكبر الاستثمارات في إفريقيا تشارك فيه خاصة مجموعة "توتال" الفرنسية.
وباتت محافظة كابو ديلغادو في أقصى شمال البلاد والمحاذية لتنزانيا هدفا لهجمات الجهاديين منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017 التي أوقعت أكثر من 1500 قتيل وأدت إلى نزوح 250 ألف شخص.
ولم تقر حكومة موزمبيق بوجود هؤلاء الجهاديين إلاّ في نيسان/ابريل 2020.
وتنعقد قمة افتراضية لزعماء دول "الجماعة التنموية للجنوب الإفريقي" الاثنين، ويأمل المحللون بأن يكون التهديد الجهادي في صلب اللقاء، لا سيما مع تولي موزمبيق الرئاسة الدورية للتكتّل.

التحرك العسكري الحكومي، بما في ذلك اللجوء إلى مرتزقة، لم يضع حدا للهجمات

ووفق معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا، يجب على هذه المنظمة "التعجيل بمساعدة موزمبيق في احتواء هذا التمرد العنيف"، وتمثل القمة في نظره "فرصة كبيرة لاتخاذ خطوات حاسمة للمساعدة في إنهاء الأزمة".
وفي أيار/مايو، وعد الفرع المكلف بالأمن في "الجماعة التنموية للجنوب الإفريقي" بمساعدة موزمبيق في التعامل مع التمرد الجهادي الذي يمثّل أحد أكبر التحديات في إفريقيا الجنوبية خلال الأعوام الأخيرة.
ويقدّر مدير مركز الديموقراطية والتنمية في موزمبيق أدريانو نوفونغا أن "الوقت حان لتدخل الجماعة التنموية للجنوب الإفريقي".
حتى الآن، لجأت موزمبيق إلى شركات أمنية خاصة في محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق في شمال البلاد، بينها شركتا "فاغنر" الروسية و"دايك أدفيزوري غروب" الجنوب إفريقية، وفق عدة مختصين في المسائل الأمنية.
لكن معهد الدراسات الأمنية يقول إن "التحرك العسكري الحكومي، بما في ذلك اللجوء إلى مرتزقة، لم يضع حدا للهجمات".
وخلال اجتماع تحضيري للقمة الإقليمية الخميس، أكدت وزيرة خارجية موزمبيق فيرونيكا ماكامو أنه "في حال لم يتم احتواء الإرهاب والتطرف العنيف، فإنه قد يتمدد" إلى كامل إفريقيا الجنوبية.
وأنشأت "الجماعة التنموية للجنوب الإفريقي" عام 2008 قوة تدخل عسكري نشرت آخر مرة في ليسوتو عام 2017 عقب مقتل قائد الجيش في هذه المملكة الصغيرة.
وفي حال أُرسلت القوة إلى موزمبيق، فستكون هذه أول مواجهة لها مع جهاديين.

موزمبيق لم تقر بوجود الجهاديين على أراضيها الا قبل اشهر قليلة

وقالت المحللة ياسمين أوبرمان لوكالة فرانس برس "لا يبدو أن الجماعة التنموية للجنوب الإفريقي تنوي حاليا الذهاب أبعد من التصريحات"، وشككت في القدرة العسكرية والمالية للمنظمة الإقليمية على إرسال قوات إلى محافظة كابو ديلغادو.
وتبدو جنوب إفريقيا التي تمثل قوة إقليمية بإمكانها إرسال قوات إلى جارتها موزمبيق منشغلة حاليا بتوظيف الجيش في فرض احترام التدابير الرامية لمكافحة فيروس كورونا المستجد على أراضيها.
وتشارك جنوب إفريقيا بما يصل إلى ألف عنصر عسكري في مهمة الأمم المتحدة شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وحتى في حال نشر قوات إقليمية في موزمبيق، فإن ذلك "لن يكون له الأثر المرجو"، إن لم تتم "على المدى القصير والمتوسط" معالجة ضعف التنمية والإحباط الذي يشعر به السكان، وهما عاملان يخدمان الجماعات الجهادية، وفق أوبرمان.
ويمثل كل هجوم على موكيمبوا دا برايا عائقا آخر أمام استكمال مشروع الغاز المسال الذي يقول خبراء إنه يمكن أن يحوّل هذا البلد الفقير إلى أحد أكبر مصدّري الغاز الطبيعي في العالم.
ويلعب الميناء دورا مهما في استكمال المشروع الذي يقع على مسافة نحو 60 كلم شماله، في شبه جزيرة أفونغي.