شهرة مرسومة بالغموض تحيط بفنان الشارع بانكسي

الغموض الذي يلف الفنان البريطاني مجهول الهوية زاد مع توسع شهرته على جدران في لندن وكاليه ونيويورك وغزة ومدن أخرى.
بانكسي يركز في رسوماته على مصير اللاجئين
بريستول مسقط رأس بانكسي تحافظ على سره الكبير
ميثاق الصمت بين بانكسي ومسقط رأسه ساهم في شهرته

بريستول (المملكة المتحدة) - قبل خمس سنوات زين فنان الشارع البريطاني بانكسي جدار مبنى حزين في بريستول برسم "فتاة بطبلة مثقوبة" فأصبح قبلة للمصورين في مسقط رأسه الذي يحمل بصماته في أماكن كثيرة.
أنجز الرسم في العام 2014 وهو يحاكي لوحة الرسام الهولندي الشهير فيرمير "الشابة واللؤلؤة" وقد استحالت حبة اللؤلؤ في رسمه جهاز إنذار سداسي الأضلاع.
ويستقطب هذا الرسم وهو من أجمل أعمال الفنان البريطاني المجهول الهوية مجموعة كبيرة من "صائدي الجدران" الذين يبحثون عن رسوم غرافيتي ويسارعون إلى بث صورهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وينتقل هؤلاء بعد ذلك إلى مكان آخر في المدينة الكبيرة في جنوب غرب إنكلترا، يقع على مسافة ربع ساعة ليقفوا أمام لوحة أخرى رئيسية لبانكسي بعنوان "ويل هانغ لوفر".
وقد لعب الفنان الموهوب على بيئة المدينة في هذا العمل، راسما على واجهة عيادة متخصصة بالمسائل الجنسية نافذة يدور عليها مشهد خارج من مسرحية هزلية بين امرأة وعشيقها وزوجها.
ويقول لوي (14 عاما) وهو تلميذ فرنسي في رحلة مدرسية إلى بريستول "هذه امرأة خانت زوجها والعشيق متدل من النافذة".

بانكسي
التمزق التلقائي لفتاة البالون لفت أنظار العالم

وتوقف لوي مع زملائه أمام الرسم مستمعين بانتباه إلى الدليل الذي يتحدث عن الغموض الذي يلف "ملك" فن الشارع. ويقول الدليل "لا نعرف هويته يقال إنه من بريستول والآن تباع رسومه بأسعار مرتفعة جدا".
وبالفعل لا يعرف الكثير عن بانكسي باستثناء أعماله التي جعلت منه أحد أشهر فناني جيله وهو بنى شهرته أيضا على الغموض الذي يكتنف هويته.
في أكتوبر/تشرين الأول 2018 تصدر بانكسي الأخبار عندما بيع أحد أعماله في مزاد في لندن وتمزق تلقائيا أمام أعين الحضور بفضل مقص مخفي في الإطار.
ويقال إن بانكسي ولد في بريستول العام 1974. وكان في سن المراهقة يتردد على برنامج تربوي يوفر لرسامي الغرافيتي الشباب إمكانية ممارسة هذا الفن من دون أن تلاحقهم الشرطة على ما يروي جون نايشن الذي يلقب "عراب" فن الشارع في بريستول.
وهو قال لهافينغتون بوست "كان يأتي وينظر إلى الناس يرسمون. وكان يهتم كثيرا لثقافة الهيب هوب والغرافيتي".
ويرجح أن يكون بانكسي انضم بعد ذلك إلى مجموعة "درايبريدزي كروط لفناني الشارع في مطلع التسعينات وانغمس في أوساط ثقافية نشطة تغذيها فرق رائدة في موسيقى "تريب هوب" مثل "ماسيف أتاك" و"بورتيشيد".

بانكسي مثل سانتا كلوز فكما لا تحبون أن يقال لأطفالكم إنه غير موجود أنتم لا تحبون أن يقال لكم: هذا بانكسي

في العام 2001، رافق الفنان على ما يبدو فريق "ايستون كاوبويز" الهاوي لكرة القدم في بريستول خلال جولة في المكسيك حيث كان يلعب في مركز حارس المرمى وخاض مباريات ضد أفراد من المليشيات الزاباتية… مستغلا الفرصة ليرسم على بعض الجدران ممررا رسائل احتجاجية يبرع بها.
وزاد الغموض الذي يلف بانكسي بعد ذلك مع توسع شهرته وهو راح يرسم على جدران في لندن وكاليه ونيويورك وغزة ومدن أخرى منددا بالنزعة الاستهلاكية تارة وبمصير اللاجئين تارة أخرى. لكنه لم ينس بريستول أبدا التي يزورها بانتظام لتوقيع أعمال جديدة.
وفي غضون عقدين ساهم بانكسي في جعل هذه المدينة البالغ عدد سكانها 460 ألف شخص والتي يمر بها نهر آيفون، إحدى عواصم فن الشارع العالمية ممهدا الطريق أمام نحو 150 فنانا يعملون فيها راهنا.
ويقول البريطاني جودي توماس الذي تزين أعماله بعضا من جدران بريستول "شعبيته وبروزه ساهما في قبول فن الشارع" الذي غالبا ما كان يعتبر سريا وفوضويا.

بانكسي
قضايا عالمية تشغل بال ملك فن الشارع

وتبرز العلاقة بين فن الشارع وهذه المدينة بمجرد التنزه في أرجائها.
فتنتشر في حي بدمينستر رسوم جدارية تكاد تكون متحفا في الهواء الطلق.
في ستوكس كروفت رسم بانكسي بين متاجر لبيع الأسطوانات ومطاعم الفلافل لوحة "مايلد مايلد ويست" مع دب قماشي في مواجهة مع شرطة مكافحة الشغب في تحية إلى الحركات الاحتجاجية التي يدعمها الفنان والمدينة.
ويوضح روب دين من منظمة "وير ذي وول"، أن بريستول "لطالما كان يتملكها شعور كبير بالاستقلال" وفكرة "أنه لا ينبغي أن نقوم بالأشياء كما الآخرين".
وترد بريستول الجميل لبانكسي لما قدمه لها من خلال المحافظة على سره كما لو أنه أبرم ميثاق صمت مع سكانها.
ويوضح ستيف هايلز صاحب صالة "أبفيست غاليري" الرئيسية لفن الشارع في بريستول "كادت هويته تكشف في مراحل عدة إلا أن بعض الأشخاص اتخذوا إجراءات حتى لا يحصل ذلك".
ويضيف "بانكسي مثل سانتا كلوز فكما لا تحبون أن يقال لأطفالكم إنه غير موجود أنتم لا تحبون أن يقال لكم: هذا بانكسي" لذا يستمر قانون الصمت.