صاحب نوبل السلام يمكنه خوض الحرب في سبيل سد النهضة

آبي أحمد يؤكد على أنه لا توجد قوة يمكنها منع إثيوبيا من بناء‎ سد النهضة قبل يوم من لقاء سيجمعه بالرئيس المصري في روسيا.

أديس أبابا - حذر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، من عرقلة جهود بلاده في مواصلة بناء سد النهضة لأن ذلك سيضطرها لخوض حرب لا تريدها، في إشارة إلى تعثر المفاوضات مع مصر بخصوص المشروع المتنازع عليه.

ونقلت إذاعة "فانا" المحلية عن آبي أحمد خلال رده على أسئلة نواب بالبرلمان الإثيوبي قوله إنه "لا توجد قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء سد النهضة".
وأضاف آبي أحمد في أول تصريح إعلامي له منذ إعلان اللجنة النرويجية في أوسلو يوم 11 أكتوبر الجاري فوزه بجائزة نوبل للسلام، أنه "إذا كانت هناك حاجة للحرب مع مصر بسبب سد النهضة فنحن مستعدون لحشد ملايين الأشخاص"، لكنه استدرك قائلا إن " المفاوضات هي التي يمكن أن تحل الجمود الحالي".
وشدد رئيس الوزراء الإثيوبي على أن بلاده "ستواصل بناءه بغض النظر عن المخاوف التي لا أساس لها".

وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55 مليار متر مكعب، فيما تحصل السودان على 18.5 مليار.‎
وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء في الأساس.
وقال آبي إنه "لا نية لحكومة إثيوبيا لإيذاء شعبي وحكومتي السودان ومصر"، داعيا إلى ضرورة أن "ينصب تركيزنا على وضع اللمسات الأخيرة على السد وفقا للجدول الزمني المحدد".
وأوضح آبي أن "شعب وحكومة مصر سيستفيدان إذا ما قدموا مباشرة الدعم لاستراتيجية التنمية الخضراء في إثيوبيا".

وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي قبل يوم من لقاء من المنتظر أن يجمعه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال القمة الروسية-الإفريقية، التي ستعقد في سوتشي يومي 23 و 24 أكتوبر الجاري.

والإثنين، أعلن الرئيس المصري أن بلاده تبذل مساعٍ حثيثة ومتوازنة للخروج من تعثر مفاوضات بشأن مشروع السد، وكان من المتوقع أن يطرح موضوع طلب وساطة دولية في المفاوضات خلال لقاء سوتشي.

ومؤخرًا، قالت وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، في بيان، إن "اقتراح مصر الجديد لسد النهضة أصبح نقطة خلاف بين البلدين"، وفق الوكالة الإثيوبية الرسمية للأنباء.

وأوضح البيان، أن "مصر اقترحت إطلاق 40 مليار متر مكعب من المياه كل عام، وإطلاق المزيد من المياه عندما يكون ارتفاع السد العالي (جنوبي مصر) في حدود 165 مترًا فوق مستوى سطح البحر، ودعت طرفًا رابعا في المناقشات بين الدول الثلاث (إثيوبيا ومصر بالإضافة إلى السودان)".

ولم تكشف إثيوبيا من جهتها عن كمية المياه التي تريد تخزينها أو إطلاقها كل عام من السد، لكن المؤكد أنها لا تلقى قبولًا من القاهرة.

ووصف وكيل أول لجنة الدفاع والأمن القومي المصري في البرلمان ممدوح مقلد تصريحات آبي بـ"الدعائية"، قائلا إن "هدفها محاولة لجعل الشعب الإثيوبي يلتف حول قيادته السياسية"، في إشارة لمعارضي رئيس الوزراء الإثيوبي.

وأكد مقلد أن مصر لم تعلن أن لديها نية لمحاربة إثيوبيا، موضحا "لن نصمت إذا منعت إثيوبيا المياه عن مصر، سنفوض الرئيس لخوض الحرب، ولكن لا نأمل أن تصل الأمور لهذا الحد".

إثيوبيا لم تكشف عن كمية المياه التي تريد تخزينها أو إطلاقها كل عام من السد
إثيوبيا لم تكشف عن كمية المياه التي تريد تخزينها أو إطلاقها كل عام من السد

وتوقع محللان سياسيان مصري وإثيوبي فشل الجهود المصرية لدفع إثيوبيا للموافقة على قبول تدخل وسيط من الخارج، وهو ما تؤكده تصريحات آبي أمام البرلمان.

وأوضح المحللان إن الجانب الإثيوبي يصر قصر المحادثات على مستوى وزراء الري وعدم رفعها لمستوى رؤساء الدول.

وقال يعقوب أرسانو، أستاذ السياسات المائية في جامعة أديس أبابا "مصر ترغب بالتأكيد في تناول الأمر على مستوى رؤساء الحكومات والدول، وهو ما يعني على أعلى مستوى بين الدول الثلاث. لكنني أعتقد أن الطرف الإثيوبي، في هذه الحالة آبي أحمد، لن يتخذ هذا الخيار لأن نصيحة إثيوبيا في هذه العملية هي أنه من الأفضل بكثير إتمام الإمكانيات التقنية لملء وتشغيل العملية بدلا من أخذها إلى المستوى السياسي، هذا ما سيقترحه آبي على السيسي".

ولا يتوقع أرسانو حدوث انفراج في المحادثات بين البلدين وأضاف "حسنًا، أتصور أن السبيل الوحيد للعملية هو أن نفهم الوسائل، والجدول الزمني، وكمية المياه المراد ضخها في السد الجاري استكماله الآن في إثيوبيا. إنها مسألة فنية".

وتعتمد مصر على استخدام الدبلوماسية للضغط على إثيوبيا من أجل الاتفاق على شروط أفضل لعملية ملء خزان السد بمرونة وضمان تدفق سنوي قدره 40 مليار متر مكعب من الماء، وهي مطالب سبق لإثيوبيا رفضتها.

وقال مسؤولون مصريون إنهم اقترحوا البنك الدولي كوسيط طرف رابع، لكنهم أيضا مستعدون على أن تقوم بهذا الدور دولة ذات خبرة فنية في قضايا تقسيم المياه مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

ويرى مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة أن الخيارات أصبحت محدودة أمام مصر لا سيما مع بناء جزء كبير من السد.

وقال "في الحقيقة ليس هناك ما يدعو إلى التوقع بأن هناك جديدا سوف يطرأ في اللقاء المرتقب بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي، لأنه فيما يبدو أن الحكومة الإثيوبية ترفض تدخل أطراف ثالثة باعتبار أن النزاع حول ذلك، سد النهضة، هو نزاع فني وليس نزاعاً سياسياً. ومن ثم فليس من المقبول بالنسبة للحكومة الأثيوبية أن تتدخل أطراف أخرى".

وأضاف "اللقاء بين السيسي وآبي يتم على هامش القمة الأفريقية الروسية، ومن ثم فهو ليس لقاء خاص وإنما يتم على هامش هذه القمة. وبالتالي لا أتصور أنه كانت هناك جهود روسية بُذلت لإقناع رئيس الوزراء الأثيوبي بإبداء بعض المرونة".

وأوضح السيد أنه يرى أن من الضروري أن تركز المحادثات على قواعد تشغيل السد وملء خزانه. وقال "أتمنى أن تسفر (الجهود الدبلوماسية المصرية) عن قدر من المرونة من جانب أثيوبيا لأن ما تطلبه مصر ليس وقف بناء السد، إنما التمهل في بنائه. ربما هذا أصبح متأخرا الآن لأنه فيما يقال أن جانب كبير من السد تم بناؤه بالفعل، إنما يمكن التفكير في قواعد تشغيل السد وقواعد ملء البحيرة".

ومعلوم أن مصر تستمد كل إمداداتها من المياه العذبة تقريبا من نهر النيل وتواجه ندرة متفاقمة في المياه اللازمة لسكانها البالغ عددهم زهاء 100 مليون نسمة.

وتقول إنها تعمل على خفض كمية المياه التي تُستخدم في الزراعة.

وتقوم إثيوبيا منذ عام 2012 بتنفيذ مشروع واسع النطاق يطلق عليه اسم "سد النهضة الكبير" على نهر النيل الأزرق، الذي سيؤدي تشييده وفقا للخبراء إلى نقص المياه في السودان ومصر اللتين يمر بهما مجرى نهر النيل كدولتي مصب .