صدر أردوغان يضيق من حرية الإعلام في فرنسا

الرئاسة التركية تقدم للنيابة العامة في أنقرة، شكوى تتألف من 11 صفحة على نشر مجلة لوبوان الفرنسية مادة إعلامية اعتبرها اردوغان مسيئة.

أنقرة - يبدو ان ضيق صدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحرية التعبير وحرية الصحافة بدات تتعمق حيث تجاوز قمعه للإعلام المحلي الى محاولة قمع الإعلام الأجنبي بعد انتقاده لسياسات اردوغان في المنطقة والتي ادت الى توتير الأوضاع.
وقدم اردوغان الجمعة، عبر محاميه شكوى ضد مجلة لوبوان الفرنسية على خلفية وضع صورته على غلاف المجلة حيث كتب عليها عنوان بالبنط العريض "الدكتاتور الماكر" وهو ما اعتبره الرئيس التركي إساءة له.
وحاولت الرئاسة التركية تبرير موقفها الرافض لحرية الإعلام عبر ادانة صورة في المجلة الفرنسية بعد ان اعتبرتها انها مسيئة للرئيس.

وذكرت مصادر في الرئاسة التركية، أن حسين أيدن محامي الرئيس أردوغان، قدّم للنيابة العامة في أنقرة، شكوى تتألف من 11 صفحة، على نشر المجلة الفرنسية صورة لأردوغان على غلافها تتضمن عبارات باللغة الفرنسية اعتبرها اردوغان مسيئة.
وأوضحت المصادر أن الشكوى قُدمت ضد مدير النشر في مجلة لوبوان، اتيان غيرنيل، والكاتب رومان جوبيرت، وذلك لارتكابهما جريمة "الإساءة لرئيس الجمهورية" بموجب المادة 299 من قانون العقوبات التركي رقم 5237.
وأكدت وثيقة الشكوى أن العبارات المستخدمة في غلاف المجلة ضد أردوغان "لا يمكن تقييمها في أُطر حرية التعبير، والرأي السياسي" موضحة أن المجلة استخدمت عبارات مسيئة تنال من شرف واحترام أردوغان.
لكن مراقبين يرون ان الرئيس التركي او المحيطين به ليسوا مخولين لتحديد ما يجب ان ينشر او لا ينشر في الصحف الفرنسية المعروفة بانتقاداتها اللاذعة للسياسيين سواء في فرنسا او في الخارج.
وليست هذه المرة الأولى التي تنتقد فيها لوبوان سياسات اردوغان حيث نشرت في مقال سابق في مايو/ايار صورة لاردوغان كتب عليه باللغة الفرنسية " الدكتاتور".
وكانت الصحيفة عبرت حينها عن تعرضها لمضايقات من أنصار اردوغان في فرنسا وصلت الى حد الترهيب.
وقالت المجلة "بعد أسبوع من المضايقات والشتائم والترهيب والاهانات المعادية للسامية والتهديدات التي وجهت إلينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ها هم أنصار حزب العدالة والتنمية (حزب الرئيس التركي) يهاجمون رموز حرية التعبير وتعددية الصحافة".

وتتخوف المجلة من عودة هذه المضايقات بسبب المقال الجديد.
واثار الرئيس التركي انتقادات دولية اوروبية وعداء الإعلام الاجنبي بسبب العملية العسكرية التي تستهدف الاكراد في سوريا وتصعيده في شرق المتوسط بإصراره على خطط التنقيب على النفط اضافة الى استمراره في قمع المعارضة داخليا.
وحاول اردوغان التغطية على سياسته الاستبدادية وذلك بقمع الصحافة المحلية حيث تعرضت صحيفة " جمهورييت" المعارضة الى ملاحقات قضائية انتهت بتبرئة خمسة صحفيين في سبتمبرا/ايلول اتهموا بمساعدة جماعات ارهابية وهي التهم الجاهزة التي يرميها النظام التركي في وجه كل المعارضين لتوجهاته.
و"المدانون" الخمسة كانوا بين 14 موظفا سابقا في جمهورييت من صحافيين ومدراء صدرت بحقهم أحكام عام 2018 ورفضت محاكم ابتدائية الاستئناف الذي تقدموا به في وقت سابق هذا العام.
وهؤلاء الصحفيين اتهموا بدعم تنظيمات من خلال تغطيتهم تعتبرها تركيا إرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني وجبهة التحرير الشعبية الثورية وحركة غولن المتهمة بتدبير الانقلاب الفاشل عام 2016.
وأثارت هذه القضية انتقادات حول حرية الصحافة في تركيا. وصحيفة جمهورييت التي تأسست عام 1924 وتعد أقدم يومية في تركيا هي الوحيدة التي لا يملكها أثرياء بل مؤسسة خاصة.
ولطالما واجهت الصحيفة متاعب من قبل السلطات، حيث اضطر رئيس تحريرها جان دوندار إلى الهرب إلى ألمانيا بعد صدور حكم ضده عام 2016 بسبب مقالة تبرز أن تركيا زودت جماعات إسلامية في سوريا بالأسلحة.
وكان النظام التركي تورط في حملة قمع ضد منتقدي العملية العسكرية في سوريا وهو ما اعاد الى الاذهان ما قامت به الشرطة التركية خلال العملية العسكرية على بلدة عفرين السورية مطلع عام 2018، عندما جرى توقيف المئات.