صراع روسي إيراني على النفوذ وعقود إعمار سوريا

سوريا تمثل بالنسبة لطهران وموسكو هدفا جيوسياسيا وجغراستراتيجيا، فكل منهما تعمل على تعزيز تمددها وتوسعها في الشرق الأوسط من البوابة السورية.

الأسد يكافئ إيران بعقد لإعادة بناء شبكة الكهرباء
إيران تجني اقتصاديا ثمار دعمها للأسد
موسكو وطهران تنظران لعقود إعادة اعمار سوريا كغنيمة حرب

طهران - فتحت عقود إعادة اعمار  سوريا مبكرا الباب أمام صراع روسي إيراني في الساحة السورية على المصالح والنفوذ وهي حرب صامتة إلى حدّ الآن طالما أن الصراع لم ينته بعد، لكن كل منهما بات ينتظر جني ثمار دعمه للنظام السوري وبات ينظر لتلك العقود على أنها غنيمة حرب.

وتقول بعض القراءات إن حالة الوفاق التي يظهرها داعما نظام الرئيس السوريبشار الأسد، أي طهران وموسكو، لا تحجب في المقابل حالة من الصراع بينهما على مكاسب جيوسياسية واقتصادية، فالتدخل الروسي الإيراني في الحرب السورية منح كل منهما هامشا واسعا للتحرك وتوسيع نفوذه، فإيران التي طالما بحثت عن منفذ يعزز تغلغلها في المنطقة لم تجد أفضل من الساحة السورية لتنفيذ أجندتها وأيضا لتحصيل مكاسب اقتصادية نظير دعمها للأسد وكذلك فعلت روسيا التي أتاح تدخلها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحقيق هدفه بايجاد موطئ قدم ثابت في الشرق الأوسط قطع مع هيمنة الولايات المتحدة على هذه المنطقة الاستراتيجية، بينما لم ينتظر في المقابل أن يجني ثمار دعمه اقتصاديا أيضا.

ووقعت دمشق وطهران اليوم السبت اتفاقا مبدئيا تقوم بموجبه الأخيرة بإعادة بناء شبكة الكهرباء في سوريا التي دمرتها سنوات من الحرب الأهلية، فيما يعتبر الاتفاق مكافأة من النظام السوري لإيران على دعمها الذي ساهم إلى جانب دعم حزب الله وروسيا في ترجيح كفة الحرب لصالح الأسد بعد أن كان نظامه على وشك السقوط.

دمشق وطهران توقعان اتفاقا يمنح إيران أحقية اعادة بناء شبكة الكهرباء التي تضررت كثيرا من الحرب
دمشق وطهران توقعان اتفاقا يمنح إيران أحقية اعادة بناء شبكة الكهرباء التي تضررت كثيرا من الحرب

لكن العقود التي حصلت عليها إيران ضمن خطط إعادة اعمار سوريا لا تقارن بتلك التي حصلت عليها روسيا وسط أنباء عن صراع روسي إيراني على النفوذ وعلى مشاريع اعادة الاعمار والتي تقدر بمئات مليارات الدولارات.

وتسعى طهران لتعميق دورها الاقتصادي في سوريا بعد أعوام من الحرب الأهلية هناك وهو ما تعمل عليه روسيا أيضا.

وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء أن وزيري الكهرباء في البلدين وقعا مذكرة تفاهم في طهران تشمل تشييد محطات كهرباء وخطوط نقل وتقليص الخسائر في شبكة الكهرباء السورية وإمكانية ربط شبكة الكهرباء بالبلدين عبر العراق.

ولم يذكر التقرير قيمة الاتفاق، فيما نقلت الوكالة عن وزير الكهرباء السوري محمد زهير خربوطلي قوله إن شبكة الكهرباء السورية تعرضت لتلفيات بنسبة 50 بالمئة، مضيفا أن "دور إيران مهم" في إعادة بنائها.

وتتطلع الحكومة السورية إلى أن تلعب البلدان الصديقة مثل إيران وروسيا والصين دورا رئيسيا في إعادة إعمار البلاد مع قرب دخول الحرب الأهلية عامها التاسع.

ومنذ 2012 على الأقل تقدم إيران دعما عسكريا مهما لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد مما ساعد نظامه في استعادة السيطرة على أنحاء من البلاد. ويقول خبراء إيرانيون إن طهران تأمل الآن أن تحصد مكاسب مالية.

العقود التي حصلت عليها إيران ضمن خطط إعادة اعمار سوريا لا تقارن بتلك التي حصلت عليها روسيا وسط أنباء عن صراع روسي إيراني على النفوذ وعلى مشاريع إعادة الاعمار التي تقدر بمئات مليارات الدولارات

وكان النظام السوري قد أعلن أن مشاريع إعادة اعمار سوريا ستكون من نصيب الدول التي دعمته في الحرب، وهو إعلان فسّر حينها بأنه مكافأة من الأسد لحليفتيه طهران وموسكو على ما قدمتاه له من دعم خلال سنوات الحرب الماضية.

لكن موسكو وطهران تبحثان بشكل استباقي تأمين مصالحهما وتعزيز تواجدهما في الساحة السورية، حيث تنظر كل منهما لعقود إعادة الاعمار كغنيمة حرب وأنهما الأولى بها جزاء لدورهما في إنقاذ النظام السوري من السقوط.

ولم تخف لا موسكو ولا طهران أنه لولا الدور الذي لعبتاه على مدار ثماني سنوات من الصراع، لما أمكن للأسد الصمود طوال هذه الفترة.

وتمثل سوريا بالنسبة لطهران وموسكو هدفا جيوسياسيا وجغراستراتيجيا، فكل منهما تعمل على تعزيز تمددها وتوسعها في الشرق الأوسط من البوابة السورية.

وإلى حدّ الآن نجحت روسيا في انتزاع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية تقول دمشق إنها نتاج مفاوضات سابقة، إلا أن محتوى تلك الاتفاقيات يشير إلى أن موسكو ارتهنت بالفعل السيادة السورية، فبعض الاتفاقيات العسكرية المتعلقة بإدارة ميناء طرطوس وقاعدة حميميم العسكرية الجوية أسست بالفعل لتواجد عسكري روسي دائم في المنطقة ولا تملك دمشق حتى القدرة على محاسبة الجنود الروس في حال انتهكوا قوانينها.