صراع على السلطة بالجزائر يطيح باثنين من قادة الجيش

الرئيس الجزائري يقيل اثنين من كبار قادة الجيش في أحدث سلسلة اقالات بالمؤسسة العسكرية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 2019 ووسط تكهنات بوجود صراع على السلطة بين النخبة السياسية والعسكرية.

تساؤلات حول قرارات إقالة كبار الجنرالات بالجزائر وتوقيتاتها
حالة بوتفليقة الصيحة ترخي بظلالها على المشهد السياسي
تغييرات جديدة في هيكلة المؤسسة العسكرية بالجزائر

الجزائر - قالت الرئاسة الجزائرية إن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة القائد العام للقوات المسلحة عزل اليوم الجمعة اثنين من كبار قادة الجيش ليجري تغييرا جديدا في هيكل السلطة بالبلاد قبل انتخابات الرئاسة التي تجري العام القادم والتي لم يعلن بوتفليقة رسميا الترشح لخوضها.

وكان اللواء سعيد باي قائدا للناحية العسكرية الثانية بينما كان اللواء لحبيب شنتوف قائدا للناحية العسكرية الأولى قبل قرار عزلهما.

وتنقسم الجزائر وهي واحدة من موردي الغاز الرئيسيين لأوروبا إلى ست مناطق عسكرية.

ولم يكشف بيان أصدرته الرئاسة عن سبب عزلهما الذي جاء بعد شهرين من إقالة بوتفليقة للمدير العام للأمن الوطني عبدالغني هامل.

لكن قرار إقالة هامل جاء بعد أن كشف عن وجود فساد في المؤسسة الأمنية.

اللواء لحبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى المقال
اللواء لحبيب شنتوف واحد من كبار قادة الجيش

كما أقال في يونيو/حزيران مناد نوبا الذي كان مسؤولا عن قوات الدرك وهي وحدة أمنية منفصلة تابعة للجيش.

ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية سببا للإقالات في ذلك الحين، لكنها أثارت تكهنات مراقبين ووسائل إعلام محلية بوجود صراعات على السلطة بين النخبة السياسية والعسكرية والتجارية التي يلفها الغموض قبل انتخابات الرئاسة التي تجري في 2019.

وكان حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم منذ الاستقلال قد دعا بوتفليقة الذي يجلس على مقعد متحرك ونادرا ما يظهر في العلن منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013، ليخوض الانتخابات لولاية رئاسية خامسة.

ولم يعلن الرئيس الذي يقود الجزائر منذ 1999 ما إذا كان سيخوض الانتخابات، وسط غموض حول حالته الصحية ما دفع المعارضة مرارا للمطالبة بتفعيل بند دستوري يتعلق بالشغور في منصب رئاسة الجمهورية.

وذكر البيان الرئاسي اليوم الجمعة أن اللواء علي سيدان الذي كان مديرا للأكاديمية العسكرية في شرشال سيحل محل شنتوف أما اللواء مفتاح صواب الذي كان قائدا للناحية العسكرية السادسة فيحل محل باي.

اللواء سعيد باي قائد الناحية العسكرية الثانية المقال من منصبه
اللواء سعيد باي من كبار قادة الجيش الجزائري

وأنهى بوتفليقة تدخل ونفوذ الجيش في السياسة منذ أن أقال في سبتمبر/ايلول 2015 مدير المخابرات العامة الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق والذي كان يعتقد أنه الحاكم الفعلي للجزائر من وراء ستار.

ويعرف الجنرال توفيق أيضا بأنه صانع الرؤساء في الجزائر وكان يتمتع بنفوذ واسع، لكن قرار إقالته أنهى عقودا من التكهنات السرية والعلنية حول دوره في رسم خارطة المشهد السياسي الجزائري.

وترددت أنباء في السابق عن صراع بين أجنحة السلطة وتفاقمت مع الغموض الذي رافق الوضع الصحي للرئيس الجزائري منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013 وإقامته لفترة طويلة في مستشفى عسكري فرنسي وغيابه لاحقا عن الظهور في المناسبات الرسمية على خلاف العادة.

ويتردد بوتفليقة من حين إلى آخر على فرنسا لإجراء فحوص دورية تقول مصادر رسمية إنها روتينية.

وما فاقم التكهنات حول الوضع الصحي للرئيس الجزائري حرص الدائرة المقربة منه على إحاطتها بغموض شديد.

وكان عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في الجزائر)، أعلن عن إطلاق مبادرة للتوافق الوطني لإخراج البلاد مما يسميها أزمات متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية وشرع في عرضها على الأحزاب.

ودعا مقري في عدة تصريحات المؤسسة العسكرية إلى لعب دور الضامن لنجاح ما يسميه انتقالا سلسا وديمقراطيا في البلاد بشكل أثار جدلا في أوساط الطبقة السياسية التي تستعد لانتخابات الرئاسة المقررة في ربيع 2019.

وحسب قايد صالح، فإن دعوة الجيش أصبحت "من السنن غير الحميدة ومن الغريب وغير المعقول بل وحتى غير المقبول انتشارها، مع اقتراب كل استحقاق انتخابي".

وشدد على أنه "لا وصاية على الجيش، فهو يتلقى توجيهاته من جانب رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني (عبدالعزيز بوتفليقة)".

كما بيّن أن "الجيش لا ولن يتسامح مع أي تجاوز قد يؤدي إلى الفوضى التي قد يفكر في زرعها بعض الأطراف الذين هم على استعداد لتعريض الجزائر للخطر من أجل مصالحهم الشخصية الضيقة".

الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الجزائري نائب وزير الدفاع
قايد صالح حذر في تصريحات سابقة من اقحام الجيش في الصراعات السياسية

ويأتي عزل قائدي الناحية العسكرية الأولى والثانية بعد أسابيع من تحذير المؤسسة العسكرية من اقحامها في الصراعات السياسية، نائية بنفسها عن دعوات حزبية لمباركة انتقالا ديمقراطيا في البلاد.

وفي يوليو/تموز، قال الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الجزائري قال إن المؤسسة العسكرية تعرف حدود مهامها الدستورية ولا يمكن إقحامها في صراعات سياسية.

وتصريحات قايد صالح هي أول رد من قائد الأركان ومسؤول عسكري رفيع على دعوة من حزب إسلامي لمباركة ما أسماه "انتقالا ديمقراطيا" في البلاد.

وأوضح أن "الجيش الوطني الشعبي يعرف حدوده، بل ونطاق مهامه الدستورية والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إقحامه في المتاهات الحزبية والسياسية والزج به في صراعات، لا ناقة له فيها ولا جمل".

وتعهد بـ"التصدي بكل قوة وصرامة لكل من يسمح لنفسه بتعريض وطن الشهداء للفوضى ولمكر الماكرين ولعب اللاعبين"، من دون تسميتهم.

عزل قائدي الناحية العسكرية الأولى والثانية يأتي بعد أسابيع من تحذير المؤسسة العسكرية من إقحامها في الصراعات السياسية

وتعد هذه اللهجة الشديدة من قائد أركان الجيش والذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع، غير مسبوقة في خطابات المؤسسة العسكرية في الجزائر.

وجاءت في مرحلة تستعد فيها البلاد لبداية سباق انتخابات الرئاسة المقرر العام القادم.

وعادة ما تشهد الجزائر تجاذبات حادة في الساحة السياسية بمناسبة الانتخابات وخاصة الاقتراع الرئاسي الذي يعد أهم محطة سياسية في البلاد بحكم الصلاحيات الواسعة لرئيس البلاد.

ودخلت الولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة (81 سنة)، عامها الأخير، إذ وصل الحكم في 1999 ومن المرجح أن تنظم انتخابات الرئاسة المقبلة في أبريل/نيسان أو مايو/آيار 2019.

ولم يعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حتى اليوم موقفه من دعوات لترشحه لولاية خامسة أطلقتها أحزاب الائتلاف الحاكم ومنظمات موالية، في وقت تدعوه أحزاب وشخصيات معارضة إلى التنحي بمناسبة هذه الانتخابات بسبب وضعه الصحي الصعب.