صراع في حزب بوتفليقة يطيح بالرجل الثالث في الدولة

المشهد السياسي الجزائري يغرق في المزيد من الغموض مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وسط صراع بين أجنحة السلطة وسباق لتأمين مواقع النفوذ في ظل مرض الرئيس بوتفليقة وخلافات صامتة حول من سيخلفه رغم إعلان الحزب الحاكم دعمه لترشح الرئيس لولاية رئاسية خامسة.

بوحجة يعد الرجل الثالث في الدولة بعد الرئيس ورئيس الحكومة
استقالة بوحجة تحت الضغط تعبد الطريق لخلافة بوتفليقة
غضب في حزب بوتفليقة ينهي مهام رئيس البرلمان
من سيخلف بوحجة بعد استقالته؟

الجزائر - قالت صحيفة النهار الجزائرية المقربة من السلطة اليوم الجمعة، إن رئيس البرلمان سعيد بوحجة استقال "رسميا من منصبه".

ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمه قوله إن مجموعة برلمانية وقعت لرحيل بوحجة الرجل الثالث في الدولة (حسب التسلسل الدستوري) من على رأس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان).

وكانت الصحيفة تشير إلى نواب حزب جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم منذ الاستقلال والذي ينتمي له بوحجة.

وأضافت "النهار" أن القرار يأتي بعد الجدل الذي وقع على خلفية إقالة بوحجة للأمين العام للمجلس بشير سليماني قبل أيام، ما أدخله في مواجهة مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس

وانتخب بوحجة في العام 2017 رئيسا خلفا للعربي ولد خليفة وكان يفترض أن يظل في منصبه حتى العام 2021 إلا أن نزاع المصالح وتداخل في الصلاحيات بين رئاسة البرلمان ومؤسسة الرئاسة عجّل على ما يبدو برحيله.

وتشير مصادر جزائرية إلى أن إقالة الأمين العام للمجلس بشير سليماني من اختصاصات الرئاسة وأن بوحجة يكون قد عبر خطا أحمر باتخاذه قرار إقالة سليماني.

لكن رئيس المجلس الشعبي المستقيل أو المقال سبق أن أكد ولاءه للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والتزامه بقراراته، نافيا في الوقت ذاته عزمه الاستقالة بعد أن قرر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني (جمال ولد عباس) عقد جلسة طارئة مع الكتلة البرلمانية للجبهة لبحث سحب الثقة من بوحجة.

سعيد بوحجة رئيس البرلمان المستقيل في مؤتمر صحفي سابق مع الأمين العام لجبهة التحرير جمال ولد عباس
جمال ولد عباس دفع بشدة لابعاد بوحجة من رئاسة البرلمان

ورغم حالة الغموض المربك في المشهد الجزائري، فإن الأمر قد لا يخرج عن سياق تصفية الحسابات والمصالح الضيقة داخل حزب بوتفليقة قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2019.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن الدائرة المحيطة بالرئيس بدأت حملة تطهير داخلي للخصوم حتى وإن كانوا من أعضاء الحزب الحاكم أو من قادة الجيش والأمن، في خطوات تمهد لتعبيد طريق الرئاسة لمن سيتم اختياره خلفا لبوتفليقة الذي لم يعلن ترشحه رسميا والذي يعاني من تبعات جلطة دماغية منذ 2013.

ورغم إعلان ولد عباس في السابق أن الحزب الحاكم يدعم ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة إذا سمحت له ظروفه الصحية بذلك، فإن مقربين من أوساط الرئاسة يستبعدون هذا السيناريو، مشيرين إلى أن الرئيس ليس إلا واجهة لنخبة حاكمة وأن ما يجري حاليا في الكواليس هو تمهيد لترشيح خليفة لبوتفليقة.

واللافت أن استقالة بوحجة جاءت بعد يوم واحد من تأكيده البقاء في منصبه قائلا "قضية سحب الثقة مني لم تكن مدرجة في جدول أعمال المجلس"، مجددا في نفس الوقت التزامه بقرارات الرئيس بوتفليقة.

ووفق مصادر جزائرية "تعد الاستقالة تحصيل حاصل بعد أن فقد الرجل الثالث في الدولة ثقة نواب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم ونواب الأغلبية الرئاسية".

وحسب الدستور والقانون الداخلي للمجلس لا توجد مادة تنص على سحب الثقة من رئيسه وتنحصر عملية تغييره في الوفاة أو الاستقالة.

ووفق مصادر برلمانية اجتمع الخميس قرابة 300 نائب من الموالاة من أجل توقيع عريضة لإعلان رفض استمرار بوحجة في منصبه وهو إجراء شكلي من أجل زيادة الضغوط عليه لتقديم استقالته.

الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يعاني من اثار جلطة دماغية منذ 2013 ابعدته عن الأضواء
ترتيبات في الكواليس لخلافة بوتفليقة

ويبقى القرار الأخير في قبول الاستقالة بيد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة باعتباره أيضا رئيسا للحزب الحاكم.

وظهرت بوادر هذا الصراع الأربعاء عندما عقد الأمين العام للحزب الحاكم جمال ولد عباس اجتماعا مغلقا وصف بـ"الطارئ" مع نواب حزبه بالبرلمان.

وحسب المعلومات التي تسربت كان أهم موضوع في الاجتماع هو غضب داخل المجموعة البرلمانية للحزب الحاكم من قرار رئيس المجلس سعيد بوحجة بإقالة سليماني بشير الأمين العام للهيئة نفسها والمنتمي أيضا للحزب الحاكم.

وكان بوحجة قال للصحفيين بمقر البرلمان إن "موضوع إقالتي لم يكن مدرجا في اجتماع قيادة الحزب مع النواب أمس (الخميس) لا وجود لخلافات بيننا".

والأحد الماضي، قال بيان للمجلس الشعبي الوطني إن "رئيس المجلس أنهى مهام سليماني بشير أمين العام المجلس عملا بالنظام الداخلي للمجلس وطبقا للتعليمة (الأمر) المحددة للوظائف السامية" دون تقديم تفاصيل أكثر حول الأسباب.

وأفادت تسريبات من داخل المجلس تداولتها وسائل إعلام محلية أن السبب يعود إلى خلافات في التسيير بين الرجلين، لكن القرار خلف غضبا داخل الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم التي احتجت على القرار ودعت الرئيس إلى التراجع عنه.