صفقة تسلح جديدة تعكس سعي ترامب لتعزيز العلاقات مع السعودية

ادارة ترامب تصادق على صفقة بقيمة 3.5 مليارات دولار تشمل شراء ألف صاروخ جو-جو متوسط المدى من طراز 'آيه آي أم-120' في خضم تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران على خلفية الملف النووي.

واشنطن - أعلنت الخارجية الأميركية عن موافقتها على صفقة صواريخ للسعودية بقيمة 3.5 مليارات دولار، وذلك قبيل زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة في مايو/أيار الجاري. الصفقة تشمل شراء ألف صاروخ جو-جو متوسط المدى من طراز "آيه آي أم-120"، وهو صاروخ تطوره شركة رايثيون الأميركية. 
وتعتبر هذه الصفقة جزءًا من سلسلة من التفاهمات العسكرية التي تم إبرامها بين الولايات المتحدة والسعودية منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية. هذا التعاون العسكري يأتي في وقت حساس تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تصاعدًا في التوترات، خاصة مع استمرار التصعيد بين الولايات المتحدة و إيران، مما يفتح المجال لعهد جديد من الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.
وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية فترة من البرود خلال فترة رئاسة الرئيس السابق جو بايدن، الذي كان قد شدد على ضرورة إعادة تقييم العلاقات مع الرياض، خاصة بعد قضية جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي وأزمة اليمن. في تلك الفترة، كان هناك توتر ملحوظ في التعاون العسكري، حيث أوقف بايدن بعض الصفقات العسكرية مع المملكة وأعلن عن استراتيجيته التي كانت تركز على حقوق الإنسان في المنطقة. ومع ذلك، مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى في بداية ولايته الثانية، بدأ التعاون العسكري في العودة إلى الواجهة، ليُظهر أن الرياض تعد حليفًا رئيسيًا بالنسبة للولايات المتحدة في المنطقة.
وتعد هذه العودة إلى التعاون العسكري والتقارب الاستراتيجي مع السعودية علامة فارقة في سياسة ترامب، الذي يعتبر السعودية حليفًا موثوقًا في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبرها ركيزة أساسية لضمان استقرار المنطقة في مواجهة التحديات الإقليمية. على الرغم من محاولات إدارة بايدن تقليص الدعم العسكري للسعودية، فإن الرئيس الجمهوري الحالي يرى في الرياض شريكًا لا غنى عنه لتحقيق أهداف الاستقرار الإقليمي.
وتُعد هذه الصفقة جزءًا من سلسلة من الصفقات العسكرية الضخمة التي تم إبرامها بين الولايات المتحدة والسعودية منذ بداية ولاية ترامب الثانية. في أحد التقارير، أشار العديد من المصادر إلى أن إدارة ترامب تستعد للإعلان عن صفقة أسلحة بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار، تشمل أسلحة متطورة وأنظمة دفاعية جوية، وذلك في إطار تعزيز أمن الخليج.
وتعتبر هذه الصفقات العسكرية جزءًا من استراتيجية ترامب لضمان أمن المنطقة، في وقت يعاني فيه الخليج من التهديدات المتزايدة. على رأس هذه التهديدات يأتي التوسع الإيراني في المنطقة، سواء من خلال الأنشطة العسكرية أو التدخلات السياسية في الدول المجاورة. ومع تزايد الضغط على إيران بسبب برنامجها النووي، وفي ظل تراجع التوافق مع الاتفاق النووي الإيراني، تعتبر الصفقات العسكرية مع السعودية خطوة حيوية لضمان قدرة المملكة على دعم الأمن الإقليمي.

توتر اقليمي يدفع السعودية لتعزيز قدراتها العسكرية
توتر اقليمي يدفع السعودية لتعزيز قدراتها العسكرية

وفيما يتعلق بالأزمة الإيرانية، فإن الولايات المتحدة قد وجهت مؤخرًا تحذيرات صارمة لإيران، مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات عسكرية ضد إيران إذا فشلت المفاوضات النووية. هذا التصعيد في التوترات يعكس التوجه الاستراتيجي الذي يتبناه ترامب، والذي يتضمن الاستعداد العسكري لمواجهة أي تهديدات إيرانية. في هذا السياق، يعتبر التعاون مع السعودية و حلفائها الخليجيين جزءًا من الاستراتيجية الشاملة لضمان القدرة على الرد على أي تهديدات إيرانية والحفاظ على أمن الخليج.
لقد أثبتت السعودية، على مدى السنوات، أنها قوة دفاعية هامة في منطقة الخليج، حيث تمتلك القدرات العسكرية القوية التي تتكامل مع التكنولوجيا الأميركية الحديثة. ومن خلال هذه الصفقات العسكرية، يسعى ترامب إلى تأكيد الوجود العسكري الأمريكي في الخليج وتعزيز الدفاعات السعودية لمواجهة التهديدات الإيرانية، سواء على مستوى التسلح أو على مستوى التوترات السياسية.
وقد أكد الرئيس الجمهوري الذي يعتبر نفسه من أكبر المؤيدين للسعودية في مجال التعاون العسكري، مرارًا أن المملكة تعد حليفًا رئيسيًا في منطقة الشرق الأوسط. وفي تصريحات سابقة له، ذكر أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم السعودية في مواجهة التحديات الأمنية، مع التركيز على تقوية الدفاعات السعودية ودعم الرياض في حروبها ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة.
كما أن هذه الصفقات العسكرية تُظهر علاقة استراتيجية بين الطرفين، والتي تتجاوز المجال العسكري لتشمل التعاون التجاري والاقتصادي، لا سيما مع النفط السعودي، الذي يعد أحد المصادر الحيوية للولايات المتحدة. ويرى ترامب، الذي تروج سياسته الخارجية لفكرة "أميركا أولًا"، يرى في هذه العلاقة مع السعودية مكسبًا اقتصاديًا بالإضافة إلى كونه أداة استراتيجية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية.