صندوق النقد الدولي يعرض على لبنان خطة إنقاذ مالي قاسية

رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان يقول "طبيعة الأزمة اللبنانية المعقدة وغير المسبوقة تتطلب برنامجا شاملا للإصلاحات الاقتصادية والمالية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومواجهة الصعوبات المتجذرة وإرساء أسس نمو مستدام".

واشنطن/بيروت - جدد صندوق النقد الدولي اليوم الجمعة تأكيده على أنه لن يقدم أي دعم مالي للبنان طالما لم توافق حكومته على مباشرة إصلاحات وصفها بأنها طموحة وضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فيما عرض الصندوق خارطة طريق يعتقد أنها ستساعد بيروت على التعافي المالي.

وتضمنت خارطة الطريق إصلاحات في الموازنة لضمان ما قال "استمرار تسديد الديون وإعادة بناء القطاع المالي وإصلاح الشركات العامة ومكافحة الفساد".

وقال راميريس ريغو الذي قاد بعثة للصندوق أجرت مفاوضات عن بعد مع لبنان، من 24 يناير/كانون الماضي إلى 11 فبراير/شباط، إن "طبيعة الأزمة اللبنانية المعقدة وغير المسبوقة تتطلب برنامجا شاملا للإصلاحات الاقتصادية والمالية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومواجهة الصعوبات المتجذرة وإرساء أسس نمو مستدام".

وأضاف ريغو "خلال المهمة، سجل تقدم على صعيد تحديد مجالات الإصلاحات الضرورية ولكن يبقى بذل المزيد من أجل ترجمة ذلك في سياسات ملموسة".

وأكد صندوق النقد الدولي أن "التعاون مع السلطات سيتواصل خلال الأسابيع المقبلة"، موصيا الحكومة اللبنانية بالتحرك حتى قبل إقرار خطط الإصلاح. كما شدد على أن "التحرك النشط ضروري قبل ذلك لتصحيح مسار الاقتصاد وإعادة الثقة".

وبالنسبة لحزمة الإصلاحات، دعا الصندوق على صعيد المؤسسات العامة إلى التركيز على "قطاع الطاقة بغية توفير خدمات أفضل من دون استنفاد موارد" الدولة. أما على الصعيد المالي، فأشار الصندوق إلى أن "حجم الخسائر غير المسبوق في القطاع المالي يجب أن يعالج بطريقة شفافة مع حماية صغار المودعين كما سبق للسلطات أن طرحت".

واعتبر أن موازنة العام 2022 "توفر فرصة للبدء بتصحيح وضع الميزانية الكارثي مع أخذ قيود التمويل في الاعتبار".

وحث ريغو "على تحرك حاسم لمواجهة مشكلة الفساد المتجذرة وتعزيز الشفافية خصوصا عبر إطلاق هيئة الشراء العام ورفع السرية المصرفية أو تعديلها تماشيا مع أفضل الممارسات الدولية".

ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين بالمئة منهم تحت خط الفقر.

وأقرّ مجلس الوزراء اللبنانى أمس الخميس مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2022 في جلسة عقدت في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأحالها إلى المجلس النيابي.

وشدد الرئيس عون خلال الجلسة على "أن المطلوب في هذه المرحلة تركيز الجهود لمعالجة قضايا المواطنين المعيشية والاجتماعية التي تثقل كاهلهم وتسبب معاناة يومية لهم، ومن هنا ضرورة إيجاد الحلول المستدامة لها".

واعتبر"أنه من المهم أن يترافق مشروع الموازنة مع خطة التعافي المالي والاقتصادي التي هي قيد المناقشة والتحضير من قبل فريق العمل المكلف برئاسة نائب رئيس الحكومة، على أن تتضمن: تحديد الخسائر وكيفية توزيعها (الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين) مع إصراري على عدم المس بصغار المودعين".

وأشار إلى أن خطة التعافي يجب أن تتضمن "إعادة هيكلة المصارف وإعادة رسملة وهيكلة مصرف لبنان والإصلاحات الهيكلية والبنيوية ومكافحة الفساد بدءا بالتدقيق الجنائي وخطة تنفيذية لشبكة الأمان الاجتماعي".

وقد أقر ميقاتي بعد جلسة مجلس الوزراء بصعوبة الأوضاع، واصفا خطة التعافي المالي بأنها صعبة جدا وعملية مفخخة أو انتحارية.

وفي تطور آخر على علاقة بالموازنة، اعتصم عدد من المحتجين الجمعة أمام منزل ميقاتي في الميناء شمالي البلاد، رفضا للأوضاع المعيشية الصعبة ولما تضمنته الموازنة من ضرائب إضافية "تثقل كاهل الناس".

وردد المعتصمون هتافات تطالب ميقاتي "بتحمل أوجاع الناس والبحث عن حلول للأزمة المالية بعيدا عن الضرائب التي تطالهم وترفع كلفة الاتصالات والماء والكهرباء".