صندوق النقد يطالب العراق بإصلاحات مالية لتدارك أزمته الاقتصادية

الاقتصاد العراقي يواجه تحديات كبيرة جراء تباطؤ نمو القطاع غير النفطي وانخفاض الاستثمار العام.

بغداد – أفاد مجلس صندوق النقد الدولي إن التوسع المالي الكبير في السنوات الأخيرة أدى إلى تفاقم مواطن ضعف العراق، والتي زادت أكثر بسبب الانخفاض الأخير في أسعار النفط، وقدم جملة من المقترحات تسهم في تصحيح الوضع المالي.

وحذر صندوق النقد الدولي خلال اختتام مشاورات المادة الرابعة مع العراق في واشنطن، من أن الاقتصاد العراقي يواجه تحديات كبيرة جراء تباطؤ نمو القطاع غير النفطي من 13.8 بالمئة في العام 2023 إلى ما يُقدر بنحو 2.5 بالمئة في العام 2024.

وأضاف في بيان أن الصعوبات الاقتصادية تأتي بسبب انخفاض الاستثمار العام، وضعف الميزان التجاري، وقيود التمويل التي أدت إلى تراكم المتأخرات.

ومن المتوقع أن تُثقل قيود التمويل، وضعف الاستثمار، وإمكانات النمو المحدودة كاهل النمو وتُفاقم مواطن الضعف القائمة.

وذكر البيان أنه مع توسع الإنفاق وركود الإيرادات غير النفطية، ارتفع سعر النفط اللازم لموازنة الموازنة إلى حوالي 84 دولارًا أميركيًا في العام 2024، مقارنةً بـ 54 دولارًا في العام 2020. من المتوقع أن تتفاقم قيود التمويل التي ظهرت في العام 2024 خلال هذا العام في ضوء انخفاض أسعار النفط. علاوة على ذلك، ارتفعت مخاطر ضغوط الديون السيادية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة.

السلطات العراقية مطالبة بمراجعة خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي لعام 2025، والحد من جميع النفقات غير الأساسية أو تأجيلها.

وأشار الى انه هناك حاجة إلى تصحيح مالي كبير للحد من المخاطر المالية الكلية، واحتواء مخاطر السيولة، واستقرار الدين على المدى المتوسط. وعلى المدى القصير جدًا، ينبغي على السلطات مراجعة خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي لعام 2025، والحد من جميع النفقات غير الأساسية أو تأجيلها.

وذكر أن هناك مجالًا لتعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال زيادة الضرائب والرسوم الجمركية على المدى المتوسط، ويتطلب استقرار الدين وضبطًا ماليًا إضافيًا بنسبة 1-1.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي سنويًا.

وعلى صعيد الإيرادات، بالإضافة إلى تعزيز الإدارة الضريبية، ثمة مجال لزيادة الرسوم الجمركية وضرائب الإنتاج، وإصلاح ضريبة الدخل الشخصي، بما في ذلك الحد من الإعفاءات، وفرض ضريبة مبيعات عامة على المدى المتوسط. أما على صعيد الإنفاق، فيجب اعتماد الإصلاحات الشاملة لفواتير الأجور العامة، من خلال الحد من التوظيف، واعتماد قاعدة لتقليص عدد الموظفين.

ورحب البيان، بالجهود الأخيرة لتحسين استهداف نظام التوزيع العام، لكنه استطرد بأنه لا يزال هناك مجال لتحسين الاستهداف بشكل أكبر، والتحول في نهاية المطاف إلى شبكات أمان اجتماعي قائمة على النقد. وأخيرًا، من المُلحّ إصلاح نظام المرتبات التقاعدية العامة برفع سن التقاعد وخفض معدلات الاستحقاق والاستبدال.

ومن شأن تطبيق الإصلاحات المقترحة أن يُوفر حيزًا ماليًا من أجل زيادة الإنفاق الرأسمالي غير النفطي، لكن ينبغي حماية هذه النفقات الرأسمالية الحيوية نظرًا لضرورة توسيع الاستثمار في البنية التحتية للتجارة والنقل لتعزيز التنويع الاقتصادي؛ وتحديث قطاع الكهرباء وتطوير موارد الغاز الطبيعي، وهي أمور بالغة الأهمية لتعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على واردات الغاز.

ونوه أيضا الى أن تحسين المشتريات، وإدارة المالية العامة، ومعالجة الفساد من شأنه أن يعزز فعالية أي استثمارات عامة جديدة.

وأكد مجلس صندوق النقد الدولي، أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لاستيعاب فائض السيولة المتبقي وتحسين انتقال السياسة النقدية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال زيادة إصدار أذون البنك المركزي، والتركيز على الأدوات قصيرة الأجل التي يوجهها سعر الفائدة الرئيسي، وتعديل حدود حجم العطاءات، وتحسين أدوات التنبؤ بالسيولة.

وينبغي مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز النظام المالي المحلي وتسريع وتيرتها، مشيدا بالبنك المركزي العراقي لنجاحه في الانتقال إلى نظام تمويل التجارة الجديد، الذي تُديره الآن البنوك التجارية بالكامل من خلال بنوكها المركزية، مما يُسهم في تقليص الفارق بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازية.

وبشأن المصارف بالعراق قال الصندوق إن الإصلاحات الأولية للمصرف المملوكة للدولة واعدة، إلا أن وضع خطة إعادة هيكلة شاملة لمعالجة القروض المتعثرة ونقص رأس المال أمرٌ ضروري، إلى جانب تحسينات في حوكمة الشركات والبنية التحتية الرقمية. علاوةً على ذلك، بدأ البنك المركزي العراقي باستكشاف خيارات إصلاحية لتعزيز القطاع المصرفي الخاص.

وتتمثل المجالات ذات الأولوية في هيكل الملكية، واستدامة نموذج العمل، والمتطلبات التنظيمية، وعناصر دعم الثقة المتبادلة بين البنوك وعملائها، مثل مكتب الائتمان ونظام ضمان الودائع المعزز. إلى جانب هذه الجهود، تظل معالجة نقاط الضعف في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أمرًا بالغ الأهمية، بحسب بيان الصندوق.

وبشأن قطاع الكهرباء أشار صندوق النقد الدولي إلى أن، إصلاح قطاع الكهرباء أمرًا بالغ الأهمية نظرًا لتأثير نقص الطاقة المزمن وانعدام الكفاءة على الإنتاجية والنمو الاقتصادي. وتُشجَّع السلطات على تسريع جهودها لتحسين نظام الفوترة والتحصيل. وبمجرد تحسن التحصيل بشكل ملحوظ، سيتطلب استرداد التكاليف أيضًا زيادات في تعريفة الكهرباء، مع دعم مُحكم ومُوجّه بدقة إلى المستخدمين ذوي الدخل المنخفض.

ونبّه الصندوق، إلى أن هذه الجهود ستدعم بمواصلة مكافحة الفساد المتفشي ومعالجة مواطن ضعف الحوكمة، ورغم التقدم المحرز في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتحسين مدركات الفساد، لا تزال هناك تحديات كبيرة.

وتحدث البنك الدولي عن تدابير أساسية لإنفاذ الحقوق الاقتصادية بفعالية وحماية الحقوق الاقتصادية، وعلى رأسها تعزيز المساءلة في المؤسسات الحكومية والخاصة، والامتثال الصارم لمعايير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI)، وسنّ قانون الشفافية والوصول إلى المعلومات، ومواءمة الأطر القانونية مع أفضل الممارسات الدولية، وتعزيز استقلالية الهيئة الوطنية للنزاهة والشفافية، كما سيعزز ذلك فعالية وظائف الدولة الأساسية التي تُعدّ حيوية للنشاط الاقتصادي، مثل الحوكمة المالية والرقابة على القطاع المالي.

وخلص الصندوق إلى أنه، لا تزال هناك نواقص في البيانات، ويمكن أن تُقوّض هذه النواقص الكبيرة في البيانات بالعراق بشكل كبير متانة رقابة صندوق النقد الدولي، إذ تؤدي إلى تقييمات ناقصة أو غير دقيقة للوضع الاقتصادي، وربما تُعرّض توصيات السياسات الفعالة للخطر".

وأضاف إنه، بناءً على التقارير العديدة التي تلقاها العراق، من الضروري التركيز على ثغرات البيانات الأكثر إلحاحًا، ودمج المبادرات التجريبية في البيانات المنشورة في الوقت المناسب.