صيد السمك بالديناميت يقتل الإنسان ويهدد البيئة في ليبيا

طريقة في الصيد مدرّة أكثر للصيادين لكنها في المقابل شديدة الضرر على البشر والحياة البحرية.
زاد انتشار الصيد بالديناميت بعد سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011
السلطات الدينية تصدر فتوى بتحريم استخدام المتفجرات في صيد البحر
يؤدي الصيد بالمتفجرات إلى مقتل وجرح العشرات سنويا

طرابلس - نوم الصبيحة ليس ممكنا في أيام الإجازات لسكان المناطق الساحلية في طرابلس الغرب، فأصوات انفجارات الديناميت المستخدم في الصيد تحول دون ذلك، وتحول أيضا دون الحفاظ على الحياة البحرية، من دون أدنى محاسبة.
وهذه الطريقة في الصيد مدرّة أكثر للصيادين، فأصبع الديناميت الواحد يخرج لهم من بطن البحر أعدادا كبيرة من السمك، من دون حاجة للصبر وانتظار ما تصادفه الصنارة أو يعلق بالشباك.
لكنها في المقابل شديدة الضرر على الحياة البحرية. وقد زاد انتشارها خصوصا بعد سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011.
ولا يتوانى الصيادون عن نشر مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي تظهرهم وهم يلقون أصابع الديناميت، أو تظهر انفجارا ينتج عنه ارتفاع الماء بضعة أمتار في الهواء، قبل أن تطفو على سطحه عشرات الأسماك الميتة.
وتقول مريم البالغة من العمر 64 عاما وهي من سكان ساحل طرابلس "ترتجّ النوافذ من هذه الانفجارات، لا أستطيع أن أعتاد على هذه الأصوات، لكن حين يأتي أحفادي لزيارتي عليّ أن أطمئنهم أنها ليست دويّ قصف حلف شمال الأطلسي".

وعي بيئي ضعيف 
يطلق الصيادون على المواد المتفجرة المستخدمة في الصيد اسم "الجيلاتين"، وهي لا تبقي ولا تذرُ شيئا من الحياة البحرية في الأماكن التي تلقى فيها.
ويقول الصياد فتحي الزيتوني "إنها تقتل السمك، وبيض السمك، وحتى النبات".
ولا ينصح مختار، بائع السمك في سوق طرابلس، بأكل ما يخرجه الصيادون بالمتفجرات، ويقول "ليس جيدا ولا صحيا، لأن لحم السمك يكون ممزقا".
في هذا البلد الشاسع الواقع على البحر المتوسط، يمتدّ الساحل بطول 1770 كيلومتر، لكن الصيد ليس من المداخيل الكبرى للاقتصاد، كما هو حال النفط مثلا.
وما زالت القضايا البيئية، ولاسيما البيئة البحرية، بعيدة عن أن تحتل أولوية فيه، بحسب ما تقول عالمة أحياء ليبية فضّلت عدم ذكر اسمها.
وإضافة إلى الأضرار البيئية، يؤدي الصيد بالمتفجرات إلى مقتل وجرح العشرات سنويا، لكن السلطات لا تقدّم أية إحصائيات حول هذا الأمر.
ولم يتسنّ لوكالة فرانس برس الحصول على تعليق رسمي.
وحدها بعض وسائل الإعلام تنقل أخبار هذه الحوادث بين الحين والآخر.
ومن هذه الأخبار مقتل ثلاثة رجال من عائلة واحدة في مارس/آذار الماضي في مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كيلومترا من طرابلس، فيما كانوا يُعدّون المتفجرات لإلقائها في البحر.

ترتجّ النوافذ من هذه الانفجارات، لا أستطيع أن أعتاد على هذه الأصوات، لكن حين يأتي أحفادي لزيارتي عليّ أن أطمئنهم أنها ليست دويّ قصف حلف شمال الأطلسي

قبل خمس سنوات، أصدرت السلطات الدينية فتوى بتحريم استخدام المتفجرات في صيد البحر لما يسببه ذلك من ضرر على البيئة والإنسان.
لكن يبدو أن تلك الفتوى لم تكن ذات أثر يذكر.
 نداء إلى السلطات 
ويقول نور الدين سليمان وهو صيّاد من طرابلس "لا يبدو أن أحدا يستطيع أن يوقف الصيد بالمتفجرات، ينبغي أن تقوم السلطات وقوات خفر السواحل بواجباتها" قبل أن يفوت الأوان.
من جهة أخرى، دفع تردّي الأوضاع الأمنية في ليبيا عددا كبيرا من العمال المصريين والتونسيين إلى مغادرة البلد، وكثيرون منهم كانوا يعملون في سفن الصيد التي لم يعد فيها ما يكفي من عمال.
ويقول عبدالرزاق البحري وهو صياد ليبي في السبعين من العمر "قلة هم الليبيون الذين يمارسون هذا النوع من العمل، ولاسيما بين الشباب".
ويضيف "لكن هناك بعض الأمل ما دام بعض الصيادين الشجعان يخرجون إلى البحر في الليل ليلتقطوا ما تيسّر لهم من سمك بما يحترم أصول هذه المهنة".