'ضريبة' اليسار الفرنسي تثير غضب رجال الأعمال

الأحزاب اليسارية الفرنسية تعد بتخصيص مساعدات جديدة للرعاية الاجتماعية في مسعى للحاق بحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي يتصدر استطلاعات الرأي.

باريس - تعهدت الأحزاب اليسارية الفرنسية اليوم الجمعة بجمع 30 مليار يورو سنويا من الضرائب التي ستفرضها على الشركات وأصحاب الثروات إذا فازت بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية المبكرة، وهو ما أثار غضب تيار الوسط وأصحاب الأعمال.

وتأتي الوعود بتخصيص مساعدات جديدة للرعاية الاجتماعية في الوقت الذي يحاول فيه اليسار اللحاق بحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي يتصدر استطلاعات الرأي، وكلاهما يتقدم بفارق كبير على معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.

وتوقع استطلاع أجري لصالح مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" ونشر اليوم الجمعة حصول اليمين المتطرف على ما بين 250 و300 نائب في الجمعية الوطنية المقبلة. وأعطى الاستطلاع التجمع الوطني بزعامة مارين لوبن 33 في المئة من نوايا التصويت في الجولة الأولى وتحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري 28 في المئة وحزب الرئيس إيمانويل ماكرون 19 في المئة وفي استطلاع آخر لمعهد "إيفوب" حصل اليمين المتطرف على 35 في المئة من نوايا التصويت والجبهة الشعبية الجديدة على 29 في المئة، والأغلبية الرئاسية على 21.5 في المئة.

وقال عضو مجلس الشيوخ الاشتراكي ألكسندر أويزي للصحافيين في باريس إن الاشتراكيين والخضر والشيوعيين وحزب فرنسا الأبية "سيعيدون على الفور فرض ضريبة على الثروة مع عنصر مناخي ستتيح لهم جمع 15 مليار يورو" إذا دخلوا الحكومة.

ويتوقع تحالف الجبهة الشعبية الجديدة أن تؤدي الضريبة على الأرباح غير المتوقعة للشركات إلى جباية 15 مليار يورو أخرى.

وهم يخططون لإنفاق الأموال على وقف تنفيذ قرار ماكرون بزيادة سن التقاعد الذي لا يحظى بتأييد شعبي، بالإضافة إلى زيادة مدفوعات الإسكان وإعانات البطالة ورواتب القطاع العام.

ووصف أوليفييه بلانشار، الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي، خطط اليسار بأنها "بمثابة مصادرة" للأموال، في رسالة على منصة إكس. وأضاف "من الصعب أن نرى كيف لا نتوقع أن يدفع مثل هذا الإجراء بالجملة رواد الأعمال إلى نقل أعمالهم إلى أماكن أخرى".

وفي مؤشر إلى ضعف الثقة، ارتفعت العائدات على الديون الفرنسية منذ أن دعا الرئيس إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية، بعد ردود فعل المستثمرين على خطط الإنفاق الكبيرة التي يعد بها كل من اليسار واليمين المتطرف.

وتخضع المالية العامة في فرنسا لضغوط كبيرة مع تراكم الديون المستحقة التي تجاوزت ثلاثة تريليونات يورو أي نحو 110 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والعجز الحكومي الذي جعلها عرضة لانتقادات المفوضية الأوروبية الأربعاء.

"خطط اليسار بمثابة مصادرة للأموال".

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير إن أسواق السندات تظهر "العواقب المباشرة للخطط الاقتصادية والمالية الحمقاء وغير المسؤولة على الإطلاق" من اليسار واليمين المتطرف.

ووعد بخفض العجز المالي الفرنسي إلى الحد الذي يقبل به الاتحاد الأوروبي وهو 3 في المئة بحلول عام 2027، مقابل أكثر من 5 في المئة هذا العام.

وتعهد حزب التجمع الوطني من جانبه بمواجهة مع بروكسل بشأن خطط الحزب لخفض ضريبة القيمة المضافة على الوقود، وهو ما يحظره الاتحاد الأوروبي من أجل الحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

وبقيادة رئيس الوزراء غابرييل أتال قدم وزراء أنفسهم على أنهم الحصن الوحيد في وجه "المتطرفين" من اليسار واليمين. وقال أتال في مرسيليا الجمعة "اليوم هناك ثلاث كتل، اثنتان منها متطرفتان ... تغذيهما الانقسامات بين الفرنسيين، ووصم بعض الفرنسيين".

وتدور الرسائل الأساسية لحزب الجبهة الوطنية حول معارضة الإسلام والهجرة. فهو يتعهد في بيانه الأساسي "بوقف تدفق المهاجرين".

واتُهمت بعض شخصيات حزب فرنسا الأبية، أكبر حزب في التحالف اليساري، بمعاداة اليهود بسبب تصريحات أدلوا بها بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل والحرب التي اندلعت على إثره في غزة.

ولكن المحامي آري عليمي والمؤرخ فنسنت لومِير كتبا في مقالة نشرتها صحيفة ''لوموند'' أنه لا يمكن المعادلة بين "معاداة السامية" التي تُنسب إلى بعض أعضاء حزب فرنسا الأبية في سياق سياسي وانتخابي، و"معاداة السامية" التي يتبناها حزب التجمع الوطني وهي جزء أساسي وتاريخي من هويته.

وأضافا أن "الجبهة الشعبية الجديدة هي البديل الوحيد ذو المصداقية الانتخابية لتجنب سيطرة حزب معادٍ للأجانب على مؤسساتنا".

ويتضمن برنامج ائتلاف اليسار الانتخابي إدانة لهجوم حماس على إسرائيل وخطة لمعالجة العنصرية ومعاداة السامية.

ومع اندفاع الناخبين للمشاركة في الانتخابات المقررة في بداية العطلة الصيفية في 30 يونيو/حزيرن و7 يوليو/تموز، سجل أكثر من مليون شخص أسماءهم لتوكيل من يصوت عنهم. وهو يفوق العدد المسجل في الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران 2022 عندما كان لدى الناس فترة أطول للاستعداد وكان من المرجح أن يكونوا في منازلهم.

وتتجه الأنظار نحو دورة الألعاب الأولمبية في باريس التي تبدأ في أواخر يوليو/تموز ولم يتردد ماكرون في استخدامها لدعوة الناخبين إلى "اختيار الاستقرار".

وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان اليوم الجمعة إنه لن يستمر في تولي منصبه للإشراف على أمن الألعاب إذا خسر معسكر ماكرون الانتخابات، "حتى وإن لبضعة أسابيع إضافية فقط". وأضاف أنه مع ذلك "تم الاستعداد للألعاب الأولمبية بشكل جيد، والجميع يعرف ذلك ويقدره".