ضغوط أوروبية لإثناء حفتر عن استعادة طرابلس

مصر وروسيا تؤكدان على الحل السلمي للأزمة الليبية، محذّرتين من التدخلات الأجنبية في ليبيا.
مجموعة السبع مع حل سلمي للأزمة يبدأ بوقف عملية استعادة طرابلس
قوات حفتر تتوعد بردّ قاس على غارة جوية شنتها جماعة متطرفة من مصراتة
الجيش الوطني الليبي لم يلجأ حتى الآن لاستخدام الطيران الحربي
حفتر يطلع موسكو على تطورات قتال 'الإرهابيين' في طرابلس

باريس/القاهرة/بنغازي (ليبيا) - واصل عدد من الدول الأوروبية اليوم السبت الضغط على قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لدفعه للتراجع عن عملية استعادة طرابلس التي بدأها يوم الخميس ولاتزال مستمرة وسط اشتباكات عنيفة مع ميليشيات وقوات حكومة الوفاق الوطني.

وتأتي هذه التطورات بينما توعد الجيش الوطني الليبي بردّ قاس على غارة جوية استهدفت مناطق سكنية بالعزيزية وهي إحدى المناطق التي سيطرت عليها قوات حفتر وجنبّت المدنيين فيها التعرض للأذى بعد اشتباكات مع ميليشيات موالية لسلطة طرابلس.

وطالبت فرنسا وايطاليا وألمانيا السبت قائد الجيش الوطني الليبي بوقف هجومه على العاصمة والعودة إلى عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إثر اجتماع السبت مع نظرائه في مجموعة السبع في مدينة دينار شمال غرب فرنسا "هناك مبدأ أساسي. لن يكون هناك انتصار عسكري في ليبيا. الحل لا يمكن أن يكون إلا حلا سياسيا".

ومن دون الإشارة مباشرة إلى حفتر الذي تربطه به معرفة وثيقة وزاره مرارا في معقله بنغازي (شرق)، أعرب الوزير الفرنسي عن أسفه لما اعتبره "مبادرات متسرعة".

وشنت قوات حفتر الخميس هجوما على طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج. وأمر الأخير قواته بالتصدي لهجوم الجيش الوطني الليبي.

وذكّر لودريان بأن حفتر والسراج كانا على وشك التوصل إلى اتفاق خلال لقائهما في فبراير/شباط في أبوظبي، مضيفا "ينبغي الآن أن يتجاوزا صعوبات الماضي لما فيه مصلحة الشعب الليبي".

وتابع "من المهم أن يسلك المجتمع الدولي برمته هذا النهج"، أي الحل السياسي، غير أن الوضع في الغرب دفع على ما يبدو المشير خليفة حفتر للتعجيل بعملية استعادة طرابلس على وقع انفلاتات أمنية خطيرة واختراقات خارجية من ضمنها تدفق السلاح من تركيا على ميليشيات اخوانية.

وسبق أن حذّرت قيادة الجيش الوطني الليبي من هذه الممارسات وطالبت المجتمع الدولي بوقف التدخلات التركية وذلك بعد حجز سفينة محملة بأطنان من الذخيرة والسلاح قادمة من تركيا.

وتتهم القوات المسلحة الليبية تركيا بدعم ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين بالمال والسلاح، وسط عجز سلطة طرابلس بقيادة السراج عن التصدي لتلك التدخلات.

وشدد وزير الخارجية الايطالي موافيرو ميلانيزي على تطابق وجهات النظر بين وزراء مجموعة السبع بالنسبة إلى الأزمة الليبية. وقال للصحافيين "لا أحد مستعدا للتسليم بأمر الواقع العسكري".

وردا على سؤال عن احتمال فرض عقوبات على حفتر في حال تمسك بموقفه، قال "عبرنا بوضوح شديد عن موقفنا ونأمل بأن يأخذه (حفتر) في الاعتبار. وإذا لم يحصل ذلك سنرى ما يمكن القيام به".

بدوره، شدد نظيره الألماني هايكو ماس على ضرورة إقناع حفتر بالعودة إلى ضبط النفس. وقال "علينا أن نستخدم كل وسائل الضغط المتوافرة على الفرقاء الليبيين وخصوصا المشير حفتر لنتأكد من عدم حصول تصعيد عسكري".

وعبرت مصر وروسيا اليوم السبت عن قلقهما إزاء التطورات في ليبيا، وحذّرتا من التدخل الأجنبي في الشأن الليبي.

وكان الجيش الوطني الليبي قد أعلن الجمعة أنه دخل الضواحي الجنوبية من العاصمة طرابلس وبسط سيطرته على مطارها السابق.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، إن موسكو تريد أن تبرم كل القوى السياسية في ليبيا اتفاقا لدعم السلام، محذرا من مغبة التدخل الأجنبي هناك.

وقال شكري "الأزمة في ليبيا لن تحل من خلال اللجوء للوسائل العسكرية وإنما من خلال الحوار للتعبير عن إرادة الشعب الليبي".

واتفق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على "ضرورة التحرك العاجل وتكاتف جهود المجتمع الدولي لوقف تدهور الأوضاع في ليبيا لاسيما أن عامل الوقت يعد حاسما للغاية لتقويض انتشار التنظيمات المتطرفة". ووصل لافروف إلى القاهرة ضمن جولة تشمل الأردن.

وأجرى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اتصالا هاتفيا مع المشير خليفة حفتر جدد فيه موقف موسكو الداعم لإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان اليوم السبت إن حفتر أبلغ بوغدانوف بشأن جهود قتال الإرهابيين في ليبيا بما في ذلك قرب العاصمة طرابلس في غرب البلاد.

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يحذران من اي تدخلات أجنبية في ليبيا
موسكو والقاهرة تتابعان بقلق التطورات الأخيرة في ليبيا

وفي تطور آخر أعلنت القوات التي يقودها المشير خليفة حفتر السبت أنها تعرضت لغارة جوية على بعد 50 كيلومترا من العاصمة الليبية طرابلس.

وقالت شعبة الإعلام الحربي في الجيش الوطني الليبي "نستنكر بشدة القصف الإرهابي الغاشم على المدنيين في منطقة العزيزية من قبل طائرات الميليشيات الإرهابية المسلحة التي انطلقت من مهبط الثانوية الجوية بمصراتة".

وأضافت "سيكون ردنا قاسيا جدا على هؤلاء الإرهابيين بما يكفل حماية المدنيين ويضمن عدم الاعتداء عليهم مرة أخرى".

والقوات المتمركزة في مصراتة موالية في غالبيتها لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها.

وأكدت قوة حماية طرابلس وهي تحالف لفصائل مسلحة موالية لحكومة الوفاق أن غارات جوية كثيفة شنت على الجيش الوطني الليبي انطلاقا من مطار معيتيقة في طرابلس ومصراتة. وقالت على صفحتها على فيسبوك "عصابات العدو في تراجع من جميع المحاور".

ولم يستخدم الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر حتى الآن سلاح الطيران في عملية استعادة طرابلس وليس واضحا ما إذا كان سيلجأ لهذا الخيار أم لا.

وأوضحت قوات حفتر أن غارة السبت طالت مدنيين لكنها لم تسفر عن ضحايا.

وقال المتحدث باسمها العقيد أحمد المسماري إن "المنطقة الغربية منطقة عمليات عسكرية يمنع الطيران فيها لأي طائرة حربية أو طائرة تصوير جوي من أي جهة كانت وسوف يتم التعامل مع أي طائرة حربية في هذه المنطقة كهدف معاد وسيتم ضرب المطار الذي أقلعت منه على الفور".

وتجددت صباح السبت المعارك بين الجانبين وخصوصا في منطقتي وادي الربيع وقصر بن غشير على بعد حوالي أربعين كلم جنوب طرابلس.

وتضاربت الأنباء مساء الجمعة حول المعارك الدائرة في محيط مطار طرابلس الدولي حيث أعلنت قيادة الجيش الوطني الليبي السيطرة على المطار وعدد من البلدات القريبة، لكن وزير داخلية حكومة الوفاق أكد لاحقا أن قوات حكومة الوفاق استطاعت استعادة السيطرة على المطار، مشيرا أيضا إلى اشتباكات عنيفة مستمرة في محيطه.