ضغوط النهضة تهدد حرية الاعلام في تونس

قناة إعلامية خاصة تتراجع عن بث سلسلة من التحقيقات تكشف تورط الحركة الاخوانية في عدة تجاوزات منذ الثورة بعد توجيه تنبيه لمديرها.

تونس - تتزايد مخاوف الإعلاميين التونسيين من التضييق على الحريات الصحفية مع تمكن حركة النهضة الاخوانية والتيارات القريبة منها من الفوز في الانتخابات التشريعية.
وحذرت حركة النهضة في بيان نشرته الجمعة مما وصفته محاولات تشويهها على خلفية سلسلة من التحقيقات تحت عنوان "كشف أسرار حركة النهضة" أعلنت قناة الحوار التونسي الخاصة نيتها عرضه ويكشف تورط قادة الحركة في ملفات فساد.

وقالت الحركة انها تدين بشدة ما وصفته حملة التشويه التي تستهدف الحركة والتي أطلقتها احدى القنوات التلفزيّة مشيرة "انها اذ تحتفظ لنفسها بحق التتبع القضائي فانها تعول على وعي التونسيات والتونسيين بكشف مرامي هذه الحملات وتحويل اهتمامات الراي العام عن قضايا مكافحة الفساد والاستيلاء على المال العمومي وتتبع كل الضالعين فيه."
ولم تكتفي الحركة بنشر بيان التنديد بل وجهت مراسلة الى مدير القناة سامي الفهري حذرته من مغبة عرض التحقيق الذي يكشف تجاوزات قادة الحركة واستيلاء عدد منهم على اموال عمومية فترة حكم الترويكا.
ونشر الفهري في موقعه الرسمي على انستغرام الجمعة رسالة التحذير والتي حملت توقيع الممثل القانون للنهضة حيث جاء فيه "انّ الحركة تنبه مدير القناة بأنها ستلجأ في صورة إصراره على بثّ إو إعادة بثّ ما وصفته بهذا النوع من البرامج أو اللقطات الإشهارية، إلى التقاضي الجزائي و المدني و تحميله و تحميل "قناة الحوار التونسي" كلّ المسؤولية الجزائية، إضافة إلى المطالبة بالتعويضات المدنية الكاملة، عن كلّ نشرٍ، لإشاعة في حقّ الحركة أو سعي لتشويه صورتها".
وفي نبرة تهديد واضح لوسيلة إعلامية في بلد يحفظ دستوره حرية الاعلام والتعبير قالت النهضة أنها لن تتجاهل بعد اليوم الحملات التي تُشّن ضدّها.

وبررت النهضة موقفها بان التحقيق ياتي ردا على خلفية قرار قضائي بتحجير السفر عن الفهري بتهم تتعلق بالفساد لكن متابعين يرون ان الحركة الإسلامية التونسية تستغل قطاع القضاء لتصفية حسابات سياسية خاصة وان لديها تاريخ طويل في هذا المجال.
وامام هذه التهديدات لم يجد سامي الفهري سوى التراجع عن بث سلسلة التحقيقات بل وقام بفسخ الومضة المتعلقة بالتحقيقات سواء على صفحته الرسمية بالفايسبوك او على اليوتيوب.

رسالة تنبيه وجهتها النهضة لمدير القناة الخاصة
رسالة تنبيه وجهتها النهضة لمدير القناة الخاصة لمنعه من نشر سلسلة التحقيقات

وتعيش وسائل الاعلام في تونس تحت سياط الترهيب من بعض الاطراف القريبة من النهضة او من جهات قيل انها محيطة بالرئيس الحالي قيس سعيد.
وبدات محاولات استهداف القناة اثناء الحملة الانتخابية خاصة في التشريعية والدور الثاني للانتخابات الرئاسية حيث بثت قناة الحوار دعوات اطلقها سياسيون ونخب فكرية لاطلاق سراح المرشح الرئاسي نبيل القروي وذلك في اطار تكافؤ الفرص.
وتعرضت قناة الحوار التونسي الى حملة شرسة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بعد انتقاد خطاب الرئيس سعيد في الحملة الانتخابية واتهامها من قبل مناوئيها بدعم منافسه القروي.
ووصل الأمر إلى إحداث منصات على فايسبوك تدعو الشباب والمتابعين للقناة لإلغاء الاعجاب بصفحتها على وسائل التواصل الاجتماعي وبالفعل استجاب مليون شخص للدعوة والغوا الإعجاب فيما اعتبر هرسلة تقوم بها أطراف سياسية معينة مقربة بالاساس من الإسلام السياسي.
واتخذ التهجم الافتراضي منعرجا خطيرا بعد تعرض مراسلي القناة وصحفييها الى اعتداء بالعنف اثناء تغطية فرحة انصار قيس سعيد بالفوز في شارع الحبيب بورقيبة الأحد حيث نددت ادارة القناة بالعنف ضد الإعلاميين داعية سعيد الى ادانته.
ونددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان حينها بالهجمة العنيفة التي طالت عددا من الصحفيين، ودعت النيابة العمومية إلى التحرك العاجل لتتبع المعتدين الذين ستثبت الأبحاث تورطهم فيها" مشيرة بأنها تضع على ذمة الصحفيين المتضررين طاقمها القانوني لمباشرة إجراءات التتبع.
وطالبت النقابة الرئيس سعيد إلى الدعوة الصريحة للتوقف عن الاعتداءات على الصحفيين والاعتذار المباشر عما أقدم عليه أنصاره في مختلف مناطق الجمهورية.
وبالفعل خرج سعيد امام عدد من انصاره منددا بالعنف المسلط على صحفيي قناة الحوار التونسي داعيا الشباب الى احترام الخطاب الاعلامي مهما كان مختلفا مشيرا بانه ضد العنف مهما كانت اسبابه ومسبباته 
لكن دعوة سعيد لم تلقى اذانا صاغية لدى كثير من أنصاره ولدى عدد من الشخصيات النافذة في تونس حيث دعا قاضي يدعى حمادي الرحماني في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك بعد الدور الثاني للانتخابات الرئاسية الى اغلاق قناة الحوار التونسي ومحاكمة المشرفين عليها.
وحمل القاضي في خطابه القناة مسؤولية التشنج في المجتمع التونسي قائلا "هي توفر المناخ الملائم للتوتر الاجتماعي والعنف السياسي...المفضي احتمالا لردود فعل وجرائم لا تحمد عقباها" حيث وصف إعلاميي القناة بانهم " هم الجريمة ...هم الحقد نفسه".
وردت إدارة الحوار التونسي برقع قضية ضد القاضي حمادي الرحماني اضافة الى رفع شكاية للمجلس الأعلى للقضاء بتهمة التحريض عليها.
وأخذت التهديدات التي تطال وسائل الإعلام منعرجا خطيرا بعد تهديد ناشط سياسي وموظف بوزارة المالية بتفجير مقر قناة الحوار التونسي وذلك من خلال تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك ما دفع إدارة القناة الى مطالبة الأجهزة الامنية الى حماية مقراتها.
وأمام خطورة الوضع خرج مدير الحوار سامي الفهري للدعوة الى قبول بالراي المخالف مشيرا ان حرية التعبير مكفولة بالدستور.
وحذر الفهري مما وصفها دكتاتورية الأغلبية التي تسببت في ماسي لعديد الشعوب خاصة الشعب الروندي بسبب رفض الاختلاف.