
تنازلات نووية إيرانية مقابل رفع فوري للعقوبات الأميركية
واشنطن - تشير موافقة إيران على التخلص من مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب واستعدادها لإبرام اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة وفق ما صرح به علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الأربعاء إلى مدى فعالية سياسة "الضغوط القصوى" التي انتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد أظهرت طهران، رغم تشددها المعلن في السنوات الماضية، استعداداً واضحاً لتقديم تنازلات ملموسة بمجرد شعورها بتصاعد العزلة الإقليمية والدولية وبفعالية العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها فيما تحدث الرئيس الجمهوري بدوره عن قرب التوصل لاتفاق.
هذه السياسة، القائمة على تشديد الخناق الاقتصادي والدبلوماسي، دفعت إيران نحو خيارات لم تكن لتقبل بها في ظل ظروف مختلفة، الأمر الذي يعزز من قناعة بعض الأوساط الغربية بأن الضغط المستمر قادر على تعديل سلوك طهران النووي.
وتأكيدا عل هذه المعطيات قال ترامب الخميس إن الولايات المتحدة تقترب جدا من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وإن طهران وافقت "إلى حد ما" على الشروط.
ونقل تقرير اعلامي عن الرئيس الجمهوري قوله خلال جولته الحالية في منطقة الخليج "نجري مفاوضات جادة للغاية مع إيران من أجل سلام طويل الأمد".
وأضاف "نقترب من التوصل إلى اتفاق ربما دون الحاجة إلى فعل ذلك الأمر؛... هناك خطوتان للقيام بذلك، هناك خطوة لطيفة للغاية، وهناك خطوة عنيفة، لكنني لا أريد القيام بذلك بالطريقة الثانية" فيما قال مصدر إيراني مطلع على المفاوضات إنه لا تزال هناك فجوات يتعين سدها في المحادثات مع الولايات المتحدة.
وانخفضت أسعار النفط بنحو دولارين اليوم الخميس وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق بين البلدين حول البرنامج النووي الإيراني. وتراجع سعر نفط ويست تكساس الوسيط بنسبة 3.29 في المائة مسجلا 61.7 دولارا للبرميل، فيما هبط سعر برنت بنسبة 3.15 في المائة مسجلا 64.1 دولارا.
ومن الواضح أن إيران، التي لطالما اتخذت موقفاً متشدداً تجاه برنامجها النووي، باتت الآن في موقع دفاعي يُجبرها على الرضوخ لمطالب المجتمع الدولي، لا سيما فيما يتعلق بوقف تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية. هذه الخطوة لا تعكس فقط رغبة إيران في تخفيف الأعباء الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، بل تؤكد أيضاً أنها باتت محاصَرة إقليمياً وتعاني من تراجع نفوذها السياسي، ما جعلها تبحث عن مخرج يُجنبها المزيد من العزلة والانهيار الداخلي. قبولها بالتفاوض والالتزام بشروط واضحة قد يكون محاولة لكسر الحصار المفروض عليها واستعادة بعض من توازنها في الساحة الدولية.
واعتمدت إدارة الرئيس الجمهوري سياسة "الضغوط القصوى" تجاه إيران وفرضت عليها عقوبات جديدة، لكنها بالمقابل تجري مفاوضات مع المسؤولين الإيرانيين الساعين لرفع هذه العقوبات التي تخنق اقتصاد بلدهم.
وفي مقابلة أجرتها معه شبكة "إن بي سي نيوز" التلفزيونية الأميركية، قال علي شمخاني إنّ إيران تتعهّد عدم بناء أسلحة نووية مطلقا، والتخلص من مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب، وتخصيب اليورانيوم حصرا إلى المستويات الضرورية للاستخدام المدني، والسماح للمفتشين الدوليين بالإشراف على العملية، وذلك كله مقابل الرفع الفوري لجميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية".
وردّا على سؤال عمّا إذا كانت إيران جاهزة لتوقيع اتفاق اليوم إذا ما تمّت تلبية مطالبها، قال شمخاني "نعم".

وأضاف، بحسب ما نقلت عنه الشبكة التلفزيونية، أنّ "الأمر لا يزال ممكنا. إذا نفذ الأميركيون ما يقولونه، فسنتمكن بالتأكيد من إقامة علاقات أفضل"، وهو ما "سيحسّن الوضع في المستقبل القريب".
ويعد مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60 بالمئة، وهي نسبة قريبة من 90 بالمئة المستخدمة في صنع القنابل، مصدر قلق منذ أمد طويل للقوى الغربية، التي تقول إنه لا يوجد مبرر، من جهة الاستخدام للأغراض المدنية، لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي. وتقول إيران إنها لا تسعى إلا للحصول على الطاقة النووية السلمية.
ودعا ترامب الأربعاء إلى تطبيق صارم للعقوبات الأميركية على إيران، مؤكدا في الوقت نفسه أمله في التوصل إلى اتفاق نووي.
وأجرت إدارته أربع جولات من المفاوضات مع طهران سعيا لإبرام اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بعدما حضّ الرئيس الأميركي الجمهورية الإسلامية على التفاوض، ملوّحا بقصفها في حال لم يتم التوصل الى تسوية في هذا المجال.
وفي الأسابيع الأخيرة، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على مجموعة من الكيانات والأفراد المرتبطين بصناعة النفط الإيرانية وببرنامجيها الصاروخي والنووي.
وفي 2018، سحب الرئيس الجمهوري خلال ولايته الأولى بلاده من الاتفاق الدولي المبرم مع طهران عام 2015 بشأن برنامجها النووي، وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك إجراءات ثانوية تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني.