ضغوط دولية متزايدة على العسكر في مالي لإعادة السلطة للمدنيين

روسيا والصين تعيقان إقرار نص في مجلس الأمن الدولي يدعم العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) على مالي بعد قرار العسكر تمديد فترة الحكم لخمس سنوات أخرى.
الجزائر تقترح فترة انتقالية تتراوح بين 12 إلى 16 شهرا بدلا من خمس سنوات
واشنطن: فترة انتقالية من خمس سنوات تعمق الأزمة الأمنية والسياسية والعميقة
عقوبات 'إيكواس' تثير مخاوف من زيادة التضخم ونقص السلع في بلد فقير وغير ساحلي

باماكو - شددت فرنسا والجزائر والولايات المتحدة الثلاثاء الضغط الذي تمارسه دول غرب إفريقيا على المجلس العسكري في مالي للامتثال لطلب الإسراع بإعادة السلطة لمدنيين منتخبين.

ويأتي ذلك في وقت يحاول فيه المجلس العسكري حشد الماليين باستخدام خطاب وطني ودعاهم إلى التظاهر الجمعة ضد العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).

وقررت 'إيكواس' خلال اجتماعها الأحد إغلاق الحدود مع مالي وفرض حظر تجاري عليها، ردا على خطة المجلس العسكري لمواصلة قيادة البلاد سنوات عدة.

ويفاقم تأثير العقوبات على المجلس العسكري، لكن أيضا على السكان، حالة عدم اليقين بشأن مستقبل البلد الذي يعاني من انعدام الاستقرار ويحكمه العسكريون منذ العام 2020.

وحذت فرنسا والولايات المتحدة الشريكان المهمان لمالي، حذو المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده والاتحاد الأوروبي يدعمان "الموقف الواضح والحازم للغاية" لإيكواس في مواجهة "انتهاكات المجلس العسكري".

وشدد ماكرون على أن الأوروبيين يستعدون بدورهم لتشديد عقوباتهم على الحكام العسكريين، فيما قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في اجتماع لمجلس الأمن إن بلادها تدعم عقوبات إيكواس.

واعتبرت السفيرة أن فترة انتقالية من خمس سنوات "تمدد معاناة" الماليين الذين يعانون أزمة أمنية وسياسية عميقة منذ اندلاع تمرد انفصالي شمال البلاد العام 2012 تلاه تمرد جهادي لا يزال مستمرا.

من جانبها حثّت الجزائر المجاورة لمالي والشريك المهم لها، السلطات العسكرية على "التحلي بروح المسؤولية البناءة". واعتبر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن "فترة انتقالية لمدة تتراوح بين 12 إلى 16 شهرا تكون معقولة ومبررة"، وفق بيان لمكتبه.

لكن ذلك الموقف يفتقر لإجماع الأسرة الدولية، فقد أفاد دبلوماسيون بأن روسيا والصين أعاقتا الثلاثاء إقرار نص في مجلس الأمن الدولي يدعم العقوبات التي قررتها إيكواس.

وهدف النص الذي اقترحته فرنسا إلى الحصول على موقف موحد للمجلس في ما يتعلق بمالي. وكانت روسيا قد دعت الاثنين إلى "تفهّم" السلطات المالية.

وتنتقد السلطات العسكرية بحدة عقوبات 'إيكواس' منذ الأحد وتدعو مواطنيها إلى الدفاع عن الوطن وسيادته.

وقال رئيس المجلس العسكري الكولونيل أسيمي غويتا الذي صار رئيسا "انتقاليا" في خطاب إلى الأمة مساء الاثنين "حان الوقت لكي يجتمع كل الماليين دون استثناء لإعادة تأكيد مواقفنا المبدئية والدفاع عن وطننا".

بدورها، دعت الحكومة التي نصّبها الجيش في بيان إلى "تعبئة عامة" في أنحاء البلاد الجمعة. ووصف الكولونيل غويتا قرارات 'إيكواس' بأنها "غير شرعية وغير قانونية وغير إنسانية".

ويثير حظر 'إيكواس' الذي لا يشمل المواد الأساسية، الخوف من التضخم ونقص السلع في بلد فقير وغير ساحلي يعاني من العنف بجميع أنواعه ومن وباء كوفيد-19.

وأثارت العقوبات انتقادات قوية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على الشبكات الاجتماعية. واتهمت الحكومة إيكواس بالسماح لنفسها بأن "تستغلها قوى من خارج المنطقة"، في إشارة واضحة إلى شركاء دوليين وعلى رأسهم فرنسا الحاضرة عسكريا في منطقة الساحل والتي تدهورت علاقاتها مع بامكو اثر الانقلاب العسكري.

لم تبرز حتى الثلاثاء سوى أصوات قليلة جدا في مالي ضدّ المجلس العسكري باستثناء ائتلاف أحزاب يعرف باسم "إطار تبادل الآراء" كسر هذا التحفظ بتحميله المجلس العسكري "حصرا" مسؤولية العقوبات.

ولا يزال من غير المعروف إن كان ردّ المجلس المتشدد اختبارا مؤقتا لقوته وشعبيّته أم موقفا سيدوم، فإلى جانب الانتقادات، أكد الكولونيل غويتا الاثنين أن "مالي منفتحة على الحوار مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لإيجاد توافق في الآراء".

لكن لا هو ولا الحكومة عرضا حتى الآن أي أفق لإنهاء الأزمة، بل إن الأخيرة مضت إلى حد إعلان اعتزامها وضع "خطة استجابة".

وكان العسكريون قد تعهدوا في العام 2020 بإعادة السلطة إلى مدنيين منتخبين في غضون 18 شهرا، لكنهم صاروا يقولون إنهم غير قادرين على الوفاء بالموعد النهائي المحدد في 27 فبراير/شباط 2022 لإجراء الانتخابات، مبررين موقفهم باستمرار انعدام الأمن في البلاد والحاجة إلى إصلاحات مسبقة حتى لا تتعرض الانتخابات للطعن مثل سابقاتها.