ضغوط قطرية على حماس تُتوج باتفاق لوقف النار في غزة
الدوحة - توصلت إسرائيل وحركة حماس اليوم الأربعاء بوساطة قطرية إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل رهائن محتجزين في قطاع غزة ومعتقلين فلسطينيين، بعد أكثر من 15 شهرا من حرب دامية أسفرت عن أكثر من 46 ألف قتيل وتسببت في أحد أسوأ الأزمات الإنسانية.
ويأتي هذا التطور بعدما أفاد مصدر مطلع وكالة فرانس برس بأن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني التقى بمفاوضي حماس في مكتبه في مسعى أخير لإنجاز الاتفاق، بينما يرجح أن تكون الدوحة التي تبحث عن انجاز دبلوماسي وازن يسبق تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني، قد ضغطت على قادة الحركة للقبول باتفاق هدنة لم تكن راضية على بعض بنوده رغم أن خياراتها انحسرت بشكل كبير مع انحسار جبهة الاسناد ممثلة في حزب الله اللبناني إلى جانب تراجع إيران عن انخراط أوسع في الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتسعى قطر إلى تعزيز علاقاتها مع الإدارة الأميركية المرتقبة وتفادي أي إجراءات قد تضر بمصالحها وتحالفها مع الولايات المتحدة خاصة وأن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين اتهموها في السابق بأنها لا تفعل ما يكفي للضغط على حماس للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني الأربعاء أن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل رهائن محتجزين في غزة ومعتقلين فلسطينيين، يدخل حيز التنفيذ الأحد المقبل.
وقال "يسرّ دولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الإعلان عن نجاح جهود الوساطة المشتركة لوصول طرفي النزاع في قطاع غزة إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى والرهائن والعودة إلى الهدوء المستدام وصولا لوقف دائم لإطلاق النار بين الجانبين".
وقبل وقت قصير من الإعلان، أشاد ترامب بالتوصل إلى اتفاق قبل خمسة أيام فقط من عودته إلى السلطة. وكتب على صفحته على موقع "تروث سوشال" Truth Social للتواصل الاجتماعي، "لدينا اتفاق بشأن الرهائن في الشرق الأوسط. سيتم إطلاق سراحهم قريبا. شكرا لكم!".
وقال ترامب في منشور ثان "ومع التوصل إلى هذا الاتفاق، فإن فريقي للأمن القومي، من خلال جهود المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سيواصل العمل بشكل وثيق مع إسرائيل وحلفائنا للتأكد من أن غزة لن تصبح مرة أخرى ملاذا آمنا للإرهابيين".
وقال مسؤول حكومي في الدولة العبرية إن الحكومة الإسرائيلية ستصوت على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة غدا الخميس وسط توقعات بأن يوافق عليه معظم الوزراء.
وقبل أيام قليلة من عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني، تكثفت المباحثات غير المباشرة في الدوحة من أجل التوصل إلى هدنة مصحوبة بالإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي تسبب باندلاع الحرب.
وأوردت قناة "القاهرة الإخبارية" القريبة من السلطات المصرية أن "الاتفاق الإطاري" الذي تم التوصل اليه "مكوّن من ثلاث مراحل مترابطة.. يتم تنفيذ المرحلة الأولى منها خلال 42 يوما".
وأوضحت أن المرحلة الأولى تتضمّن التوقّف المؤقت عن العمليات العسكرية من جانب الطرفين، مع انسحاب إسرائيلي شرقا وبعيدا عن المناطق المكتظة بالسكان لتتمركز على الحدود في جميع مناطق قطاع غزة. كما يشمل توقفا مؤقتا للطيران الحربي الإسرائيلي والاستطلاعي بغزة يوميا لمدة عشر ساعات.
وينص الاتفاق على الإفراج عن 33 رهينة في مرحلة أولى مدتها 6 أسابيع على أن يفرج عن 3 رهائن على الأقل كل أسبوع في هذه الفترة.
وخرج آلاف الغزيين في عدة مناطق من القطاع الفلسطيني احتفالا بالاتفاق، فيما ردد أغلبهم "الله أكبر، هدنة، هدنة" ، بينما أطلقت السيارات أبواقها.
وحمل المواطنون الأعلام الفلسطينية، وهم يعانقون بعضهم ويلتقطون صورا تذكارية، بينما أطلق آخرون الأعيرة النارية في الهواء.
وقالت رندة سميح (45 عاما) وهي نازحة من مدينة غزة لمخيم النصيرات وسط القطاع "لا أصدق أن هذا الكابوس الذي نعيشه منذ أكثر من عام سينتهي. لقد فقدنا كثيرين، فقدنا كل شيء، نحن بحاجة لكثير من الراحة".
وتابعت "فور بدء التهدئة سأذهب للمقبرة لزيارة شقيقي وأفراد عائلتي. دفناهم في دير البلح من دون قبور، سنبني لهم قبور جديدة ونكتب أسماءهم عليها".
وفي مدينة غزة، قال عبدالكريم مصباح (27 عاما) "أشعر بالفرح رغم كل ما خسرناه، سنعود للحياة، لا أصدق أني سألتقي بزوجتي وطفلَيَّ أخيرا، لقد غادروا لجنوب القطاع منذ عام تقريبا. أتمنى أن يسمح الاتفاق بعودة النازحين بسرعة".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، قال مصدر فلسطيني إن حركة حماس سلمت الوسطاء ردا "إيجابيا" على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة.
كما قال مصدر مصري إنه "تم التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب الفلسطيني في غزة بجهود الوسطاء بعد ساعات من العمل الشاق"، وفق قناة "القاهرة الإخبارية".
وكشف المصدر نفسه أن التنسيق جار لفتح معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى قطاع غزة.
وتوالت ردود الأفعال الدولية على الإعلان عن الاتفاق، إذ رحب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي باتفاق الهدنة وأكد في منشور على موقع "إكس" على ضرورة سرعة تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة، معبرا عن أمله في أن يقود إلى سلام مستدام وأن "تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية في عالم يتسع للجميع".
بدوره قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة خبر "طال انتظاره" وإن التركيز يجب أن يتحول إلى المساعدات الإنسانية وضمان مستقبل أفضل على المدى الطويل في المنطقة.
كما رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالإعلان عن التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس وحضّت الطرفين على التنفيذ الكامل للصفقة.
وجاء في منشور لها على منصة إكس أن "كلا الطرفين يحب أن ينفّذا بالكامل هذا الاتفاق، بصفته منطلقا نحو الاستقرار الدائم في المنطقة والحل الدبلوماسي للنزاع".