ضياع حقوق عمال المونديال رغم تعهدات قطر

الامارة الخليجية وفيفا ينشران أول استراتيجية مشتركة لاحترام الحقوق خلال النهائيات، ويتجاهلان آلية تنفيذ المبادىء السامية.

الدوحة - تتزايد الشكوك حول احترام قطر لحقوق العمال خلال مونديال 2022، حيث تجاهر الامارة الخليجية الصغيرة بقدرتها على حماية حقوق العمال، خاصة العاملين في مشاريع منشآت كأس العالم في حين يكشف الواقع استغلال العمالة وظروف العمل الخطيرة وفساد كبير، ووفيات لعمال أثناء تشييد الملاعب الرياضية والبنية التحتية استعدادا لاستقبال مباريات كأس العالم.

ونشرت قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم ('فيفا') الثلاثاء أول خطة مشتركة لاستراتيجية الاستدامة الخاصة بمونديال 2022، مع تعهد الدوحة باحترام حقوق العمال الى جانب حماية الناشطين والصحافيين.

كما تحدد "استراتيجية الاستدامة" المكونة من 112 صفحة، التزامات تتعلق بالاستدامة تشمل بناء كفاءات بشرية وحماية حقوق العمال، تقديم تجربة شاملة على مستوى البطولة، تحفيز النمو الاقتصادي، تقديم حلول بيئية مبتكرة، إرساء نموذج للحوكمة الرشيدة والممارسات التجارية الأخلاقية بحسب ما ذكر موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث المنظمة للمونديال الأول في الشرق الأوسط.

وكشفت اللجنة المنظمة المحلية والاتحاد الدولي "فيفا" في بيان أنه "تم تفصيل ما مجموعه 22 هدفا، الى جانب أكثر من 70 مبادرة وبرنامجا لتنفيذ الاستراتيجية".

ورأى المحلل المتخصص بمنطقة الخليج جيمس دورسي أن الإستراتيجية "تضع ضغطا على قطر"، موضحا "قد يلقى ذلك (الاستراتيجية المشتركة) ترحيبا جيدا من قطر، وقد شاركت في صياغة هذه الوثيقة. إنها تساعدهم على التعبير عن أنفسهم كمدافعين عن حقوق الإنسان والقيم".

لكن دورسي حذر بأنه من غير الواضح كيف سيتم مراقبة تنفيذ كل هذه "المبادئ السامية بالنسبة لفيفا".

وتحتوي الاستراتيجية أيضا على تعهد بأن تتلاءم جميع الملاعب والمكاتب الدائمة مع المعايير الصارمة للنظام العالمي لتقييم الاستدامة (جي أس أيه أس) من أجل تقليل الآثار البيئية.

وكشفت الوثيقة أن المنظمين سيحسنون "المعايير المستدامة للبناء والمعدات في قطر"، مع السعي لاستخدام مواد بناء صديقة للبيئة حيثما أمكن ذلك.

وتعهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الأمم المتحدة العام الماضي بأن تعمل البطولة على تحييد أثر الكربون ('كاربون نيوترل')، لكنه لم يقدم سوى القليل من التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك.

وتشدد الوثيقة على أن البطولات المقامة تحت اشراف الفيفا تحظر "التمييز من أي نوع ضد أي بلد، شخص عادي أو مجموعة من الأشخاص على خلفية العرق، لون البشرة، الأصل العرقي أو القومي أو الاجتماعي، الإعاقة، اللغة، الدين، الرأي، الثروة، الولادة أو أي وضع آخر".

وأضافت الوثيقة "كدولة مضيفة لكأس العالم 2022، تدرك قطر تماما مسؤوليتها في الالتزام بسياسات فيفا في مجال حقوق الإنسان وعدم التمييز".

وسيتلقى رجال الأمن تدريبات وإرشادات متخصصة في مجال حقوق الإنسان حول كيفية التعامل مع الناشطين في مجال الإعلام وحقوق الإنسان.

ورأت الأمينة العامة لفيفا السنغالية فاطمة سامورا أن "كأس العالم تتيح لنا فرصة فريدة لإحداث تغيير إيجابي، وهي فرصة يحرص كل من فيفا وقطر على الاستفادة منها. ذلك أن جميع الجوانب الهامة المتعلقة بالحدث تم تحديدها ومعالجتها على الوجه الأنسب في إطار هذه الاستراتيجية، من رعاية العمال وحقوق الإنسان إلى مكافحة التمييز وحماية البيئة على سبيل المثال".

انتهاك حقوق العمال رغم تعهدات قطر التجميلية
انتهاك حقوق العمال رغم تعهدات قطر التجميلية

انتهاك حقوق العمال في قطر

وفي ما يخص حقوق العمال، قالت الوثيقة أن قطر ستعزز "ظروف العمل والمعيشة اللائقة والتوظيف العادل، بما في ذلك الوصول الفعال" الى التدابير العلاجية، و"تشمل الجهود تدابير لحماية حقوق العمل وتعزيز بيئات عمل آمنة ومأمونة لجميع العمال المرتبطين بها، لاسيما العمال الأجانب في قطر، وتجنب أي عمل قسري وعمالة الأطفال".

وواجهت قطر انتقادات من جانب جمعيات حقوق الإنسان بشأن معاملتها للعمال الأجانب الذين يعملون في مشاريع منشآت كأس العالم.

وكشفت مصادر دبلوماسية ان السفير القطري في نيبال استولى على ملايين الدولارات من عمليات مشبوهة لتوظيف العمالة في قطر، حيث تكشف تقارير حقوقية ما يوصف بظروف الاستعباد يعيشها العمال الاجانب في الامارة الخليجية ومعظمهم يعملون في بناء منشآت بطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر في 2022.

وللعمال النيباليين معاناة خاصة، فقد لقي أكثر من الف عامل نيبالي حتفه في قطر في اوضاع اعتبرت في الغالب غير انسانية.

وأكدت المصادر الدبلوماسية ان 600 عامل نيبالي دفع كل منهم للسفير يوسف بن محمد الحيل تسعة ألاف دولار، اي ما مجموعه خمسة ملايين دولار، لبدء وظيفة في قطر التي نفت اكثر من مرة فرض اي رسوم على التوظيف.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه على الرغم من إعلان الحكومة عن تغيير القوانين الخاصة بالعمال، والتي تسمح لهم بعدم مغادرة البلاد دون الحصول على موافقة صاحب العمل، فإن هذا لم يطبق وما زال يواجه الذين يتركون أصحاب عملهم دون إذن عقوبة بسبب "الهروب" تشمل الغرامات والسجن والاعتقال.

وأوضحت المنظمة أن العديد من العمال الوافدين ذوي الأجور المنخفضة لا يزالون عرضة للعمل القسري.

ووثق تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية حالات نحو ألفي عامل يعملون في ظروف قاسية في منشآت رياضية تبنيها قطر، كما أنهم  لم يحصلوا على أجورهم وقد أجبر أغلبهم على العودة لبلادهم دون الحصول عليها.

وقالت المنظمة الحقوقية "بالرغم من الوعود الكبيرة للإصلاح التي تعهدت بها قطر قبل مونديال 2022، إلا أنها "تبقى مرتعا لبعض أرباب العمل المجردين من المبادئ".

عنصرية القوانين القطرية تنتهك المبادىء السامية للفيفا
عنصرية القوانين القطرية تنتهك المبادىء السامية للفيفا

العنصرية في المونديال

حذر تقرير صادرعن شبكة "فوكس نيوز" الأميركية من خطورة العنصرية التي من المنتظر أن يتعرض لها المشاركون في كأس العالم لكرة القدم 2022 ومشجعي عدة جنسيات لدى اعتزامهم السفر إلى قطر بسبب القوانين التمييزية التي يعتمدها النظام القطري.

وتساءلت الشبكة الأميركية، في تقرير على موقعها الإلكتروني عن جدية الدوحة في الالتزام بقواعد وأخلاقيات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والتي تتعارض مع القوانين القطرية.

وتحت عنوان "هل ستسمح قطر للإسرائيليين والمصريين بحضور كأس العالم 2022؟"، تناولت "فوكس نيوز" تقريرا أصدرته شركة الاستشارات البريطانية، كورنرستون غلوبال اسوسياتس، يتألف من 12 صفحة وتحذر فيه من مخاطر متعلقة بكأس العالم 2022 الذي من المقرر إقامته في الدوحة.

ويتحدث التقرير البريطاني عن حظر مشجعي كرة القدم من حضور الفعالية التي تقام كل 4 سنوات بناء على جنسيتهم، في انتهاك واضح لقواعد أخلاقيات "الفيفا".

وأوضح التقرير أن أكبر الباكر، الأمين العام للمجلس الوطني للسياحة في قطر، قال في شهر مايو/أيار، إنهم لن يصدروا تأشيرات "لأعدائهم"، في إشارة إلى كل من يرفض سياسة الدوحة المتهمة بدعمها الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة.

وأضاف التقرير أن هناك مواطنين من جنسيات بعينها لن يكونوا قادرين على تقديم طلبات للحصول على تأشيرة لزيارة قطر، إذ لا تدرج دولهم ضمن قائمة الدول الموجودة على الموقع الرسمي لقطر.

وأوضحت "فوكس نيوز" أن قطر، حليف النظام الإيراني، حاليًا تخضع لمقاطعة من جانب الرباعي العربي مصر والسعودية والإمارات والبحرين، في إشارة لإمكانية منعها من حضور المباريات.

وحذر غانم نسيبة مؤسس شركة "كورنرستون غلوبال أسوسياتس" من خطورة تضارب أخلاقيات الاتحاد الدولي لكرة القدم والقوانين القطرية التمييزية.

وقال نسيبة لـ"فوكس نيوز" إن الدوحة ربما ستجد نفسها أمام وضع تبدو فيه كما لو أن القطريين يدعمون قيما تتناقض مع ما يقولون إنهم يدعمونه.

تضارب أخلاقيات الاتحاد الدولي لكرة القدم والقوانين القطرية التمييزية
تضارب أخلاقيات الاتحاد الدولي لكرة القدم والقوانين القطرية التمييزية

فضيحة الرشى تطارد مونديال قطر

لا تزال قضية الرشاوى الضخمة التي قدمتها قطر للفوز بتنظيم كأس العالم تثير جدلا واسعا في مختلف الأوساط الرياضية العالمية.

وتحقق السلطات الفرنسية في الطريقة التي أسند بها تنظيم مونديال 2022 إلى قطر، وسط شبهات بأن الدوحة دفعت عشرات الملايين من الدولارات رشاوى لمسؤولين في الفيفا.

وفي يونيو/حزيران أوقفت السلطات الفرنسية ميشال بلاتيني، الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم والموقوف عن ممارسة أي نشاط كروي، احتياطيا في إطار تحقيق حول فساد في منح قطر حق استضافة مونديال 2022.

وكشفت وثائق مسربة حصلت عليها صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن الدوحة دفعت ما مجموعه 880 مليون دولار أميركي إلى الفيفا، في مسعاها لاستضافة بطولة كأس العام المقبلة لكرة القدم.

وقسمت الدوحة المبلغ الذي منحته للفيفا مقابل استضافة المونديال على دفعتين، الأولى قيمتها 400 مليون دولار أميركي تم تسديدها.