طالبان الحذرة تعول على "موسم القتال" للضغط على واشنطن

نهاية موسم الثلوج وعودة الدفء تسهل سعي عناصر حركة طالبان المسلحة لشن المزيد من الهجمات الدموية في أفغانستان، بهدف الحفاظ على ثقل مساوماتها على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.
لا يوجد أي اتفاق أو وثيقة رسمية للمفاوضات بين الحركة وواشنطن
استئناف المحادثات يأتي بعد هجوم دام استهدف قاعدة عسكرية أميركية-أفغانية

كابول - أعلنت حركة طالبان أن محادثات السلام التي تجريها مع الولايات المتحدة تتقدم بشكل تدريجي، بعد يومين من هجوم للحركة استهدف قاعدة عسكرية أميركية-أفغانية وأوقع 23 قتيلا.

واستؤنفت المحادثات في نهاية الأسبوع في العاصمة القطرية الدوحة بعد أن عُلّقت مؤقتا الأسبوع الماضي لـ"إتاحة الوقت للتشاور".

وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في بيان إن "الجولة الحالية من المحادثات في الدوحة تتقدم بشكل تدريجي. نظرا لأن الموضوع شديد الحساسية والدقة، لذا فإن التقدم يحصل بتأنٍّ وبحذر".

وتابع المتحدث أن المفاوضات تركز بشكل أساسي على انسحاب محتمل للقوات الأميركية واتفاق للحؤول دون استخدام أفغانستان كملاذ آمن للإرهابيين.

وتأتي اللقاءات الأخيرة بعد محادثات ماراتونية عقدت في يناير توصل خلالها الجانبان إلى "مسودة ورقة عمل" حول هذين الموضوعين.

وتابع مجاهد "يجب القول أنه لم يتم حتى الآن التوصل إلى تفاهم حول أي اتفاق أو وثيقة".

ولم تصدر الولايات المتحدة بيانا حول المحادثات.

والخميس ألمح تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن القوات الأميركية قد تغادر أفغانستان في غضون خمس سنوات بموجب خطة للبنتاغون تشكل جزءا من اتفاق محتمل مع طالبان لإنهاء حرب مستمرة منذ 18 عاما.

وسارعت طالبان لنفي ما ورد في التقرير، مؤكدة أن أي مقترحات كهذه لم تطرح خلال المساعي الدبلوماسية القائمة منذ أشهر.

بدورها دفعت الولايات المتحدة باتّجاه وقف لإطلاق النار وفتح حوار بين الحركة والحكومة الأفغانية، وهو ما ترفضه طالبان.

ويأتي استئناف المحادثات بعد هجوم كبير استهدف الجمعة قاعدة شوارب العسكرية الأميركية-الأفغانية في ولاية هلمند في جنوب غرب أفغانستان، استمر لساعات، وأدى إلى مقتل 23 عنصرا من قوات الأمن الأفغانية في إحدى أكبر المنشآت العسكرية في البلاد.

وأدى تساقط الثلوج بغزارة في مناطق شاسعة من أفغانستان إلى انخفاض كبير في أعمال العنف هذا الشتاء، لكن عودة الدفء ستؤدي على الأرجح إلى زيادة في إراقة الدماء مع حلول الربيع الذي يعتبر موسم القتال.

ويرجح محللون أن تزيد حركة طالبان وتيرة هجماتها في الأشهر المقبلة في سياق سعيها للحفاظ على الزخم في ساحة المعركة والثقل على طاولة المفاوضات.

وقال سرور دانش النائب الثاني للرئيس الأفغاني، أمس السبت، إن قوات بلاده "ستحارب حركة طالبان لحين قبولها السلام".
جاء ذلك في كلمة ألقاها دانش، بالعاصمة كابول، أوضح فيها أن طالبان تحاول بث الوهن في معنويات قوات الأمن الأفغانية عبر شن هجماتها في البلاد.
وأشار إلى أن قوات الأمن الأفغانية قدمت تضحيات كبيرة على مر السنوات الـ 18 الأخيرة. مبينا أن قوات بلاده مستعدة لبذل الغالي والنفيس لضمان أمن البلاد.
وأضاف "أعداء أفغانستان يطلقون شعار السلام من جهة، ومن جهة أخرى ترجو تفكك وهزيمة الجيش الأفغاني البطل".
وتشهد أفغانستان منذ سنين صراعا بين حركة طالبان من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا من المدنيين.
وفي 2001، قادت واشنطن قوات دولية أسقطت نظام حكم طالبان، بتهمة إيوائه تنظيم "القاعدة".
تجدر الإشارة إلى أن واشنطن وممثلين عن حركة طالبان عقدا في يناير الماضي جولة مباحثات للسلام في العاصمة القطرية الدوحة، استمرت 6 أيام.
وتصر طالبان على خروج القوات الأميركية من أفغانستان كشرط أساسي للتوصل إلى سلام مع الحكومة الأفغانية.

ويخشى المجتمع المدني الأفغاني وخصوصا المدافعين عن حقوق المرأة من أن يفتح انسحاب سريع لقوات التحالف الدولي أو اتفاق يبرم سريعا مع طالبان، المجال لعودة نظام المتمردين القمعي أو لحرب أهلية أكثر دموية.

وبينما يرجح أن تظل أفغانستان معتمدة على المساعدات الأجنبية لسنوات، تدرك طالبان أنه لا يمكنها العودة إلى الماضي عندما اجتاح مقاتلوها كابول بعد فوضى الحرب الأهلية في التسعينات، لكن الحركة تصر على أنه ستكون هناك عودة إلى تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.

ومع ذلك يشكك الكثير من الأفغان في ادعاءاتها أنها مالت إلى اللين حتى في الوقت الذي تتوق فيه إلى نهاية للحرب.

وتسيطر طالبان التي تغلب عليها عرقية البشتون، أقوى العرقيات في جنوب وشرق البلاد، على مناطق واسعة من الريف الأفغاني وتجمع فيها الضرائب وتدير المحاكم وتسيطر على التعليم.