طالبان ترفض الإفراج عن سجنائها بالتقسيط

الرئيس الأفغاني أشرف غني يوافق على توقيع الإفراج عن سجناء طالبان عبر دفعات كتعبير عن بادرة حسن نوايا للبدء في مفاوضات سلام بين الجانبين.

كابول - بدأت حركة طالبان في استعراض قوتها وقدرتها على قيادة العملية السياسية في أفغانستان برفضها اليوم الأربعاء خطة الرئيس أشرف غني للإفراج المشروط عن سجنائها، في أول مؤشر على استقوائها بالاتفاق التي وقعته مؤخرا مع الولايات المتحدة في الدوحة.

وقال المتحدث باسم طالبان سهيل شاهين الأربعاء إنه "يتعين الإفراج عن 5 آلاف سجين ضمن تدابير بناء الثقة، وهذا يجب أن يحصل قبل المحادثات الداخلية الأفغانية".

وأضاف "لم نوافق قط على أي إفراج مشروط عن السجناء"، مشيرا إلى أن أي تغير لذلك يرقى إلى "انتهاك" للاتفاق المبرم بين المتمردين وواشنطن في الدوحة الشهر الماضي.

وكان المتحدث باسم القصر الرئاسي الأفغاني، صديق صديقي قد كشف الأربعاء أن الرئيس الأفغاني أشرف غني وقع أمرا الليلة الماضية بالعفو عن الدفعة الأولى من سجناء حركة طالبان وإطلاق سراحهم، للبدء في مفاوضات سلام بين الحكومة الأفغانية وطالبان.

وذكرت قناة "طلوع نيوز" التلفزيونية الأفغانية أنه طبقا للجزء الأول من المرسوم، الذي تم كشف النقاب عنه لوسائل الإعلام اليوم الأربعاء فإنه "سيتطلب من السجناء، الذين سيتم إطلاق سراحهم التعهد كتابة بعدم العودة للحرب. وسيتم إطلاق سراح السجناء، بعد عملية بيومترية.

وحسب الجزء الثاني من المرسوم فإن "إطلاق سراح سجناء طالبان وعددهم 1500 يمثل بادرة حسن نوايا . وستبدأ العملية في 14 آذار/مارس في سجون باروان. وكل يوم سيتم إطلاق سراح مئة من سجناء طالبان، بالأخذ في الاعتبار السن والحالة الصحية والفترة المتبقية من حكم السجن.

طالبان تؤكد رفضها أي محادثات مع الحكومة الأفغانية قبل الإفراج عن جميع السجناء البالغ عددهم 5 ألاف سجين

وطبقا للجزء الثالث من المرسوم فإنه "مع بدء المفاوضات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان، فإن كل أسبوعين، سيتم إطلاق سراح 500 من سجناء طالبان- شريطة استمرار تقليص كبير للعنف- إلى أن يتم إطلاق سراح 3500 آخرين.

لكن الحركة الأفغانية المتشددة رفضت ذلك وقالت إن خطة غني للإفراج المشروط عن سجنائها تنتهك الاتفاق الذي أبرمه المسلحون مع الولايات المتحدة وإنها لن تجري محادثات مع الحكومة الأفغانية قبل الإفراج عن جميع السجناء.

وأثار الاتفاق المبرم في الدوحة في 29 فبراير/شباط الماضي بين طالبان وواشنطن جدلا وتساؤولات حول تفاصيله بعد أن كشفت مصادر مطلعة على المحادثات أن الصفقة التي تمت بين الطرفين بوساطة قطرية تثير الشكوك حول تبادل مصالح جرى بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب الباحث عن تحقيق وعوده الانتخابية والحركة المتشددة الساعية إلى إضفاء شرعية دولية على نشاطاتها والخروج من عبائة المجموعة الإرهابية التي روعت الأفغان على مر سنوات من الحرب.

وينص اتفاق الدوحة الذي وصف "بالتاريخي" على انسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة بعد أكثر من 18 عاما من الحرب لكن ينبغي التفاوض بشأن السلام بين المتشددين والحكومة المدعومة من واشنطن.

وأهم عناصر اتفاق الانسحاب الأمريكي هو تعهد طالبان بأنها لن تدع الإرهابيين يستغلون أفغانستان لمهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها.

وسيسمح الاتفاق لترامب بتنفيذ تعهده بإنهاء الحرب وإعادة كل القوات إلى الوطن في غضون 14 شهرا.

ويهدف الإفراج عن السجناء، بما في ذلك نحو ألف من القوات الحكومية تحتجزهم الحركة المتشددة، إلى بناء الثقة بهدف تمهيد الطريق أمام بدء محادثات مباشرة بين الأفغان.

ويرجع تباين مواقف طالبان وحكومة غني إزاء القضية فيما يبدو إلى اعتماد الولايات المتحدة صياغة وثائق متباينة بينها وبين وطالبان من جانب وبينها وبين الحكومة الأفغانية من جانب آخر.

h
واشنطن تهدف إلى سحب جميع قواتها من أفغانستان في غضون 14 شهرا إذا التزمت طالبان

وحث المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد الجانبين على الجلوس لإجراء محادثات لحل المشكلة، لكن رغم رغم اتفاق الدوحة استمر القتال في أنحاء مختلفة من أفغانستان.

وقال مسؤول كبير بالحكومة الأفغانية إن موقف الحكومة الذي حدده غني لن يتغير.

لكن مراقبون يقولون أن اتفاق الدوحة أعطى للحركة الأفغانية المتشددة القدرة على إدارة الأمور والتحكم في مسار المحادثات بشكل يفوق السلطة في كابول خصوصا بعد ظهور نزاع غير مسبوق بين الرئيس الأفغاني ومنافسه السياسي بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أيلول/سبتمبر.

والاثنين، ظهرت السلطات في كابول في حالة تشرذم أكثر من أي وقت مضى، حين أعلن أشرف غني وخصمه الرئيسي عبد الله عبد الله فوز كل واحد منهما بالانتخابات وتنصيب نفسيهما رئيسا لأفغانستان ليؤديا اليمين في مراسم منفصلة ما أغرق البلاد في أزمة دستورية.

 كما حرصت واشنطن على الدفع بمجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يؤيد اتفاق الدوحة في خطوة تؤكد سعيها لإضفاء شرعية دولية عليه.

وأمس الثلاثاء، صوت المجلس المكون من 15 عضوا بالإجماع على تبني النص الذي ترعاه الولايات المتحدة والذي "يرحب باتخاذ الخطوات المهمة نحو إنهاء الحرب وفتح الباب أمام المفاوضات بين الأفغان".