'طبقة فحل' في الأردن تقف شاهدة على تعاقب الحضارات

المنطقة الواقعة في شمال المملكة تُعد من أبرز المواقع الأثرية لاحتوائها على دلائل تشير إلى استيطان بشري استمر دون انقطاع، بدءًا من العصور الحجرية.
'بيلا' التي تعني باللغة اليونانية 'الجميلة' اسم آخر اشتهرت به المنطقة التاريخية
الإسكندر المقدوني أطلق اسم بيلا على المنطقة تيمنًا بمسقط رأسه في اليونان
أهمية طبقة فحل أو بيلا تكمن في موقعها الجغرافي وإشرافها على طريقين تجاريين قديمين
بيلا تطل على مدينة بيسان الفلسطينية
المنطقة كانت في العصر الاسلامي تابعة لجند الأردن
الأردن يضم نحو مئة ألف موقع أثري وسياحي

الغور الشمالي (الأردن) - على بعد 50 كيلومترا من محافظة إربد شمالي الأردن، تقف منطقة "طبقة فحل" الأثرية بحجارتها الشاهدة على حركة التاريخ، تروي لزوارها قصص الحضارات التي قامت منذ آلاف السنوات.
لكن "بيلا" التي تعني باللغة اليونانية "الجميلة"، وهو اسم آخر اشتهرت به المنطقة التاريخية، ويعود ذلك للإسكندر المقدوني عام 332 قبل الميلاد، الذي أطلقه على المنطقة تيمنًا بمسقط رأسه في اليونان، بحسب المرويات التاريخية.
تُعد المنطقة من أبرز المواقع الأثرية ليس في الأردن فقط، وإنما في شمالي الجزيرة العربية، إذ تحوي دلائل تشير إلى استيطان بشري استمر دون انقطاع، بدءًا من العصور الحجرية.
 تاريخ بيلا
وتكمن أهمية طبقة فحل أو بيلا بموقعها الجغرافي وإشرافها على طريقين تجاريين قديمين، الطريق الرابط بين شبه الجزيرة العربية وهضبة الأناضول، والآخر الذي يربط بلاد ما بين النهرين والشواطئ الشرقية للبحر المتوسط ومصر.

أكثر ما يجذب الزوار هو إطلالة منطقة 'طبقة فحل' على فلسطين

شهدت "طبقة فحل" عهودًا من الازدهار إبان احتلالها من قِبل الرومان، إذ شُيدت المباني والمسارح، وعُدت من المدن العشر الديكابوليس (الحلف الروماني)، لكنها تعرضت للتدمير إبان الغزو الفارسي عام 613 ميلادية، لكن ذلك لم يدم طويلًا، إذ استعاد الرومان السيطرة عليها.
تطل بيلا على مدينة بيسان الفلسطينية، المكان الذي شهد إقامة معسكر الرومان في معركة "بيسان" ضد المسلمين، والتي انتهت بانتصار المسلمين ومقتل قائدي الرومان أسقلا، والمسلمين عامر بن أبي وقاص.
في العصر الإسلامي، كانت المنطقة تابعة لجند الأردن، وسكنها الأمويون والعباسيون والأيوبيون والمماليك، وهجرها الناس بعد تعرضها لزلزال مدمر عام 749 ميلادية.
وتبلغ مساحة الموقع الأثري للمنطقة نحو أربعمئة دونم (الدونم = ألف متر مربع)، وتتنوع آثارها بين المباني اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
تنقيب مستمر
تحوي المنطقة عددا كبير من المواقع التاريخية العتيقة، بينها قبور أثرية، وبقايا نافورة ضخمة، وهيكل روماني ومدرج، والكنائس الثلاث التي تعود للعهد البيزنطي، وبقايا مسجد أموي من الحقبة الإسلامية.
ويقول مدير آثار محافظة إربد زياد غنيمات إن منطقة "طبقة فحل" تُعد من أقدم المواقع الأثرية في الأردن، إذ كانت أحد مدن الحلف الروماني الأربع الموجودة في محافظة إربد، وهي قويلبة وأم قيس وبيت رأس وطبقة فحل.
وأضاف تتميز المنطقة بموقعها الجغرافي، وانخفاضها 31 مترًا فقط عن سطح البحر، ما يجعل مناخها دافئا صيفًا وشتاءً.
وأشار إلى أن "دائرة الآثار العامة بالشراكة مع المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص، تولي المنطقة أهمية خاصة، بالتعاون مع البعثات الأثرية الأجنبية المستمرة منذ عشرات السنوات، التي تقوم بعمليات التنقيب والصيانة".

وأردف غنيمات أن "نتائج التنقيب المستمر تؤكد أن الموقع عبارة عن كنز تاريخي، فهناك اكتشافات أثرية جديدة باستمرار".
وثمّن المسؤول الأردني جهود المجتمع المحلي بمنطقة "طبقة فحل" في الحفاظ على المواقع الأثرية، مشددًا في الوقت ذاته على دائرة الآثار توفير الحماية اللازمة للمنطقة؛ منعًا للعبث والتخريب.
 إطلالة على فلسطين
من جهتها، قالت مديرة سياحة محافظة إربد، مشاعل خصاونة، إن "طبقة فحل" تشهد إقبالًا لافتًا للسُيّاح من مختلف العالم، على مدار العام، دون انقطاع بسبب دفء الأجواء في المنطقة صيفًا وشتاءً.
وذكرت أن مركز استقبال تابعا لوزارة السياحة، يتولى إطلاع السُيّاح على الأهمية التاريخية والأثرية للمنطقة، وتعريفهم بالحضارات التي مرت عليها.
وأوضحت أن "السياحة في فحل لا تقتصر على الخارجية، وإنما على الداخلية أيضًا، فهي منطقة جاذبة للمواطنين من المملكة، فالخضرة الدائمة وجمال المناظر تستهوي الجميع".
ولفتت إلى أن وزارة السياحة تحرص على تمكين المجتمع المحلي وإشراكه في عملية التنمية السياحية من خلال التدريب في كيفية التعامل مع السياح والحفاظ على الموروث السياحي والحرف التقليدية، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية من خلال تنظيم المهرجانات المختلفة والسهرات الرمضانية والتراثية.
واعتبرت أن أكثر ما يجذب الزوار هو إطلالة منطقة "طبقة فحل" على فلسطين، إذ يستمتعون برؤية بيسان على بُعد مسافة قريبة.
ويضم الأردن وفق إحصائيات رسمية نحو مئة ألف موقع أثري وسياحي.