"طريق غير مُعبَّد" .. الهوية أن تجد نفسك

حصة سليمان المحترش وضعت روايتها تحت مثلث تابو – اختلاف المذاهب في الدين الإسلامي.
الكاتبة تسلك الطريق الأكثر واقعية اجتماعياً في الكتابة في محاولة لوصول قارئها إلى قناعة أن الاختلاف لا يعني الخِلاف
صوت الإنسان الذي لا يرضخ للفوارق المذهبية في أسلوب الحياة وإصدار الحكم على الآخرين

بيروت ـ البحث عن الذات والهوية خارج الأطر المألوفة للتربية الأسرية، والثقافة الموروثة، واختلاف المذاهب، هو المجال الذي تدور حوله رواية "طريق غير مُعبَّد" للكاتبة المبدعة حصة سليمان المحترش التي وضعت روايتها تحت مثلث تابو – اختلاف المذاهب في الدين الإسلامي، وتوتر العلاقة مع الآخر المتضاد مذهبياً - ستحاول الكاتبة عبرها توثيق العلاقة بين السني والشيعي برباط الوطن الذي يجمع الكل على أرضه، سالكة الطريق الأكثر واقعية اجتماعياً في الكتابة في محاولة لوصول قارئها إلى قناعة أن الاختلاف لا يعني الخِلاف. 
إذ يمثل بطلا روايتها "حسن"، و"رشا" صوت الإنسان الذي لا يرضخ للفوارق المذهبية في أسلوب الحياة وإصدار الحكم على الآخرين. حسن (الشيعي) ابن القطيف صاحب العقل الحر الذي خالف أوامر والده وترك الدراسة بالحوزة الدينية، واختار الذهاب في طريق غير معبد إلى لندن لدراسة الطب، تاركاً رضاء الوالدين والعائلة والجماعة والأصدقاء. 
و"رشا" (السنية) ابنة الرياض التي رفضت أن تكون صورة عن والدتها الضعيفة والمكبلة والمتوقفة حياتها على وجود زوجها ونفقته، ولأن "رشا" شخصية مختلفة عن والدتها، ستواجه الحياة بقوة وذكاء وستختار من الشباب من يشابهها فكراً وخُلقاً ليكونا معاً ثنائياً مستقلاً بالتفكير والقرار، فكلاهما حسن ورشا متفقان "أن الهوية ليست مذهباً أو جنسية"؛ وإنما هي "أن تجد نفسك، لا أن تضيع في الآخرين"، لذلك ستجمعهما مقاعد الدراسة في لندن وسيكلل صداقتهما الدافئة الحب، ولكن في النهاية هل يمكن لكليهما الوقوف ضد مفاهيم مجتمع يحكمه الكابوس الطائفي والتمايز المذهبي؟
من أجواء الرواية نقرأ:
"كانت ليلة صعبة لا تزال تعيش في قلبه، تهزه وترمي به دون معنى. لكن هل التخلي عن الجماعة ومواجهة سيل التخوين والتكفير يستحق أن يعيش حرّاً؟
ظل يسأل نفسه: هل أستحق؟ هل يستحق هذا الثمن؟ هل أنا حر الآن وسعيد؟ كان يشعر أحياناً أنه لا يزال أسيراً لرضاء الوالدين والعائلة والجماعة والأصدقاء، إذ لا يزال رغم مرور تلك السنوات يشعر بالفقد والحنين، يشعر أنه بحاجة لذلك المحيط رغم اختلافه معه.
لقد ترك كل شيء خلفه مجبراً رغم أنه بدا مُحتاراً بنظرهم. وكان قلبه لا يزال يلتفت لكل ما تركه خلفه، لا يزال يراقب ويطمع بالأخبار. وكان يفكر أن هذا الشرخ في قلبه لن يجبر أبداً، ولكن قد يعتاد على الألم".     
الرواية صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون في 416 صفحة.