طهران تبحث مع بغداد التبادل التجاري بالعملات المحلية لاسترداد أموالها

العراق يشكل منفذاً اقتصادياً لإيران للالتفاف على العقوبات ودعم الاقتصاد المحلي بينما تميل الكفة التجارية لصالح طهران على حساب بغداد.

بغداد - بحث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الثلاثاء، مع وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، إمكانية استخدام عملتي البلدين في التبادل التجاري والتحويلات المالية الثنائية، في خطوة من شأنها أن تمكن إيران من استرداد أموالها لدى العراق دون أن يحصل العراق على حاجته من القطع الأجنبي.

ويحتل العراق مكانة مهمة في التجارة الخارجية الإيرانية في ظروف العقوبات القاسية التي تواجهها إيران، إذ تشكل بغداد منفذاً اقتصادياً للالتفاف على العقوبات ودعم الاقتصاد الإيراني. كما تميل الكفة التجارية الإيرانية العراقية لصالح طهران، فالصادرات العراقية إلى إيران لا تكاد تذكر ووصلت خلال العام الماضي إلى 264 مليون دولار.

ومن شأن هذه الخطوة أن تمكن طهران من الحصول على مستحقاتها، فبسبب العقوبات الأميركية لا يمكن لها الحصول على عوائد صادراتها إلى العراق نقدا التي تبلغ مليارات الدولارات. 

وعادة تحصل إيران على أموالها المفرج عنها بنظام المقايضة، حيث تشتري سلعاً في الخارج وتُدفع قيمتها بتلك الأموال وفق آلية تتفق عليها الدول التي تجمد أموالاً إيرانية مع الولايات المتحدة وإيران.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أن السوداني استقبل علي آبادي وجرى خلال اللقاء، بحث العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وسبل تعزيزها وتدعيم التبادل والشراكة في مختلف الصُّعد والمجالات.

وأشار السوداني إلى استعداد العراق لفتح آفاق التعاون الثنائي في مجال الصناعات البتروكيماوية وصناعة الأسمدة، لما لها من أثر قوي في تعزيز التنمية الداخلية.

وبحسب البيان، نقل الوزير الإيراني تأكيد الرئيس إبراهيم رئيسي، ضرورة المضيّ بمشاريع التكامل الاقتصادي المثمر في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة والعالم.

كما شهد اللقاء، التباحث في إمكانية الاتجاه إلى استخدام العملات الوطنية للبلدين في التبادل التجاري، والتحويلات المالية الثنائية، من أجل المزيد من المرونة في التعامل، لما فيه مصلحة البلدين.

وتشير تقارير إلى أن العراق كان مصدراً مهما لإرسال النقد الأجنبي إلى إيران خلال السنوات الماضية، بعد بدء واشنطن عقوباتها القاسية من عام 2018 إثر انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية، إلى ضم العراق إلى نظام سويفت المالي الدولي، خلال الأشهر الماضية، للحؤول دون تهريب الدولار إلى إيران، حسب تصريحات أميركية.

وأوضح عبد الأمير ربيهاوي، في تموز/ يوليو الماضي، في اجتماع الغرفة الإيرانية العراقية المشتركة، أن ضغوط الخزانة الأميركية تمنع العراق من استخدام عملته الرسمية لتحويل الأموال إلى إيران، مما يجبره على استخدام عملة السوق الحرة والتي تختلف بنسبة 10 بالمئة عن العملة الرسمية وتضر بالتجار الإيرانيين.

ووصلت قيمة الصادرات الإيرانية إلى العراق خلال العام الإيراني الماضي من 21 مارس/ آذار 2022 إلى 21 مارس 2023، إلى 10 مليارات و238 مليون دولار، وترمي إيران حاليا إلى رفع حجم التجارة مع العراق.

وأعربت منظمة التنمية التجارية الايرانية، في سبتمبر أيلول الماضي عن استعداد حكومة بلادها للتعاون مع العراق والمساهمة في تطويره صناعيا لغاية العام 2035، مرجحة امكانية رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى قرابة 40 مليار دولار سنوياً.

وقال رئيس المنظمة مهدي ضيغمي خلال مؤتمر تجاري مشترك، إن ايران مستعدة لمساعدة العراق عبر تزويده بالتكنولوجيا وتطوير المشاريع الصناعية في العراق. مشيرا إلى أن حجم العلاقات التجارية بين ايران والعراق آخذ في الازدياد ويمكنه ان يصل الى 30 او 40 مليار دولار سنويا.

وتابع ضيغمي إن "اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين تدرس وضع الخطط وتطوير البنى التحتية وسبل التنمية التجارية بين إيران والعراق وكذلك ايجاد التوازن التجاري"، منوها إلى أن "اللجنة درست ايضا الغاء القيود التجارية والمواصفاتية بين البلدين وكذلك القضايا اللوجستية والتجارية لرفع حجم التجارة الحالية الى 20 مليار دولار سنويا".

وذكرت أرقام مختلفة عن حجم المستحقات الإيرانية لدى العراق، إذ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في وقت سابق، إنها تبلغ 17 مليار دولار، فيما قال السفير الإيراني لدى العراق محمد كاظم آل صادق، إنها 11 مليار دولار. 

وخلال مارس/آذار الماضي، قال الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية حميد حسيني إن الولايات المتحدة الأميركية سمحت للعراق بتسديد نصف مليار دولار من مجموع المستحقات الإيرانية لدى العراق، والتي تبلغ نحو 18 مليار دولار حسب قوله.

وأضاف حسيني في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية أن العراق يودع مستحقات إيران من صادرات الغاز والكهرباء في حساب الشركة الوطنية للغاز والكهرباء، "لكن ذلك لا يعني أن هذه الأموال أصبحت في متناول إيران"، حيث تصدر إيران نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء إلى العراق سنوياً.

ويرى مراقبون أن الإصرار العراقي على استيراد النفط الإيراني كان سببه وزير النفط العراقي السابق جبّار اللعيبي وبعض الأحزاب السياسية المقرّبة من طهران، رغم معارضة كبار المختصّين والمهندسين بوزارة النفط العراقية، لتعود على الإيرانيين عوائد مالية تقدّر بنحو 3.5 مليارات دولار سنوياً من تصدير النفط إلى العراق.

وقال حسيني أنه "من الآليات التي تسرع الإفراج عن أموالنا هو الاستثمار في العراق، ما يعود بفوائد وإنتاجية، أو العمل مع التجار العراقيين لاستيراد السلع."