
طهران تتحدى الغرب بتسليم موسكو منصات إطلاق صواريخ باليستية
واشنطن - في خطوة تُعد تحدياً مباشراً للولايات المتحدة والغرب، تستعد إيران لتسليم منصات إطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا، لاستخدامها في الحرب الجارية ضد أوكرانيا، وفقاً لما أفاد به مسؤولان أمنيان غربيان ومسؤول إقليمي. هذا التطور يشير إلى تصعيد نوعي في مستوى الدعم العسكري الإيراني لموسكو، ويعكس تجاهلاً واضحاً للتحذيرات الأميركية التي دعت طهران مراراً إلى الامتناع عن تزويد روسيا أو أي جهات معادية أخرى بأسلحة متطورة أو منصات صاروخية قد تؤدي إلى تفاقم النزاعات الإقليمية والدولية.
وتأتي هذه الخطوة الإيرانية رغم حساسية المرحلة التي تشهد مفاوضات نووية غير مباشرة بين طهران وواشنطن، وفي ظل تقارب ملحوظ بين موسكو والجانب الأميركي بشأن ملفات أمنية. إلا أن هذه التحركات تثير استياء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي سبق أن انتقدت بشدة الترسانة الصاروخية الإيرانية، واعتبر وزير الخارجية ماركو روبيو أن طهران تستخدم قوتها الصاروخية لتعزيز نفوذها في المنطقة وتغذية النزاعات. ويبدو أن إيران ماضية في توسيع نفوذها الاستراتيجي، حتى على حساب التوتر مع القوى الغربية، ما يعقّد فرص أي تسوية سياسية قريبة سواء في الملف النووي أو في الأزمة الأوكرانية.
وكانت الولايات المتحدة قالت إن طهران أرسلت صواريخ من هذا النوع لروسيا في 2024 لاستخدامها في الحرب مع أوكرانيا.
ومن شأن إرسال منصات فتح-360 إلى روسيا أن يدعمها في الهجوم الشرس الذي تشنه على جارتها، وهو ما يؤكد عمق العلاقات الأمنية بين موسكو وطهران.
وقال محللون إن منصات إطلاق صواريخ فتح-360، التي يبلغ مداها 120 كيلومترا، ستمنح القوات الروسية القدرة على استخدام سلاح جديد ضد القوات الأوكرانية في الخطوط الأمامية والأهداف العسكرية والمناطق السكانية القريبة من الحدود مع روسيا.
وذكرت الولايات المتحدة في سبتمبر أيلول أن إيران سلمت الصواريخ لروسيا على متن تسع سفن ترفع العلم الروسي فُرضت عليها عقوبات. وقالت ثلاثة مصادر آنذاك إن منصات الإطلاق لم تكن ضمن الأسلحة التي أرسلتها إيران.
وقال المسؤولون الأمنيون الغربيون والمسؤول الإقليمي، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، إن تسليم منصات الإطلاق فتح-360 بات وشيكا.
ورفض المسؤولون تقديم مزيد من التفاصيل عن عملية نقل الأسلحة المرتقبة، بما في ذلك سبب اعتقادهم بعدم تسليم منصات الإطلاق مع الصواريخ.
ونفت روسيا وإيران في وقت سابق أن تكون طهران شحنت صواريخ أو أي أسلحة أخرى لمساعدة موسكو في غزوها لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير/شباط 2022. ويقول مسؤولون أميركيون وأوكرانيون وأوروبيون إن إيران زودت روسيا بآلاف الطائرات المسيرة وقذائف مدفعية.
وفي إشارة على ما يبدو إلى صواريخ فتح-360، قال الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، لمشرعين أميركيين الشهر الماضي إن إيران تبرعت لروسيا بأكثر من 400 صاروخ باليستي قصير المدى.

ولم ترد أي تقارير علنية عن نقل إيران أي أنواع أخرى من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى موسكو، أو عن استخدام القوات الروسية لصواريخ فتح-360.
قد يؤدي نشر روسيا للصواريخ إلى تعقيد جهود ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وترتيب محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا، وإبرام اتفاق منفصل مع إيران لكبح برنامجها النووي.
وقال المسؤول الإقليمي إن المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة عُمان كانت من بين "بضعة أسباب" أرجأت تسليم القاذفات.
وواجهت المحادثات عثرات، على الرغم من أن إيران قالت اليوم الجمعة إنها وافقت على عقد جولة رابعة في سلطنة عُمان يوم الأحد.
وقال جاك واتلينج، وهو باحث بارز في مركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن المسؤولين الإيرانيين يعتبرون مسألة إرسال أسلحة إلى روسيا منفصلة عن المحادثات النووية.
وأضاف "لن يُنظر إلى تفاوض الإيرانيين في القضايا النووية مع الولايات المتحدة على أنه مرتبط بما قد يفعلونه في التعاون مع الروس".
وأوضح محللون إنه ربما كان هناك تعقيد آخر. فقد اضطرت إيران إلى تعديل شاحنات تجارية أوروبية الصنع لتضع عليها منصات إطلاق صواريخ "فتح 360" خاصة بها، وربما تضطر إيران إلى نفس الإجراء مع روسيا في ضوء خسائر موسكو الهائلة من المركبات في أوكرانيا.
وقال خبراء إنه مع وجود منصات الإطلاق، ستتمكن روسيا من زيادة الضغط على أوكرانيا.
وأفاد فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "سيكون من الأسهل بكثير (للقوات الروسية) شن ضربة أسرع بكثير... على أهداف عالية القيمة... إنها (صواريخ فتح 360) لا تحتاج إلى استعدادات كثيرة للإطلاق، فالزمن الذي تستغرقه في الانطلاق قصير جدا".
وأفاد محللون إن نشر فتح-360 قد يسمح لروسيا بالاحتفاظ بصواريخها الأكثر تطورا، مثل إسكندر، لتوجيه ضربات أبعد مدى على البنية التحتية الحيوية التي تتضمن شبكة الكهرباء، مما ينهك الدفاعات الصاروخية الثمينة في أوكرانيا.
وقال رالف سافيلسبرج، الأستاذ المساعد في أكاديمية الدفاع الهولندية، إن صاروخ فتح 360 "مصمم ليتعامل معه ويشغله أشخاص محدودو التدريب نسبيا".
وأضاف "لماذا يشترون (الروس) صواريخ إيرانية أقل تقدما؟ السبب الوحيد الذي يمكنني أن أفكر فيه هو أنهم لا يستطيعون إنتاج عدد كاف من صواريخهم الخاصة".
ومضى يقول "إنها ليست فائقة الدقة وحمولتها (من المتفجرات) ليست كبيرة جدا. لكنها تفاقم مشكلات أوكرانيا".