طهران تراهن عبثا على ميناء ناء لمراوغة العقوبات الأميركية

بعد أكثر من عام على بدء تشغيل منشآت مرفأ جابهار الواقع على المحيط الهندي، لم يشهد الميناء حركة كبيرة بعد ولم ترس فيه إلا 20 سفينة لم تحمل أو تنزل سوى مليوني طن من البضائع.

مرفأ جابهار الميناء الوحيد الذي يحظى باستثناءات من العقوبات الأميركية
حركة تجارية محدودة جدا تقلّ بكثير عن مليارات أنفقت لتطوير الميناء المعزول
مرفأ جابهار يقع في محافظة سيستان بلوشستان المضطربة

جابهار (إيران) - مع تشديد العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة، تواجه إيران مجموعة من التحديات دفعتها إلى الأمل في استخدام ميناء معزول في أقصى جنوب شرق البلاد للمحافظة على استمرار تدفق السلع.

ويعد ميناء جابهار الواقع على المحيط الهندي والذي لا يبعد سوى نحو 100 كيلومتر من الحدود الباكستانية، أكبر الموانئ الإيرانية غير الواقعة على مياه الخليج.

وهو الميناء الإيراني الوحيد الذي يحظى باستثناءات من العقوبات الاقتصادية التي أعادت الولايات المتحدة فرضها أحاديا في 2018.

والسبب الرئيس في ذلك هو الدور المهم الذي يلعبه هذا الميناء وخط سكة الحديد المزمع بناؤه الذي يكسر اعتماد أفغانستان التي تفتقر إلى منفذ بحري، على باكستان لتجارتها مع العالم خاصة الهند.

ومن أهم الأسباب التي دفعت الجمهورية الإسلامية إلى استثمار مليارات الدولارات في ميناء شهيد بهيشتي في مقاطعة جابهار هي التجارة الأفغانية إضافة إلى الطريق التجاري عبر السكك الحديدية بين آسيا الوسطى والمحيط الهندي والمسمى 'الممر الشمالي الجنوبي'، بحسب مصادر رسمية.

وقال وزير الطرق والتطوير الحضري محمد إسلامي أثناء زيارته ميناء جابهار "سنواصل تطوير هذا الميناء ويجري تطوير شبكة سكة الحديد وشبكة الطرق والمطار حتى نتمكن من تطوير الممر الشمالي الجنوبي".

وتم استصلاح أكثر من 200 هكتار من الأراضي بطمر البحر، لاستخدامها في المشروع كما تم تجريف أكثر من 17.5 مليون متر مكعب لإحداث عمق 16.5 مترا لرسو السفن.

ولكن بعد أكثر من عام على بدء تشغيل منشآت الميناء في ديسمبر/كانون الأول 2017، لم يشهد الميناء حركة كبيرة بعد.

20 سفينة فقط رست في ميناء جابهار خلال أكثر من عام على تدشينه
الحركة التجارية في الميناء الإيراني أقل بكثير من التوقعات ودون الطموحات المرجوة للافلات من العقوبات الأميركية

والسفن التي قال مسؤولون إنها رست خلال العام الماضي لم تحمل أو تنزل سوى 2.1 مليون طن من البضائع وهو أقل بكثير من سعة الميناء السنوية البالغة 8.5 ملايين طن.

ولم ترسُ سوى 20 سفينة في القسم الجديد من الميناء ولا تزال معظم المساحة على الواجهة المائية بطول ثلاثة كيلومترات غير مستخدمة، بينما تقف المعدات الجديدة والرافعات المصطفة بشكل منظم دون حراك، إلا أن السلطات لا تزال متفائلة بشأن احتمالات النمو.

وقال حسين شهدادي من هيئة الموانئ والملاحة البحرية إنه في الأشهر الـ11 الأولى من السنة الإيرانية الماضية التي بدأت في 21 مارس/آذار 2018 "شهدنا زيادة بنسبة 56 بالمئة في البضائع التي تم تناولها في الميناء مقارنة مع العام الذي سبق".

وأضاف "كما شهدنا زيادة بنسبة 25 بالمئة في عدد السفن التي رست في الميناء" على خليج عُمان، فيما سعى ارون كومار غوبتا مدير شركة موانئ الهند العالمية المحدودة التي لديها حقوق امتياز في الميناء، إلى الطمأنة بهذا الشأن قائلا "أي ميناء يواجه فترة بداية. وسيشهد فترات توقف ولكننا واثقون تماما من أن الحركة ستزداد".

وبدأت الشركة الهندية العمل في ديسمبر/كانون الأول 2018 ولم يتجاوز معدل البضائع التي مرت في الميناء 60 ألف طن شهريا، إلا أن غوبتا يعوّل على قرب الميناء من الهند وأفغانستان ويقول إن ذلك سيستقطب الحركة.

إلا أن موقع ميناء جابهار يحمل مخاطر لأنه يقع في محافظة سيستان بلوشستان المضطربة التي ينشط فيها جهاديون مسلحون. وفي نهاية العام الماضي قتل رجلا شرطة في هجوم انتحاري على مقر الشرطة المحلية.

وخلال مؤتمر استثماري في فبراير/شباط الماضي تم تشديد الإجراءات الأمنية وإغلاق العديد من الطرق ونشر المئات من عناصر الأمن المسلحين لحماية المشاركين في المؤتمر.

وإضافة إلى المخاطر الأمنية، فإن العقوبات الأميركية التي تمنع التعاملات المالية مع إيران تجعل من الصعب دفع أو استلام الدفعات المالية.

والبعض مثل افسانيه رابياني الذي يدير شركة شحن، يرى في ميناء جابهار فرصة "للراغبين في المخاطرة".

وقال "لقد أجريت بحوثا بشأن جابهار طوال العام والنصف الماضية، وأصبحت البنى التحتية جاهزة الآن للقيام بالعمل الجاد". وبالنسبة للعقوبات، قال وزير الطرق الإيراني إن هذا التحدي ليس جديدا.

وأضاف أثناء إشرافه على تنزيل أول شحنة من السلع الأفغانية المعدة لإعادة تصديرها من جابهار "لقد ولدنا مع العقوبات. منذ الثورة (الإسلامية 1979) ونحن نخضع للعقوبات ونعمل على كيفية مواجهتها".