طهران تُوسط الكاظمي لفتح حوار مع السعودية

رغبة طهران في فتح قنوات حوار مع السعودية وربما الولايات المتحدة تأتي فيما تواجه إيران أسوأ أزمة على الإطلاق مع تراجع حاد في إيراداتها النفطية وتضرر قطاعاتها الحيوية.
طهران تناور الرياض بالحوار دون أن تتخلى عن سياساتها العدائية
السعودية ترفض الحوار مع إيران ما لم تتخل عن أنشطتها التخريبية

طهران/بغداد - أبدت إيران الأربعاء استعدادها لفتح حوار مع السعودية فيما يتوقع أن يلعب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي اختتم لتوه زيارة لطهران، دور وسيط في الأزمة القائمة بين الخصمين الإقليميين منذ سنوات.

ولم ترفض الرياض الحوار مع طهران إلا أنها اشترطت أن تتخلى الجمهورية الإسلامية عن أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة وعلى رأسها تمويل وكلائها في كل من العراق واليمن وسوريا ولبنان، وهي مطالب لطالما رفضها النظام الإيراني بشقيه السياسي والديني.

وثمة خلاف في إيران حول تسوية الأزمة مع السعودية، فشق كبير من التيار الإصلاحي يرغب في تخفيف جبهات المواجهة وإعادة تطبيع العلاقات مع المملكة ودول الخليج، فيما يرفض تيار المحافظين المتشدد الذي يقوده المرشد الأعلى علي خامنئي أي تسوية في هذا الاتجاه.

وقد أبدى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء استعداد بلاده لتحسين العلاقات وتنقية الأجواء مع السعودية من خلال وساطة يجريها مصطفى الكاظمي الذي من المقرر أن يزور الرياض.

وكان من المفترض أن تكون السعودية أول محطة للكاظمي في إطار جولة خارجية تشمل واشنطن وعواصم أوروبية، إلا تعرض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لعارض صحي طارئ أجل الزيارة إلى وقت لاحق.

ونقل التلفزيون الإيراني عن ظريف قوله "علاقاتنا مع روسيا وتركيا والعراق وباكستان وأفغانستان والكثير من الدول المطلة على الخليج الفارسي (الخليج العربي) منقطعة النظير خلال العقود الأخيرة، ما عدا دولتين أو 3 دول تعقد الأمل على دولة أخرى كي تبادر ضد إيران وتعتمد على الآخرين لتوفير الأمن لها، بدل الاهتمام بالعلاقات مع إيران وجيرانها هي نفسها".

وكان الوزير الإيراني يشير إلى السعودية التي ترتبط باتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة وعلاقات إستراتيجية وثيقة. وتطالب طهران بإخراج القوات الأجنبية من المنطقة معتبرة أنها سبب التوتر، إلا أن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار هي ما استدعى وجودا أجنبيا لحماية ناقلات النفط والسفن التجارية التي تتعرض من حين إلى آخر إلى اعتداءات من إيران أو وكلائها.

وقال ظريف في حديثه عن الأنباء المتداولة حول أن الهدف من زيارة الكاظمي لطهران هو الترتيب لقيادة وساطة بين السعودية وإيران، إن بلاده على استعداد دائم للعلاقات مع المملكة، مضيفا "متى ما قررت السعودية فإن استعدادنا للعلاقات قائم وسيبقى على الدوام".

ويفسّر استعداد إيران لفتح قنوات حوار مع السعودية وربما الولايات المتحدة التي سيزورها الكاظمي في أغسطس/اب على أرجح التقديرات، بالرغبة في تخفيف الضغوط التي تتعرض لها الجمهورية الإسلامية.

ووضعت العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها على طهران بعد انسحابها أحادي الجانب في مايو/ايار 2018 من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015، الاقتصاد الإيراني على حافة الهاوية.

ولم يعد أمام طهران كثير من الخيارات لتجنب الانهيار الاقتصادي الذي بات حتميا في ظل تراجع حاد في إيراداتها النفطية وتضرر معظم قطاعاتها الإنتاجية الحيوية وتفادي معظم شركائها التجاريين إبرام عقود معها خشية أن تطالهم الإجراءات العقابية، إضافة إلى تداعيات فيروس كورونا التي فاقمت الأزمة.

لكن قراءات أخرى تذهب إلى مسار عكسي، مشككة أصلا في أن يكون لدى إيران رغبة في إعادة تطبيع العلاقات وتسوية الخلافات مع السعودية، مشيرة إلى أن الرغبة في الحوار تقتضي أولا أن يبدي النظام الإيراني جدية في التوقف عن تمويل الإرهاب في المنطقة والتدخل في شؤونها الداخلية من العراق إلى اليمن وصولا إلى لبنان وسوريا وإلى مناطق بعيدة حتى جغرافيا عن المحيط الإيراني.  

ولا تتوقف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار على الفضاءات الجغرافية الإقليمية، حيث تعمل على التمدد في افريقيا من خلال دعم جماعات شيعية على غرار دعمها الحركة الإسلامية في نيجيريا التي تأسست قبل نحو أربعة عقود وتنادي بتأسيس دولة إسلامية على النمط الإيراني ويقودها حاليا إبراهيم زكزاكي.