عائلة فلسطينية تتفرد بصناعة الكوفية لأكثر من ستة عقود

مصنع حرباوي يحافظ على إنتاج الوشاح الأصلي إلى جانب تصميمه لأشكال أخرى ذات ألوان زاهية.

الخليل (الضفة الغربية) - تعمل 16 آلة نسيج تجاوز عمرها ستة عقود بكامل طاقتها لإنتاج الكوفية الفلسطينية بألوان متعددة وذلك في مصنع الحرباي وهو الوحيد الموجود على سفح تلة بوسط مدينة الخليل بالضفة الغربية.

وقال نجل صاحب المصنع عزت حرباوي إن "المشروع بدأ بإحضار والده لماكينتين من سوريا في عام 1961 وبحلول العام 1964 أصبح لدينا 16 ماكينة"، لافتا إلى أنهم ينتجون اليوم "300 موديل من الكوفية يتم نسجها من سبعين لونا من الخيوط التي يستوردها المصنع من الهند".

وتمثل الكوفية الفلسطينية مربعة الشكل ذات اللونين الأبيض والأسود رمزا للنضال الفلسطيني وجزءا من تراث الفلسطينيين وتاريخهم.

وبحسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني أعلن السادس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يوما للكوفية الفلسطينية وذلك بناء على قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم في عام 2015.

وأضاف المركز على موقعه الإلكتروني إنه تم "اعتبار هذا اليوم يوما وطنيا يتوشح فيه الطلبة كافة ومديرو المدارس والمعلمون والموظفون بالكوفية ويرفعون الأعلام الفلسطينية وينشدون الأغاني الوطنية والشعبية".

ويحافظ مصنع حرباوي على إنتاج الكوفية الأصلية إلى جانب أشكال أخرى ذات ألوان زاهية تلبية لمختلف الأذواق، إذ أصحبت الكوفية الملونة جزءا من الموضة.

الكوفية الفلسطينية

وذكر حرباوي أنهم "حاولوا من جهة مجارة صيحات الموضة وميل الشباب للألوان الزاهية وحتى لا يبقى السوق محدودا قاموا بإنتاج الكوفية بعدة ألوان نحو 70 لونا تقريبا ومن جهة أخرى حرصوا على المحافظة على الكوفية الأصلية بلونيها الأبيض والأسود".  

ومر المصنع بفترة من الركود تواصلت على امتداد خمس سنوات في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ليعاود بعد ذلك العمل من جديد بوصفه المشغل الوحيد في الضفة الغربية الذي يعمل على إنتاج الكوفية الفلسطينية وسط منافسة قوية من بضائع مستوردة أقل سعرا.

وأوضح جود شقيق عزت الذي يعمل معه في المصنع "توقف العمل لعدة أسباب أهمها أن المستورد كان أرخص ثمنا ولم نستطع منافسته في الأسعار ولكن بعد ذلك قررنا العودة والمنافسة في الجودة مع محافظتنا على مستوى معين من جودة الإنتاج"، مضيفا "85 في المئة من إنتاجنا للتصدير والباقي للسوق المحلية".

وينتج المصنع في الأيام العادية ما بين 250 و300 كوفية من مختلف الألوان، وفقا لجود، مشيرا إلى أن "كل كوفية تحتاج إلى نصف ساعة على آلة النسيج حتى تكون جاهزة".

ويتم ترتيب الخيوط بعناية لتبدو الكوفية مع تشغيل آلة النسيج كأنها لوحة فنان وتختلف أشكال التطريز في الكوفيات الملونة من واحدة لأخرى إلا أنها ثابتة في الكوفية الأصلية باللونين الأبيض والأسود.

وما زال العديد من كبار السن يضعون الكوفية على رؤوسهم حتى اليوم في المناسبات الوطنية كما يزداد الإقبال على وضعها مع ارتفاع وتيرة المواجهات مع القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

وخلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى عام 1987 والثانية عام 2000 زاد الإقبال كثيرا على الكوفية، كما أن ألوانها تحمل دلالات سياسية لمن يرتديها.

وقال عزت "كان الطلب كبيرا على الكوفية خلال الانتفاضتين حتى أننا عجزنا عن توفيرها بالكميات المطلوبة آنذاك خصوصا أنه في تلك الفترة كان هناك اعتماد على السوق المحلية فقط"، متابعا "بعد اتفاقيات أوسلو المؤقتة للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل صرنا نتعمد على التصدير، إننا نصدر اليوم لكل دول العالم أوروبا وأميركا ولدينا وكلاء في العديد من الدول".

وأصبحت الكوفية رمزا للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتُعرف على مستوى العالم بأنها رمز لنضاله.

وأكد عزت الذي ورث وإخوته المصنع عن والدهم ويعمل معهم اليوم عدد من أبنائهم أن "الاهتمام بالكوفية سيبقى لو بعد مئة سنة، فهي رمز لفلسطين وتراثه".

ويعرض المصنع مجموعة واسعة من الشالات والأثواب الفلسطينية المطرزة وقطعا فنية يتعاقد لعملها مع نساء يتقن فن التطريز.

وقال عزت إن "هذه المطرزات يتم تقديمها إلى جانب الكوفية بهدف عرضها أمام السياح الذين يأتون لزيارة المصنع وبيعها لهم"، مشيرا إلى أنه يعملون أيضا على الاستفادة من الطفرة التي تشهدها التجارة الإلكترونية بتسويق منتجاتهم عبر الإنترنت.