عاهل الأردن لكوشنر: لا سلام دون إقامة دولة فلسطينية

كوشنر يقود وفدا أميركيا إلى الشرق الأوسط سعيا لحشد الدعم قبل الكشف عن الشق الاقتصادي لخطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كوشنر يأمل في الحصول على تأييد قسم من الفلسطينيين خلال اجتماع المنامة
غموض خطة كوشنر يثير مخاوف الأردن
الملك عبدالله شدد مرارا على أن الأردن لن يرضخ للضغوط حول صفقة القرن
السلطة الفلسطينية لن تشارك في مؤتمر المنامة الاقتصادي

عمان - أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله مستشار الرئيس الأميركي المكلف بخطة السلام الفلسطينية-الإسرائيلية جاريد كوشنر، ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق السلام الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال بيان صادر عن الديوان الملكي إن "الملك عبدالله استقبل في قصر الحسينية الأربعاء، كبير مستشاري الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، الذي يزور الأردن ضمن جولة له في المنطقة، حيث جرى بحث المستجدات الإقليمية، خصوصا الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

وأضاف البيان أن الملك أكد على "ضرورة تكثيف جميع الجهود لتحقيق السلام الشامل والدائم على أساس حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية".

ووصل كوشنر إلى عمان قادما من المغرب سعياً لحشد الدعم لهذه الخطة التي يرتقب أن يكشف عن شقّها الاقتصادي في نهاية حزيران/يونيو في المنامة في غياب الفلسطينيين.

ومنذ تولّيه منصبه يبدي الرئيس دونالد ترامب رغبة في التوصل إلى "اتّفاق نهائي" بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أمل أن ينجح حيث فشل كل أسلافه من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

والخطة التي وصفها ترامب بأنها "صفقة القرن" تهدف إلى تشجيع الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل الخوض في القضايا السياسية الشائكة في قلب الصراع.

لكن المعادلة تبدو حساسة جداً لأن الفلسطينيين يقاطعون الإدارة الأميركية منذ أن اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل في كانون الأول/ديسمبر 2017.

ويأمل كوشنر في الحصول على تأييد قسم من الفلسطينيين عبر وعده بتنمية اقتصادية فعلية وهو مدرك انه بحاجة لدعم دول عربية حليفة للولايات المتحدة لتحقيق ذلك.

ويرافق كوشنر في زيارته إلى المغرب والأردن وإسرائيل ذراعه اليمنى جايسون غرينبلات وكذلك الممثل الأميركي الخاص لشؤون إيران في وزارة الخارجية براين هوك.

وسيزور كوشنر لاحقاً اعتباراً من الأول من حزيران/يونيو مونترو في سويسرا ثم لندن، حيث سيشارك في زيارة الدولة التي يقوم بها ترامب إلى بريطانيا.

وفي 19 مايو/أيار أعلن بيان بحريني أميركي مشترك، أن المنامة ستستضيف بالشراكة مع واشنطن ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار" يومي 25 و26 من الشهر المقبل.

وأعلن البيت الأبيض أن اجتماع المنامة فرصة "لتشجيع الدعم لاستثمارات ومبادرات اقتصادية محتملة يمكن أن تجعل اتفاق سلام ممكنا".

ومن المتوقع أن تكشف الولايات المتحدة خلال مؤتمر المنامة عن الشق الاقتصادي من خطتها للسلام التي لم يكشف عن شقها السياسي بعد.

وأعلنت السلطة الفلسطينية أنها لن تشارك في هذا المؤتمر الاقتصادي، فيما لم يعلن الأردن حتى الآن موقفه.

وكان وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي الذي حضر اجتماع الملك عبدالله وكوشنر، قد صرح الثلاثاء أن أي طرح اقتصادي لمعالجة الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين "لا يمكن أن يكون بديلا لخطة سياسية شاملة لتنفيذ حل الدولتين".

وشدد الصفدي على مواقف الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن القدس والمقدسات والتأكيد على وصايته الهاشمية.

وكان مسؤول حكومي أردني قال قبل أيام  إنه "من المبكر الآن الحديث عن مشاركة الأردن في هذا المؤتمر".

الفلسطينيون يعتبرون خطة صهر ترامب منحازة لإسرائيل
الفلسطينيون يعتبرون خطة صهر ترامب منحازة لإسرائيل

وتقترح الإدارة الأميركية على المشاركين في ورشة العمل التي ستنظمها في المنامة، الاستغناء عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأممية 'أونروا'، بحسب صحيفة إسرائيلية.

وقالت صحيفة 'إسرائيل اليوم' المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية "على المستوى العملي، الاستعاضة عن أنظمة وكالة أونروا في مجال التعليم وتوزيع الأغذية ببرامج تطوير تنفذها منظمات غير حكومية دولية، لكن تديرها السلطة الفلسطينية نفسها".

وأضافت أن إدارة ترامب ستقترح إعادة تأهيل مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وبناءها كمدن وبلدات فلسطينية دائمة.

وتقول وكالة أونروا على موقعها الالكتروني إنها تدير 19 مخيما للاجئين في الضفة الغربية، وإن عدد اللاجئين المسجلين في الضفة الغربية يبلغ أكثر من 828 ألف نسمة.

لكن كوشنر أحاط خطته بغموض شديد ووعد منذ عدة أشهر بأفكار جديدة مؤكدا أن المقاربات التقليدية لم تتح التوصل إلى اتفاق.

وفي وقت يسود فيه الغموض السياسي في إسرائيل بسبب الانقسامات التي أفشلت محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومته الجديدة، يقول مراقبون إن زيارة مستشار ترامب إلى الأردن في هذا التوقيت بالذات، هدفها كسب الموقف الأردني واستباق أي رفض للخطة الأميركية للسلام، وذلك عبر مشاورات متأخرة لطمأنة عمان التي لم تتم العودة لها أو استشارتها خلال إعداد كوشنر وفريقه لـ"صفقة القرن".

والأردن هو البلد الأكثر حساسية في المنطقة لأي تسوية تتعلق بالقضية الفلسطينية نظرا لموقعه وطبيعة سكانه الذين يمثل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصفهم. وسبق للعاهل الأردني أن رفض أي حل لا يقوم على مبدأ الدولتين.

ويثير الغموض الذي أحيطت به خطة كوشنر مخاوف الأردن، خصوصا فيما يتعلق بمسألة توطين الفلسطينيين على أراضيه وخصوصا حق رعاية الأماكن الدينية في القدس الشرقية، والتي تعد احد أسس الخطاب السياسي للمملكة.

وفي إطار سعيه لتقديم مفاهيم جديدة، أصدر كوشنر في مطلع أيار/مايو أقوى إشارة من الإدارة الأميركية، إلى أن الخطة لن تقترح حل الدولتين الذي كانت الولايات المتحدة تؤيده في مفاوضات السلام.

ويعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.

وتعترف معاهدة السلام التي وقعها الأردن مع إسرائيل في وادي عربة عام 1994، بأحقية المملكة في رعاية المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية الأخرى في القدس الشرقية.

وشدد العاهل الأردني في العديد من المناسبات على أن الأردن لن يقبل بأن يمارس عليه أي ضغط بسبب مواقفه من القضية الفلسطينية والقدس، في وقت وتواجه فيه المملكة الواقعة في قلب أزمات المنطقة ونزاعاتها تحديات أمنية واقتصادية.

ويبدو أن الجولة التي يقوم بها كوشنر حاليا ستكون بمثابة محاولة لوضع الجميع أمام الأمر الواقع تمهيدا للكشف عن تفاصيل الصفقة بعد شهر رمضان في ظل التصعيد الذي تعيشه المنطقة بسبب التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

ووصف الحرس الثوري الإيراني اليوم الأربعاء خطة السلام الأمريكية بـ"الفاشلة".

وقال في بيان نقلته وكالة تسنيم للأنباء إن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو "انسحاب الصهيانة من الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين لإجراء انتخابات حرة".

وأشار البيان إلى أن أي خطة غير ذلك ستبوء بالفشل.

ومعارضة إسرائيل ركيزة أساسية بالنسبة لإيران الشيعية، التي تساند الفصائل الإسلامية المسلحة الفلسطينية واللبنانية المعارضة للسلام مع إسرائيل.