عباس يواجه تهمة التحريض على العنف في تحقيق ألماني
برلين - يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضغوطا شديدة في ألمانيا تحولت من غضب رسمي بسبب تصريحات حول الهولوكوست اعتبرت إنكارا للمحرقة أو توصيفا مخففا لها، إلى تحقيق مثير للجدل يطرح أكثر من سيناريو قانوني ويثير مسألة الحصانة باعتبار أن برلين ليست ضمن الدول التي اعترفت بدولة فلسطين رغم أنها تقيم علاقات دبلوماسية مع السلطة الفلسطينية.
وأعلنت شرطة برلين الجمعة فتح تحقيق في شبهة "تحريض على العنف" تطال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أدلى بتصريحات أثارت جدلا ذكر فيها محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، في مؤتمر صحافي في العاصمة الألمانية.
وتلقّت الشرطة شكوى ضدّ عباس "لتخفيفه من شأن محرقة اليهود" إثر تصريحات أدلى بها الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس.
وفتحت المديرية الخاصة للشرطة القضائية في ولاية برلين تحقيقا تنوي إبلاغ النيابة العامة بخلاصاته "قريبا" لتبّت الأخيرة في ما إذا كانت ستواصل هذا المسار أم لا، وفق ما كشفت ناطقة باسم الشرطة، مؤكدة معلومات أوردتها وسائل إعلام.
وردا على سؤال في ختام مؤتمر صحافي مشترك عما إذا كان عباس سيعتذر نيابة عن المسلحين الفلسطينيين الذين نفذوا عملية احتجاز الرهائن في أولمبياد ميونيخ التي قتل فيها 11 رياضيا إسرائيليا في 1972، تجنّب رئيس السلطة الفلسطينية الردّ مباشرة بل أجرى مقارنة مع الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية، متهما إسرائيل بارتكاب "خمسين مذبحة، خمسين هولوكوست" ضد الفلسطينيين منذ 1947.
وقال "من العام 1947 حتى يومنا هذا ارتكبت إسرائيل 50 مجزرة في خمسين بلدة فلسطينية من دير ياسين لقبية للطنطورة وكفر قاسم وغيرها... 50 مذبحة، 50 هولوكوست، وإلى الآن، كلّ يوم، هناك قتلى على يد الجيش الإسرائيلي".
غير أن التحقيق قد يتوقّف، فمن المفترض أن يكون محمود عباس مشمولا بالحصانة الدبلوماسية خلال وجوده في ألمانيا بموجب القانون الدولي، وفق وزارة الخارجية الألمانية.
وقال الناطق باسم الخارجية كريستوفر بورغر خلال إحاطة إعلامية دورية "كانت زيارة رسمية قام بها بصفته ممثلا للسلطة الفلسطينية وذلك حتّى لو لم تكن ألمانيا تعترف بعد بدولة فلسطين".
غير أن ميشاييل كوبيسيل المتخصص في القانون الجنائي يشكّك في صواب هذه الفرضية. وقال الخبير القانوني في تصريحات لصحيفة "بيلد" إن عباس لا يتمتع بالحصانة إلا إذا كان "ممثلا لدولة أخرى".
ويعترف أكثر من 130 بلدا بدولة فلسطين، لكن ألمانيا ليست من بينها، على غرار أغلبية الدول الغربية، غير أن برلين أقامت علاقات دبلوماسية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، ندّد نبيل أبوردينة الناطق باسم رئيس السلطة الفلسطينية بـ "الحملة التحريضية المستمرة ضدّ الرئيس محمود عباس".
وقال "نحن نعتبر أن هذه الحملة لا تستهدف الرئيس شخصيا فقط بل تستهدف المشروع الفلسطيني الوطني بأسره... والثوابت الفلسطينية والمصالح الفلسطينية".
وأكد أن "مواقف الرئيس والقيادة الفلسطينية واضحة إزاء كلّ المسائل ويعلمها الجميع ولا داعي ولا مبرر للحملة التحريضية".
وكان عباس قد أوضح موقفه بعد التصريحات التي أدلى بها في المؤتمر الصحافي في برلين، مشدّدا في اليوم التالي على أن "الهولوكوست هي أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث".