'عبدالحي أديب بين الكلاسيكية والحداثة' في الكتابة السينمائية

كتاب إبراهيم الدسوقي يقدم دراسة حول حياة وفن أحد أبرز كتاب السيناريو المصريين في تاريخ السينما، وإسهاماته في نصف قرن من الكتابة المشهدية.
عبدالحي أديب وضع في نصه السينمائي اعتبارات هامة هي الجماهير
الكاتب السينمائي طرح ما يغوص فيه المجتمع من حوله، بفكر شاب متفتح

القاهرة - من أحمد مروان
رحلة نصف قرن من السينما عاصرها عبدالحي أديب منذ انطلاقه مهنيًا عام 1958، عاصر كافة المناخات السينمائية وزامل وعاصر نجوما ومعلمين وأسطوات صناع الفن السابع في جميع المستويات المهنية والحرفية والأداء التمثيلي ونجوم الشباك والتحولات الاجتماعية والسياسية التي صاحبت السنوات الطويلة في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين.
يقول الكاتب ابراهيم الدسوقي في مقدمة كتابه "عبدالحي أديب بين الكلاسيكية والحداثة": هذا الرجل، وصل إلى محطة السينما المصرية كي يكتب القصة أو السيناريو أو الحوار، جاء ووجد كوكبة من نجوم هذا الحقل الراسخ الأقدام منذ زمن، وجد هناك يوسف جوهر، أبوالسعود الإبياري، علي الزرقاني، نجيب محفوظ، السيد بدير كتبوا النص السينمائي، كل شيخ وله طريقة وشكل وطعم ورائحة وروح ومنهج، فأين موقعه من هؤلاء؟ وكيف استفاد من ذلك لإيجاد شكل وإيقاع مميز وخاص به.. وبالتالي انعكست أفكاره عبر النصوص السينمائية، التي شكلت ملامح سينما عبدالحي أديب وتميزها، خاصة في قدراته على اختيار عنصر المكان وانعكاساته على الإنسان وسلوكياته والمحركات النفسية والإنسانية والحياتية بما فيها من شهواته في دفع العمل إلى الأمام.

انعكست أفكاره عبر النصوص السينمائية، التي شكلت ملامح سينما عبدالحي أديب وتميزها، خاصة في قدراته على اختيار عنصر المكان وانعكاساته على الإنسان وسلوكياته 

وكيف ساهم في استيعاب مفردات اللغة السينمائية فى اختزال التحولات السياسية والاجتماعية وضخها في القوالب والتيارات السينمائية المختلفة خلال رحلة العمل الطويلة، مع اعترافه وقناعته بأنه استوعب درس علاقته مع الجمهور منذ بدايته الأولى، حتى لو صار يفصل ما هو المطلوب منه أكثر مما هو مدفوع بهواجس ما يدور من حوله، فقد ذهب أحياناً إلى مناطق لا تقنعه أو قدم مواقف لا تعنيه، فقد وضع في ذهنه اعتبارات هامة ألا وهي الجماهير، وحين يجد أن معادلة الجماهير وصلت إلى نصه السينمائي، فقد كان يعمل على أن يتضمن النص ما شاء من أفكاره ورؤاه.
نقطة تحول في سياق السينما المصرية
ويرى المؤلف أن الاعتبارات الجماهيرية خلقت حلقة وسلسلة أكثر من رائعة في التواجد وتكوين شبكة من الأفلام التي يمكن أن نطلق عليها أفلام الحركة من خلال الثلاثي الأشهر في السينما المصرية – والذي لم يتكرر ثانياً – ألا وهو نيازي مصطفى المعلم والفنان والرائد، واثنين من التلاميذ في ذلك الوقت، الذي أخذ بيد كل منهما وصار كل واحد منهم أستاذاً ونموذجاً في مهنته ساهم في تكوين النص السينمائي لدى عبدالحي أديب وأعاد صياغة فريد شوقي فكانوا نقطة تحول في السياق العام للسينما المصرية، ثم أضيفت إلى هذه المجموعة سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني فصارت المجموعة رباعية تارة وثلاثية تارة أخرى، لكن شكلت ملامح سينما كوميدية تجاورت حدود سنواتها فعاشت حتى الآن، فكان الهدف الأساسي إمتاع الجماهير والاستجابة لرغباته وميوله بقدر استمتاعه هو.

عبدالحي أديب بين الكلاسيكية والحداثة
عبدالحي أديب كتاب مفتوح يفيض بما لديه دون بخل 

ويؤكد المؤلف أنه بقدر ما كانت الكتابة السينمائية هي الشغل الشاغل، والتواجد الفني خلال سنوات التحولات الفكرية والمتغيرات السياسية من حول عبدالحي أديب، إلا أنه قدم نفسه خلال كل فترة طارحها ما يغوص فيه المجتمع من حوله، بفكر شاب وعقل رحب مستوعباً المتغيرات الحياتية، ووسط هذا كله كانت له من الإسهامات النقدية والفنية ومحاولة إعلاء شأن مهرجان الإسكندرية للبحر المتوسط وخدمته وتقديم شكل مغاير مع أصدقاء وزملاء وشباب المدينة الذي آمن بهم سنوات ودفعهم إلى مقدمة العمل، وساهم في تكوين جمعية الفن السابع – آفاق الفنون – بعد أن كانت زمننا جماعة سينمائية وصار لها لقاءات سنوية بحد أدنى شهر في صيف الإسكندرية .
 يقول المؤلف من واقع معرفته ومعايشته الفنية لعبدالحي أديب في لقاءاته وندواته "حاولنا أن ننهل من ذكريات هذا الرجل، ودائماً ما كنا نشحن ذاكرته بأسماء وأعمال وسنوات مجد ورواد رحلوا عن عالمنا، وكأن هو كتاب مفتوح يفيض بما لديه دون بخل مستمتعاً بذكريات الماضي الحميم وحكاياته، التي لا تنتهي، والتي تؤكد خير هذه الصحبة، وعالم من العلاقات الحميمية لم ينفرط عقده ويرحل منه عملاق بعد آخر، لتبقى السيرة أطول من العمر".
كتاب "عبدالحي أديب بين الكلاسيكية والحداثة" للكاتب ابراهيم الدسوقي صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة. (وكالة الصحافة العربية)