عبدالمهدي تحت مقصلة ضغوط حليفيه الخصمين

تصريحات دونالد ترامب حول ضرورة الوجود عسكري الأميركي في العراق تضع رئيس الوزراء العراقي في حرج وأمام معضلة موازنة العلاقات بين طهران وواشنطن.

سفير طهران لدى بغداد يدعو لسحب القوات الأميركية من العراق
الحشد الشعبي يضغط لإنهاء الوجود الأميركي في العراق
أحزاب وميليشيات شيعية تدفع لاستصدار قرار برلماني ينهي الاتفاقية الأمنية الأميركية
العبادي: تصريحات ترامب تعقد العلاقة مع دول الجوار وتزعزع العلاقة مع واشنطن
شخصيات شيعية عراقية ترفض استخدام العراق قاعدة لمراقبة إيران

بغداد - وضعت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة حول ضرورة بقاء قوات أميركية في العراق لمراقبة إيران، رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في حرج، مؤججة أيضا الجدل مجددا حول الوجود العسكري الأميركي في العراق وأهدافه.

ويواجه عبدالمهدي معضلة الموازنة بين حليفي بلاده والخصمان في الوقت نفسه: طهران وواشنطن مع تصاعد التوتر بينهما منذ وصول ترامب للسلطة.

وانتقدت الحكومة العراقية صراحة العقوبات الأميركية على إيران وطلبت استثناء العراق منها لارتباطه تجاريا واقتصاديا بطهران التي تزوده بالكهرباء وقادرة على إغراقه في الظلام إذا قررت وقف شحناتها للمدن العراقية.

ودعا سفير طهران لدى العراق أيرج مسجدي اليوم الاثنين، واشنطن إلى سحب قواتها من الأراضي العراقية، في دعوة تأتي ردا على تصريح ترامب لشبكة 'سي بي إس' المحلية الأحد قال فيه، إنه من المهم إبقاء قاعدة أميركية في العراق تمكن واشنطن من مراقبة إيران.

وقال مسجدي لعدد من الصحفيين على هامش انطلاق فعاليات ملتقى الرافدين الدولي لعام 2019 المنعقد في بغداد، إن "الأمن والاستقرار في العراق (الحدودي مع إيران) يعود إلى دور القوات المسلحة العراقية والقرار النهائي يبقى بيد المسؤولين العراقيين".

وردا على سؤال حول تصريحات ترامب، أشار مسجدي إلى أنه "على واشنطن الانسحاب من العراق".

وفي وقت سابق الاثنين، قال الرئيس العراقي برهم صالح في تصريحات على هامش المؤتمر ذاته، إن القوات الأميركية المتواجدة في بلاده لا يحق لها مراقبة إيران، داعيا واشنطن إلى توضيح مهام قواتها في البلاد.

وكان النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي قد أعلن الأحد رفضه لتصريحات الرئيس الأميركي، معلنا أن مجلس النواب سيعمل على تشريع قانون يتضمن إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة.

القوات الأميركية في العراق عين على سوريا وأخرى على إيران
القوات الأميركية في العراق عين على سوريا وأخرى على إيران

وكان متوقعا أن يثير ترامب ملف التواجد العسكري الأميركي في العراق في أي لحظة وقد أطلق العام الماضي إشارات واضحة بإعلانه قرار الانسحاب من سوريا لتعزيز وجود قواته في العراق. وبدا لافتا أن الرئيس الأميركي يعيد ترتيب أوراقه في المنطقة خاصة في ما يتعلق بسوريا وإيران.

وبالنسبة للملف السوري فقد حسم أمره بقرار المغادرة عاجلا أم آجلا، لكن بالنسبة للملف الإيراني أعطى ترامب إشارة قوية بالاستمرار في مراقبة طهران ولم يجد أفضل من الساحة العراقية لتنفيذ هذه المهمة.

لكن الرئيس الأميركي الذي يبدو مندفعا بقوة لكبح نفوذ إيران في المنطقة خاصة في العراق الذي يعد بوابة التمدد الإيراني وساحة المنافسة الرئيسية، قد يزيد بقراره الأخير الضغوط على عبدالمهدي، فإيران تضغط على الحكومة العراقية من خلال الأحزاب الشيعية والميليشيات الموالية لها لإنهاء الوجود الأميركي.

وكان وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري قد أشار قبل أكثر من شهر إلى أن الأحزاب الشيعية والحشد الشعبي المواليان لطهران يضغطان لطرح إنهاء الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن وأن هذا الأمر سيطرح قريبا.

واستبق الرئيس الأميركي على ما يبدو أن نقاش برلماني عراقي في هذا الشأن معلنا الأحد ضرورة بقاء القوات الأميركية في الأراضي العراقية لمراقبة إيران.

واختزلت ردود فعل الميليشيات العراقية الموالية لإيران حجم المأزق الذي يواجهه رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لموازنة العلاقات بين الخصمين وحليفي بلاده في آن واحد.

ويرى محللون أن ترامب المعروف بمواقفه المتقلبة أنه قد يخيّر عبدالمهدي بين بقاء العراق في المعسكر الأميركي أو بقائه في معسكر إيران.

وهددت الفصائل الشيعية المنضوية تحت لواء قوات الحشد الشعبي بمواجهة القوات الأمريكية باعتبارها قوات احتلال.

إلا أنها لم تمانع بقاء عدد محدود معلوم لمهمات تتعلق بالتدريب والاستشارة حصرا وأن لا تتدخل في الشأن العراقي أو سياساته الخارجية أو علاقاته مع جيرانه.

ونقلت مواقع إخبارية عراقية وكردية عن قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق في كلمة له خلال منتدى بغداد قوله، إن تصريحات ترامب تكشف أن واشنطن تنوي استهداف دول الجوار على عكس ما كانت تقوله الحكومة بأن وجود الأمريكيين يهدف لمساعدة العراق في الحرب ضد الإرهاب.

ولعصائب أهل الحق الشيعية علاقات وثيقة مع إيران وكانت جزء من جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر قبل حل هذا الفصيل وقد خاضا في السابق معارك ضد الجيش الأميركي بعد غزو العراق في 2003.

وقد يشكل الوجود الأميركي في العراق عاملا مهما لكبح التمدد الإيراني في العراق، إلا أنه يمثل أيضا عنصر توتير مستمر في الساحة السياسية العراقية.

وفي تغريدة على صفحته بتويتر، قال إياد علاوي زعيم ائتلاف الوطنية "نرفض بشكل قاطع سياسات الاستحواذ الإقليمية وأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الداخلي العراقي أو أن يكون العراق مسرحا لصراع إقليمي أو دولي".

وأضاف "إن الوجود الأجنبي في العراق "ينبغي أن يكون ضمن اتفاقيات واضحة ومعلومة وبموافقة مجلس النواب".

من جهته قال رئيس تحالف الإصلاح (شيعي) عمار الحكيم في تغريدة على صفحته بتويتر "نرفض وبشدة أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية أو منطلقا لمراقبة دول الجوار أو استفزازها أو التعدي عليها".

وتابع "نعتبر توجهات جعل أراضينا منطلقا للنيل من دول الجوار تهديدا لمصالحنا الوطنية وأمننا العراقي".

وكان زعيم منظمة بدر هادي العامري المقرب من إيران قد دعا الحكومة إلى رفض إنشاء قواعد عسكرية أميركية في العراق.

أما حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم ائتلاف النصر فقال في بيان إن ما قاله الرئيس الأميركي "يعقد العلاقة مع دول الجوار ويُعرض العلاقة مع الولايات المتحدة إلى أزمات غير متوقعة ويخل بسيادة واستقلالية العراق ويزعزع العلاقة بين واشنطن وبغداد".

وتقول مصادر عراقية إن الولايات المتحدة لاتزال تحتفظ بوجود عسكري قوي في العراق، وأن لديها نحو 5 آلاف جندي يشكلون جزء من قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قال في تصريحات الشهر الماضي إن عدد عدد القوات الأجنبية في العراق انخفض من 11 ألف جندي 70 بالمئة منهم من القوات الأميركية، إلى 8 آلاف ، 6 آلاف منهم أميركيون.