عبده خال: الطفولة هي الخزان الحقيقي للروائي

الكاتب السعودي عاش 5 سنوات في قريته جازان، وخرج منها محملا بأكثر من مائة أسطورة.
للكتابة متعة ذاتية ورغبة داخلية تتحول إلى محاولات استرجاع ماض
خال واحد من أبرز الروائيين الذين يحتلون صدارة الحركة الروائية السعودية

عمان ـ أكد الروائي والأديب السعودي المعروف، عبده خال، أن "الطفولة هي الخزان الحقيقي للروائي، والذي يبقى ينهل منه طوال حياته، محاولاً تقديم تفسيرات متعددة لكينونته".
وقال خال: "عشت 5 سنوات في قريتيّ جازان فقط، إلا أنيّ خرجت منها وأنا أحمل أكثر من مائة أسطورة وعندما كبرت وجدت أن تلك الأساطير التي أحملها هي من أعمدة الإرث الإنساني الحكائي".
وعاد الروائي السعودي في منتدى عبدالحميد شومان الثقافي، مساء الإثنين، إلى طفولته التي كانت الأحجية ملاذا لإظهار النبوغ على الأقران والأنداد. ولفت خال محاضرة بعنوان "العودة إلى أحجية الطفولة"، التي أدارتها مع الجمهور الروائية سميحة خريس إلى أن كان كل منا يبحث في مخزون ذويه عن لغز يحرج به أصدقاءه ويوقفهم في حيرة كي تنشط مخيلتهم بحثا عن جواب.
وبحسبه، فإن "الكلمة" مفردة (كن) التي انفجر منها الكون، كلمة أنجبت البشر والحيوانات والأشجار والغناء والحزن والفرح والضحك والدموع، وانبثقت من أعماقها الحكايات والألحان والشعر والهجر واللوعة واللقاء والعاشق والمعشوق.
وتابع "الكلمة بها النقيض وضده جاءت ملونة الوجود، كلمة سفحت كل الألوان مانحة ذاتها (المعنى والصوت واللون) وتنبهنا لكيفية خروجها ومتى تقال ومعناها ولم يتنبه أحد أن لكل مفردة لونها الخاص، ومع تنوعها تنوعت ألوانها".
واعتبر في هذا السياق، أن هذا التميز والتفرد حاضراً في القرآن، إذ لا توجد فيه كلمة مترادفة فكل كلمة متفردة بذاتها وبلونها الخاص، فظلت تتوالد عبر العصور تمنحنا معانيها وألوانها وكنا غافلين عن بهجة ألوانها.
وعن روايته "ترمي بشرر" الفائزة بجائزة البوكر، قال خال "ترمي بشرر رواية محظوظة كونها فازت بجائزة عالمية، لكنها ليست الأفضل بالنسبة ليّ، فكل رواية كتبتها أحبها وأحب شخصياتها وأحزن عندما أنتهي من كتابتها". 
واعتبر خال أن للكتابة متعة ذاتية ورغبة داخلية تتحول إلى محاولات استرجاع ماض، فلا يستطيع كاتب أن يقول كيف أو لماذا يكتب؟ فلحظة الكتابة هي أشبه بلحظة العاشق لامرأة، هي تتدلل عليه في ظهورها واختبائها وهو يبقى واقفا تحت نافذتها ينتظر أن تطل عليه".
وبين أن هاجسه الأوحد إخراج الشخوص من المناطق القلقة والمحرمة، التي لا يرضى عنها المجتمع، لتعبر عما تريد من دون خوف أو قلق من هذه المحرمات التي يفرضها عليها واقع اجتماعي وسياسي وديني مؤقت.

ندوات
أعمدة الإرث الإنساني الحكائي

بدورها، قالت خريس خلال تقديمها للمحاضرة "عبده خال هو واحد من أبرز الروائيين الذين يحتلون صدارة الحركة الروائية السعودية، وما يميزه عن الآخرين أنه صاحب مشروع يسعى إلى أن يكون متكاملا من ناحيتي السرد والبحث في الذاكرة الشعبية".
وأضافت: عمل في مجال الصحافة منذ العام 1982، ليتجه بعدها إلى الكتابة الإبداعية التي نوع فيها بين القصة القصيرة والرواية، بدأها في العام 1984 بمجموعة "حوار على بوابة الأرض" ليتبعها بزهاء 20 كتاباً إبداعياً آخر.
ويعتبر عبده خال واحداً من الروائيين المعروفين على امتداد الساحة العربية بأكملها، تلقى تعليمه المدرسي في الرياض وجدة، وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الملك عبدالعزيز.
يدين عبده خال في شهرته الكبيرة إلى روايته "ترمي بشرر" التي صدرت في العام 2008، والتي نالت جائزة البوكر العالمية للرواية العربية في العام 2010، وهي تدور حول عوالم القصور، وما يدور بها من إغواءات وتدمير للنفوس، كما نالت رواية أخرى للكاتب تكريماً مرموقاً، وهي "لوعة الغاوية" التي فازت بجائزة أفضل رواية في معرض الرياض للكتاب في العام 2013.