عدلي الهواري يفض التشابك بين الآراء العديدة في الديمقراطية والإسلام

كفة ميزان الأدلة ترجح لصالح وجود توافق بين الديمقراطية والإسلام

لندن ـ يخصص د. عدلي الهواري فصلا – من كتابه الصادر في لندن \"الديمقراطية والإسلام في الأردن 1990-2010\" - لفك التشابك بين الآراء العديدة في الديمقراطية بغية الوصول إلى تعريف لها، فالحديث عنها دون أن يكون لها معنى غير منطقي.

ويتبنى تعريفا مفاده أنها نظام من القواعد الإجرائية مع مضامين معيارية. القواعد تتعلق باتخاذ القرارات، والمضامين تشمل مجموعة من الحريات والضمانات الدستورية.

وينتقل الكاتب إلى عرض ومناقشة نظريات مختلفة تتحدث عن علاقة الديمقراطية بالحداثة والتنمية والثقافة. ويستفيض في عرض ومناقشة حجج عدم التوافق بين الديمقراطية والإسلام سواء أكانت الحجة معتمدة على فهم لأحكام الإسلام أم غير ذلك.

وفي هذه السياق يناقش حجج أبو الأعلى المودودي وسيد قطب وغيرهما من المسلمين، وحجج برنارد لويس وصامويل هنتنغتون وغيرهما من الغربيين.

ويناقش المؤلف الأفكار التي تتحدث عن إمكانية وجود صيغة إسلامية من الديمقراطية، ويتطرق أيضا إلى مسألة ما إذا كان من الممكن تعايش تطبيق الشريعة الإسلامية ووجود نظام حكم ديمقراطي.

ومن القضايا مسألة ما إذا كانت الخلافة هي نظام الحكم الإسلامي منذ أن تولى أبو بكر الصديق الخلافة، إلى أن ألغيت في تركيا في عام 1924.

في الكتاب فصل مخصص لمناقشة توافق الديمقراطية مع ما يسمى الإسلامي السياسي، أي الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي تشارك في الحياة السياسية، وتسعى إلى تولي الحكم عن طريق الانتخابات.

ويستعرض الكاتب الآراء التي تحذر من وصول هذا الأحزاب إلى الحكم خشية تغيير الطبيعة الديمقراطية للنظام، ويناقش بعض الضمانات التي يقترحها باحثون للحيلولة دون حدوث ذلك في حال وصول الأحزاب الإسلامية إلى الحكم.

اختار المؤلف الأردن كحالة دراسية لأن المملكة دخلت منذ أواخر عام 1989 مرحلة سياسية جديدة تشهد منذ ذلك العام إجراء انتخابات نيابية تشارك فيها أحزاب إسلامية. لذا، يخصص المؤلف فصلا من خمسة أقسام تتناول تاريخ الأردن ونظامه السياسي واقتصاده ودور الإسلام فيه والبعد الفلسطيني. ويشمل القسم الأخير العلاقة المتشابكة بين الأردن وفلسطين منذ خضوعهما للانتداب البريطاني.

ويخصص الكاتب فصلا آخر للحديث عن جماعة الإخوان المسلمين، الأم التي تأسست في مصر، وفرع الأردن الذي تأسس في الأربعينيات، ثم ينتقل إلى الحديث عن حزب جبهة العمل الإسلامي الذي تأسس عام 1992، ويتطرق إلى هيئات الحزب وبرامجه الانتخابية، والخلافات الداخلية في الجماعة والجبهة.

وأضاف الكاتب تحديثا لهذا الفصل ليشمل تطورات مهمة على رأسها تأسيس جماعة إخوان ثانية تنازع الأولى على شرعيتها، وتأسيس حزب إسلامي جديد هو حزب المؤتمر الوطني \"زمزم\".

في الخاتمة يقول الكاتب إن كفة ميزان الأدلة ترجح لصالح وجود توافق بين الديمقراطية والإسلام، ويستنتج أنه لا يوجد تعارض نظري بين الديمقراطية والإسلام الدين أو ممارسة السياسة بمرجعية إسلامية (الإسلام السياسي أو الإسلاموية).

يشار إلى أن الكتاب يعتمد على تعريب بعض فصول رسالة دكتوراه نوقشت بنجاح في جامعة وستمنستر في لندن عام 2012. لذلك، أضاف الكاتب فصلا ناقش فيه آراء مختلفة في التطورات التي شهدتها بعض الدول العربية في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011، وكان من نتائجها إزاحة الرئيس المصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي، ولكنها في ليبيا وسوريا تحولت إلى نزاع مسلح شاركت فيه دول أخرى.

الخلاصة في رأي الكاتب أن غياب الديمقراطية في الدول العربية والإسلامية ليس راجعا إلى عدم توافق نظري بين الديمقراطية وكل من الإسلام والإسلام السياسي. وهذا الغياب أيضا ليس ناتجا عن سمات ثقافية تتميز بها المنطقة العربية، أو وجود «عقل عربي» ثابت لا يتطور.

ويقول إن الحجج النظرية والرد عليها نشاط فكري مهم. ولكن تفسير الغياب ليس في النظريات، بل في قراءة أفضل للواقع في الدول العربية والفئات المستفيدة من نظم الحكم.

يتألف الكتاب من 160 صفحة (ايه 5)، وهو صادر عن دار عود الند في لندن. ويجدر بالذكر أن للكاتب مؤلفات أخرى من بينها \"الحقيقة وأخواتها\" وثق فيه المجلات السياسية الفلسطينية الصادرة في الولايات المتحدة في فترة 1980-1984، وكتاب \"بيروت 1982: اليوم ي\" وثق فيه الاتصالات الفلسطينية الأميركية أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت.