عزم بريطاني على مكافحة الأموال الروسية "القذرة"

لجنة تشريعية بريطانية تقول إن الأموال الروسية المخبأة في أصول بريطانية ويتم غسلها في مؤسسات لندن المالية تضر بجهود الحكومة الرامية لاتخاذ موقف ضد سياسة موسكو.
المركز المالي في بريطانيا استفاد بشكل كبير من التدفق الهائل للأموال الروسية
بريطانيا ينبغي أن تعمل مع الحلفاء الدوليين لجعل الأمر أكثر صعوبة على روسيا

لندن - قال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين إن بريطانيا عازمة على مواجهة مشكلة تدفق الأموال غير المشروعة بعد تقرير من نواب في البرلمان قال إن أموالا روسية يتم غسلها في مؤسسات مالية بريطانية تضر بالأمن القومي.

وقال المتحدث للصحفيين "قامت المملكة المتحدة بدور قيادي في المعركة العالمية ضد التمويل غير المشروع ويجب ألا يعتري المجرمين أي شك في أننا سنصل إليهم وإلى أصولهم وأموالهم".

وأضاف "نحن عازمون على طرد الأموال القذرة ومن يقومون بغسل الأموال من المملكة المتحدة وسنستخدم كل ما لدينا من سلطات... لملاحقة من يهددون أمننا".

وقال الكرملين الاثنين إن تقريرا أعده نواب بريطانيون عن أموال روسية "قذرة" دليل على هيستيريا الخوف من موسكو في بريطانيا والمنافسة غير العادلة ضد الشركات الروسية.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف "هذا ليس سوى أحدث خطوة في المنافسة العدائية غير العادلة".

وقالت لجنة تشريعية بريطانية الاثنين إن الأموال الروسية المخبأة في أصول بريطانية ويتم غسلها في مؤسسات لندن المالية تضر بجهود الحكومة الرامية لاتخاذ موقف ضد سياسة موسكو الخارجية العدائية.

واستفاد المركز المالي في بريطانيا بشكل كبير من التدفق الهائل للأموال الروسية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وظلت لندن العاصمة الغربية المفضلة للمسؤولين الروس الذين يتباهون بثرواتهم في أرقى الأماكن في أوروبا.

بريطانيا تحصن منظومتها المالية
بريطانيا تحصن منظومتها المالية

لكن بريطانيا قادت تحركات دبلوماسية دولية ضد روسيا في أعقاب تسميم عميل روسي سابق ببريطانيا في هجوم اتهمت فيه الحكومة الكرملين. ونفت موسكو ضلوعها في الواقعة.

وقال تقرير للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان إن الأموال الروسية تقوض انتقاد بريطانيا للكرملين وتدعم ما وصفه التقرير بحملة الرئيس فلاديمير بوتين "لتخريب النظام الدولي القائم على قواعد".

وقال رئيس اللجنة توم توجندهات "نطاق الضرر الذي يمكن أن تسببه هذه ‘الأموال القذرة‘ لمصالح السياسة الخارجية البريطانية تتضاءل أمامه فائدة المعاملات الروسية في المركز المالي بالمدينة".

وأضاف "لا يوجد عذر لدى المملكة المتحدة لتغض الطرف عن الفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان التابعين للرئيس بوتين الذين يستخدمون الأموال التي يتم غسلها في لندن لإفساد أصدقائنا وإضعاف تحالفاتنا وتبديد الثقة في مؤسساتنا".

وقالت اللجنة إن بريطانيا ينبغي أن تعمل مع الحلفاء الدوليين لجعل الأمر أكثر صعوبة على روسيا لإصدار السندات الدولية، التي لا تخضع للعقوبات، عبر بنوك خاضعة للعقوبات وهي ممارسة قال التقرير إنها تقوض الجهود الرامية إلى كبح السلوك الروسي.

وخصت اللجنة بالنقد مؤسسة لينكليترز، وهي واحدة من أبرز الشركات القانونية في بريطانيا، بسبب عملها على صفقات تشمل شركات روسية مقربة من بوتين.

وقالت اللجنة إن على آخرين أن يصدروا حكمهم بشأن ما إذا كانت الشركة قد أصبحت "منخرطة بشدة في فساد الكرملين ومؤيديه حتى أنها لم تعد قادرة على الالتزام بالمعايير المتوقعة من شركة قانونية خاضعة للإجراءات التنظيمية البريطانية".

وقالت لينكليترز إنها "مندهشة وقلقة" من هذا النقد وترفض أي تلميحات بتورطها في الفساد لمجرد أنها تعمل في سوق بعينها.

وواجهت روسيا اتهامات بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 وبشن سلسلة من الهجمات الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم. وتنفي موسكو ذلك.

وفي أبريل/نيسان، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 24 روسيا واستهدفت حلفاء بوتين في خطوة قوية لمعاقبة موسكو على تدخلها المزعوم.

وجهة رئيسية

قالت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا هذا الشهر إن مئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية التي تخرج من عمليات غسل الأموال تؤثر على بريطانيا سنويا وإن بريطانيا أصبحت وجهة رئيسية للروس الذين يسعون لإضفاء الشرعية على إيرادات الفساد.

وقالت اللجنة في تقرير "استخدام لندن كقاعدة لأصول الفساد الخاصة بأفراد على صلة بالكرملين أصبح مرتبطا الآن بوضوح باستراتيجية روسية أشمل وله تداعيات على أمننا الوطني".

وتعهدت بريطانيا باتخاذ إجراءات إضافية لتشديد العقوبات على الروس بعد ان أقنعت عشرات الدول، ومنها الولايات المتحدة، بطرد دبلوماسيين روس ردا على استخدام غاز الأعصاب على أرض بريطانية في مارس آذار الماضي.

لكن اللجنة قالت إنه يتعين اتخاذ المزيد من الإجراءات المحلية لتشديد العقوبات على الأفراد وإجراءات دولية لسد الثغرات التي تمكن روسيا من إصدار سندات سيادية عبر بنوك خاضعة للعقوبات.

وأوصت بالعمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل إيجاد سبل لمنع شراء السندات الروسية التي تبيعها بنوك خاضعة للعقوبات ولفرض حظر على غرف المقاصة الأوروبية التي تعرض السندات الروسية.

وتابع التقرير "حجم أسواق المال في لندن وأهميتها للمستثمرين الروس يعطي بريطانيا ميزة كبيرة على الكرملين".