عشرات القتلى في قصف للجيش السوداني على سوق في الخرطوم

مؤيدو الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم يدعون إلى استهداف ما يسمونه "الحواضن الاجتماعية" لقوات الدعم السريع.

الخرطوم - يواصل الجيش السوداني استهداف المدنيين في المدن والبلدات خلال معاركه مع قوات الدعم السريع، ووفق بيان لغرفة الطوارئ لقي 23 شخصا على الأقل مصرعهم السبت وجرح أكثر من 40 آخرين في قصف على سوق مجاورة لأحد المعسكرات الرئيسية لقوات الدعم بجنوب الخرطوم، بعد حوالي أسبوعين على قصف مماثل اعتبر "مجزرة ضد المدنيين".

وازدادت الجمعة حدة المواجهات في العاصمة السودانية التي تسيطر على معظم أجزائها قوات الدعم السريع. وقصفت طائرات الجيش وسط العاصمة وجنوبها.
وفي بيان نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك، أوضحت غرف الطوارئ، التي تعرف نفسها بأنها "مبادرة شبابية لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الحرب في السودان"، أن هناك "23 حالة وفاة مؤكدة وأكثر من 40 جريحا تم نقلهم" إلى ثلاثة مستشفيات "بعد قصف الطيران الحربي ظهر السبت للسوق المركزية" في جنوب الخرطوم.

وتوجد السوق الذي استهدفه القصف في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بالقرب من معسكر رئيسي لتلك القوات في المدينة الرياضية بجنوب العاصمة السودانية.

وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف العشرات من المدنيين، إذ بات نهجا متواصلا للجيش السوداني خصوصا في الفترة الأخير، فقبل حوالي عشرة أيام لقي أكثر من 60 شخصاً مصرعهم، وأُصيب أكثر من 250 مدنياً، جرّاء قصف الطيران الحربي السوداني لمنطقة الكومة بولاية شمال دارفور، في عملية وصفها مراقبون بأنها "أكبر المجازر" ضد المدنيين، ارتكبها الطيران المقاتل التابع الجيش السوداني منذ بدء الحرب. وفي غضون ذلك لقي العشرات مصرعهم في غارات جوية أخرى استهدفت مناطق مليط وود أبو صالح شمال ولاية شمال دارفور، وأم ضوا بان بالخرطوم، وسط مطالبات بفرض حظر على الطيران العسكري التابع للجيش السوداني.

8 منظمات إنسانية دولية توجه نداءا مشتركا للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأن الحرب في السودان حولت حياة السكان العالقين في مناطق القتال إلى "جحيم"

ويؤكد قادة الجيش دائماً أن العمليات الحربية الجوية تستهدف "قوات الدعم السريع" لكن النشطاء وشهود عيان ينفون وجود هذه القوات، في حين تتصاعد دعوات بين مؤيدي الجيش وأنصاره من الإسلاميين وكتائبهم إلى استهداف ما يسمونه "الحواضن الاجتماعية" لقوات الدعم السريع.

وازدادت الجمعة حدة المواجهات في الخرطوم التي تسيطر قوات الدعم السريع على غالبية أجزائها، وقصفت طائرات الجيش وسط العاصمة وجنوبها. وتمكنت قوات الجيش من التقدم من أم درمان باتجاه الجزء الغربي من العاصمة، حيث دارت السبت اشتباكات بجميع أنواع الأسلحة، وفق شهود.

ووجّهت قوى سياسية وحركات مسلحة وتنظيمات حقوقية انتقادات حادة لتصعيد العمليات الجوية للجيش السوداني في إقليم دارفور خصوصاً، وطالبت بفرض حظر للطيران الحربي في الإقليم. وقالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" في بيان الأسبوع الماضي، إن سوق مدينة الكومة شهدت انتهاكاً مريعاً بحق المدنيين، جرّاء قصف الطيران الحربي التابع للجيش السوداني؛ مما أدى إلى إزهاق أرواح عشرات القتلى ومئات الجرحى من الذين تصادف وجودهم في أثناء الغارة الجوية.

وقتل عشرات الآلاف ونزح الملايين منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وحذرت منظمة أطباء بلا حدود الجمعة من انعدام الأمن الغذائي في السودان، ودعت طرفي النزاع إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية، واصفة الوضع بأنه "كابوس". وبحسب المنظمة، فإن نحو 26 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد.

في نداء مشترك للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، قالت 8 منظمات إنسانية دولية إن الحرب المستمرة منذ عام ونصف العام في السودان حولت حياة السكان العالقين في مناطق القتال إلى "جحيم".

ووفقا للنداء الصادر عن المجلسين النرويجي والدنماركي للاجئين، ومنظمات "كير" و"جول" و"بلان" و"الإغاثة" و"إنقاذ الطفولة" و"سوليداريتي" الدولية، فإن الجهود المبذولة حتى الآن للحد من العنف وإنهاء معاناة السودانيين ليست كافية.

وتتفاقم الكارثة الإنسانية بشكل كبير، مع وصول الحرب إلى 13 ولاية من ولايات السودان الـ18.

وشهدت وتيرة الصراع في السودان ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بلغ العنف أعلى مستوى له منذ اندلاع القتال منتصف أبريل 2023.

ويأتي هذا بالتوازي مع الانتشار المخيف للأمراض المعدية، وارتفاع معدلات سوء التغذية وسط الأطفال.

وفي حين يحاصر الجوع 26 مليون شخص في البلاد، يعاني حوالي 34 بالمئة من الأطفال سوء التغذية أو سوء التغذية الحاد. ومع تطاول أمد الحرب، تتزايد معاناة العالقين الذين يعيشون تحت أصوات الرصاص والقصف اليومي، ويواجهون قسوة المرض ببطون خاوية.

ويسلط النداء الضوء بشكل خاص على مأساة الأطفال، وسط غياب لأي مؤشرات على نهاية الحرب. حيث تتزايد وحشية القصف الجوي والأرضي، وتتناقص قدرة السكان على الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والأدوية والرعاية الصحية.

ووفقا للمنظمات الثماني، فإن مدنا مثل الفاشر أصبحت "جحيما على الأرض لآلاف النساء والأطفال، وغيرهم من الضعفاء".

وشهد الشهر الماضي تصعيدا إضافيا للأعمال العدائية، بما في ذلك القصف الجوي، مما عرض حياة 2.8 مليون شخص في الفاشر وحولها وفي شمال دارفور للخطر.

ويروي العاملون في المنظمات الإنسانية العاملة على الأرض قصصا مأساوية عن أوضاع الأطفال، مشيرين إلى أن الكثيرين منهم يموتون تحت القصف الجوي أو بشظايا الرصاص، بينما يتعرض الناجون لخطر الموت جوعا أو مرضا.

وقال موظف في إحدى منظمات حماية الطفولة "الأطفال قلقون ويسألونني دائما متى ستنتهي الحرب". ويضيف آخر "يخبرنا الأطفال عن رغبتهم في وقف هذا الصراع، لأنهم لا يريدون موت المزيد من أقرانهم".

وقالت منظمة إنقاذ الطفولة إن معدلات الوفيات بسبب تفشي الكوليرا في السودان ارتفعت إلى 3 أضعاف المتوسط العالمي، مما يعرض الآلاف من الأطفال لخطر المرض مع استمرار ارتفاع أعداد الإصابات، حيث يعيق الصراع الوصول إلى العلاج في ظل خروج أكثر من 80 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة.

وتواجه المنظمات الإنسانية أزمة مزدوجة، فهي تعمل في ظل ظروف أمنية بالغة التعقيد ونقص حاد في التمويل المطلوب للاستجابة الإنسانية، حيث لم يوفر المجتمع الدولي حتى الآن سوى 1.3 مليار دولار، أي أقل من نصف المبلغ الذي تطلبه الأمم المتحدة، الذي يبلغ 2.7 مليار دولار.