عقدة تمثيل سنة 8 آذار تعقد ولادة الحكومة اللبنانية

تيار المستقبل يحمل حزب الله مسؤولية العرقلة كونه يريد تمثيل النواب السنة المستقلين في الحكومة لإبقائهم تحت جناحيه ولزيادة حجم تمثيله.

بيروت - بعد أكثر من خمسة أشهر على تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، سعد الحريري، بتشكيل حكومة جديدة، عادت عملية التأليف لتدخل مرحلة جديدة من التعقيد.

فقد وصلت المساعي الحثيثة لحل ما يسمى في لبنان الآن بـ"العقدة السُنية" أو "سُنة 8 آذار"، إلى طريق مسدود، إثر رفض "حزب الله" تسمية وزرائه قبل تمثيل ستة نواب سنة معارضين في الحكومة.

هؤلاء النواب، هم عمر كرامي، جهاد الصمد، الوليد سكرية، عبد الرحيم مراد، قاسم هاشم وعدنان طرابلسي.

ويرفض الحريري تمثيلهم في الحكومة، باعتبار أنهم لا ينضوون تحت تكتل نيابي واحد، بل خاضوا انتخابات مايو/ أيار الماضي مع تكتلات حصلت على تمثيلها الوزاري.

وبينما أجمعت الصحف اللبنانية على أن تشكيل الحكومة عاد إلى المربع الأول، إلا أن الرئاسة اللبنانية تحافظ على تفاؤلها.

مسألة وقت

وشدد الرئيس اللبناني ميشال عون، الأربعاء، إن كل دقيقة تأخير في تشكيل الحكومة "تكلفنا عبئا كبيرا".

وقال عون تعليقا عن تمثيل السنة المستقلين، إن العراقيل "غير مبررة"، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الإستراتيجية الوطنية التي نحن في أمس الحاجة إليها.

أضاف "هم أفراد وليسوا كتلة، لقد تجمعوا أخيرا وطالبوا بتمثيلهم، نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة (سعد الحريري) قويا، لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة".

وأضاف "يجب أن يدركوا ألا ثغرة في الوحدة الوطنية، ولا يجوز أن يحصل ما يحصل اليوم".

وتعليقا عما إذا كان بالإمكان بذل المساعي لحل العقد الحالية، قال عون "الوضع ليس سهلا، وأنا أقدره جيدا. أما حكومة الأمر الواقع فلا أعتقد أنها تُحترم".

ميشال عون
ميشال عون يحذر من إضاعة الوقت

وفقًا للنائب في تكتل "لبنان القوي" (محسوب على تيار رئاسة الجمهورية)، أسعد درغام، فإن "تشكيل الحكومة لا زال في مربعه الأخير، لا سيما أننا تجاوزنا العقدتين الدرزية والمسيحية".

وأضاف درغام أن "العقدة السنية لم تحد بعد عن مسار الحلحلة، وتسعى شخصيات، على رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلى تذليل هذه العقبة".

ورأى أن "المسألة مسألة وقت لا أكثر، وأن حل عقدة سنة 8 آذار (تجمع لقوى سياسية يتزعمه حزب الله) لا يحتاج إل أكثر من يومين".

ومقابل تجمع "8 آذار" يوجد "14 آذار"، وهو تجمع منافس يقوده "تيار المستقل"، بزعامة الحريري، ويضم قوى أخرى عديدة.

حالة تجميد

لكن يبدو أن هذا التفاؤل لا ينسحب على الأوساط المقربة من الحريري.

وقال عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل"، النائب السابق مصطفى علوش، إن "الحكومة اليوم في حالة تجميد إلى أجلٍ غير مسمى".

وحمل علوش مسؤولية "العرقلة" الحاصلة في الملف الحكومي إلى "حزب الله".

ورأى أن "حزب الله مستعد القيام بأي شيء، بغض النظر عن المتضررين منه، كونه يريد تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة، لإبقائهم تحت جناحيه، وليزيد بالتالي حجم تمثيله في الحكومة".

وتابع: "يستهدف حزب الله بتصعيده المفاجئ بموضوع توزير سنة 8 آذار رئيس الجمهورية، ميشال عون، وعهده".

وحمل علوش "الرئيس عون مسؤولية الخروج من مربّع المراوحة الحكومي عبر التوقيع على الصيغة الحكومية التي يحملها الرئيس المكلف، بغض النظر عن موافقة حزب الله من عدمها".

حسن نصر الله
في قفص الاتهام

بدوره، قال ناشر موقع "ليبانون فايلز" الإخباري، ربيع الهبر إن "تشكيل الحكومة تأجل، والمراوحة هي سيدة الموقف في ظل المواقف التصعيدية من الجميع".

وحمّل مسؤولية هذه المراوحة لـ"حزب الله" لأنه "لم يعالج العقدة السنية منذ 5 أشهر".

وذهب الهبر إلى وجود دوافع وراء توقيت إثارة العقدة السنية "في الساعات الأخيرة من التشكيل".

لا تراجع

على الجانب الآخر، رفض النائب الوليد سكرية، أحد النواب الستة، اتهام "حزب الله" بتعطيل تشكيل الحكومة.

وقال سكرية "منذ خمسة أشهر أعلنا أنا وزملائي ما يسمى باللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، وطالبنا مرارا، في بياناتنا الأسبوعية، بحقيبة وزارية".

ومضى قائلا "حزب الله أيدنا في مطلبنا، وكذلك رئيس البرلمان نبيه بري (زعيم حركة أمل)".

وشدد على أنه "لا حل للحكومة إلا بتوزير أحد النواب الستة المنتخبين من الشعب".

وأعرب سكرية عن رفضه حلولا وسطية كانت تعرض لحل هذه العقدة في الساعات الأخيرة، عبر توزير شخصية سنية مستقلة من خارج اللقاء التشاوري.

وتابع أنه على الحريري "الاعتراف بحق التمثيل لنواب سنة مستقلين انتخبوا من الشعب، وبأن المستقبل ما عاد يختصر الطائفة السنية في تياره"، على حد تعبيره.