عقوبات أوروبية تستهدف أربعة مستوطنين إسرائيليين

الإجراءات الأوروبية تشمل جماعة يهودية يمينية متشددة ومجموعة شبابية متطرفة تتكون من أعضاء معروفين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين وقراهم في الضفة الغربية.
بلينكن يقول إنه اتخذ قرارات بشأن اتهام إسرائيل بانتهاك حقوق الإنسان

بروكسل - فرض الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة عقوبات جديدة ضد مستوطنين إسرائيليين متطرفين، على خلفية مسؤوليتهم عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
وذكر بيان للمجلس الأوروبي أنه "تم إدراج 4 أفراد وكيانين إلى قائمة العقوبات" وأوضح أن "الأفراد والكيانين المدرجين بالقائمة مسؤولون عن انتهاكات شملت تعذيب ومعاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية أو مُهينة".
كما شملت أعمال المستوطنين "انتهاك الحق في الملكية والحياة الخاصة والعائلية للفلسطينيين في الضفة الغربية"، وفق البيان.
وأوضح أن الكيانين المدرجين بقائمة العقوبات هما "لاهافا وهي جماعة يهودية يمينية متطرفة ومتشددة وشبيبة التلال وهي مجموعة شبابية متطرفة تتكون من أعضاء معروفين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين وقراهم في الضفة الغربية".
ويخضع الأشخاص والكيانان المدرجون في نظام العقوبات لتجميد الأصول وحظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي، بحسب البيان.
وينفذ مستوطنون متطرفون يطلقون على أنفسهم جماعة "شبيبة التلال"، جرائم متواصلة بحق الفلسطينيين تحت شعار "تدفيع الثمن".
ومؤخرا، نفذ مستوطنون اعتداءات واسعة في بلدات فلسطينية، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، وإحراق عشرات المنازل والمركبات.

تحلّق الراعي الفلسطيني إبراهيم أبوعليا ليلا وبعض أصدقائه حول نار أشعلوها على تلة في الضفة الغربية المحتلة، يحرسون القطيع بالقرب منهم ويبقون متيقظين بعد المواجهات بينهم وبين مستوطنين إسرائيليين الأسبوع الماضي.

وقال إبراهيم أبوعليا (29 عاما) من قرية المغير شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة "نحن نأتي يوميا الى هنا، نشعل النار (...) ونبقى مستيقظين حتى الصباح نحرس الأغنام". ثم يشير بيديه الى جبل قائلا "توجد في الجبل فوقنا مستوطنة، ونحن نبلّغ الناس في القرية في حال أحسسنا أن هناك مستوطنين قادمون".

وفي نهاية الأسبوع الماضي، اختفى الفتى المستوطن الإسرائيلي بنيامين أخمير (14 عاما) بالقرب من المغير في 12 أبريل/نيسان بينما كان يرعى أغنامه التي عادت دونه إلى مزرعته في مستوطنة ملاخي هشالوم. بعدها وُجد مقتولا. فهاجم مستوطنون قرية المغير مسلحين بالبنادق وزجاجات "مولوتوف" الحارقة وأشعلوا النيران في منازل وقتلوا أغناما وأصابوا 23 شخصًا بجروح، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). كما قُتل فلسطيني واحد في أعمال العنف.

وخسر أبوعليا الذي أُحرق بيته، من 20 إلى 30 خروفا، وأموالا نقدية جناها من بيع منتجات الألبان احترقت خلال الحريق. وقال "خسرنا 30 ألف شيكل قيمة خلايا الطاقة الشمسية... ليس عندي ملابس، ما أرتديه استعرته من صديقي، لم يتبق معي مال، أعادونا عشرين عاما إلى الوراء، وصرنا تحت الصفر".

وقال رئيس مجلس قرية المغير أمين أبوعليا "أحرقوا عددا كبيرا من المنازل كان أهلها متواجدين فيها، احترقت بشكل كامل أو بشكل جزئي قبل أن تتمّ السيطرة على النيران".

وأضاف "حاولنا أن نشكّل لجان حماية، ولكن الأمر فشل، لأن قوات الاحتلال اعتقلتهم أكثر من مرة (...). لدينا حاليا أكثر من 70 أسيرا من لجان الحماية داخل السجون الإسرائيلية بتهمة محاولة تشكيل جسم منظّم".

وفي قرية دوما القريبة على بعد خمسة كيلومترات شمال المغير، نزل مئات المستوطنين عبر الحقول المحيطة في 13 أبريل/نيسان بعدما عثر على جثة أخمير وعليها آثار طعن.

وقال رئيس مجلس قرية دوما سليمان دوابشة "كانت هجمة شرسة بكل معنى الكلمة. دخل أكثر من 500 مستوطن الى القرية، واقتحمها أكثر من 300 جندي إسرائيلي، وأعلنوا أنها منطقة عسكرية مغلقة".

فلسطينيون في الضفة الغربية متيقظون في مواجهة المستوطنين
فلسطينيون في الضفة الغربية متيقظون في مواجهة المستوطنين

وقال محمود نزار سلاودة، وهو صاحب منزل أحرق في دوما، "نشعر بالعجز لأننا غير قادرين على أن نحمي أنفسنا، والمستوطن محمي من جيش الاحتلال، لا أحد يحمينا" وأضاف من الطابق الأرضي لمنزله المحترق على مشارف دوما، "خسرت كل مالي ومستقبلي، فتخيّل كيف شعوري؟" وعند قدميه، غطّى الأثاث المحترق والزجاج المحطّم الأرض، بينما تلوّنت الجدران باللون الأسود، واحترقت ورشته في الغرفة المجاورة.

وفي العام 2015، أضرم مستوطن النار في منزل عائلة سعد دوابشة في دوما. فقتل مع زوجته ريهام وطفلهم الرضيع علي، وأصيب ابنه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة، لكنه الوحيد الذي بقي على قيد الحياة منهم.

ويقول سكان دوما، مثل العديد من القرويين الفلسطينين في الضفة الغربية، إنهم لا يتمتعون بحماية الأمن الفلسطيني الذي لا يُسمح له بالعمل إلا في 40 في المئة من الأراضي الفلسطينية، ولا تقوم اسرائيل بحماية الفلسطينين في باقي الاراضي التي تديرها.

ويقول محمود دوابشة "هذه سياسة تهجير وتطهير عرقي"، مضيفا "لن نغادر الأرض ولن نغادر المنازل...، فليحرقوا ويكسروا ويدمروا، سوف نبقى في داخل بيوتنا".

وقالت منظمات غير حكومية إن هجمات نهاية الأسبوع تمثّل ذروة أعمال العنف بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين شاركوا فيها، ولكنها تعكس أيضًا اتجاهًا أوسع في الضفة الغربية.

وفي سياق متصل قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الجمعة إنه اتخذ "قرارات" بشأن اتهامات بأن إسرائيل انتهكت مجموعة من القوانين الأميركية التي تحظر تقديم المساعدة العسكرية لأفراد أو وحدات قوات أمن ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وتحظر قوانين ليهي، التي صاغها السناتور باتريك ليهي في أواخر التسعينيات، تقديم المساعدة العسكرية للأفراد أو وحدات قوات الأمن التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان دون تقديمها إلى العدالة.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذكرت مؤسسة ''برو بابليكا'' المستقلة والمتخصصة بالتحقيقات الاستقصائية الصحفية أن لجنة خاصة تابعة لوزارة الخارجية تعرف باسم لجنة ليهي الإسرائيل للتدقيق قدمت توصية لبلينكن قبل أشهر بعدم أهلية العديد من وحدات الجيش والشرطة الإسرائيلية لتلقي المساعدات الأمريكية بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان.

وأوردت ''برو بابليكا' أن بلينكن لم يتخذ أي إجراء. وقالت الوكالة إن الحوادث التي كانت موضع نقاش وقعت في الضفة الغربية ووقع معظمها قبل بدء الحرب الإسرائيلية مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس في غزة.

وردا على سؤال في مؤتمر صحفي في إيطاليا حول التقارير التي تفيد بأن وزارة الخارجية أوصت بقطع المساعدات العسكرية عن بعض وحدات قوات الأمن الإسرائيلية بسبب انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، لم يؤكد بلينكن التقارير بشكل مباشر لكنه وعد بكشف النتائج قريبا جدا.

وقال "أعتقد أنك تشير إلى ما يسمى بقانون ليهي وعملنا بموجبه... إنه قانون مهم للغاية... نطبقه في جميع المجالات. وعندما نجري هذه التحقيقات، فإنها... تستغرق وقتا. ويجب أن يكون ذلك بحذر شديد، في جمع الحقائق وتحليلها".

وأضاف بلينكن "هذا بالضبط ما فعلناه. وأعتقد أن من الإنصاف أن نقول إنكم سترون النتائج قريبا جدا. لقد اتخذت قرارات. يمكنكم أن تتوقعوا رؤيتها في الأيام المقبلة". لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل.

ويخضع السلوك العسكري الإسرائيلي لتدقيق متزايد حيث قتل نحو 34 ألف فلسطيني في غزة، وفقا للسلطات الصحية في القطاع، كثير منهم من النساء والأطفال منذ بدء الحرب. ودُمرت مساحات واسعة من قطاع غزة وأثار النقص الشديد في الغذاء المخاوف من حدوث مجاعة.