عقوبات أوروبية محتملة للجم انتهاكات أردوغان في ليبيا والمتوسط
بروكسل - يخطط قادة الاتحاد الأوروبي لعقد قمة استثنائية يومي 24 و25 أغسطس/اب لتقييم العلاقات المضطربة مع كل من تركيا والصين على ضوء توترات لم تهدأ منذ أشهر وإن كانت أقل حدّة مع الشريك الصيني وأكثر تشنجا مع أنقرة العضو في حلف الناتو والتي ترتبط بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية مع الأوروبيين.
وأشارت مصادر أوروبية إلى أن تأكيد موعد القمة سيتم رسميا في حال كان الموعد مناسبا للدول الأعضاء التي تواجه ضغوطا بسبب تفشي فيروس كورونا بينما على أجنداتها أكثر من ملف حارق لم يعد يحتمل التأجيل.
ومن المقرر أن يبحث القادة الأوروبيون سبل التوصل إلى قرار بشأن التعامل مع سياسة المواجهة التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهي السياسية التي سممت عقودا من العلاقات بين الطرفين.
وتدرك أوروبا أكثر من أي وقت مضى أن تركيا أصبحت عبئا ثقيلا في ظل النهج الصدامي الذي ينتهجه الرئيس الإسلامي ضاربا بعرض الحائط القيم الأوروبية التي على أساسها يحدد الاتحاد الأوروبي علاقاته الخارجية.
وبحسب المصادر الأوروبية فإنه من المتوقع أن ينظر قادة الاتحاد في فرض عقوبات على تركيا لإجبار أنقرة على احترام الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على بيع الأسلحة إلى ليبيا ووقف عمليات التنقيب غير القانونية التي تتم في المنطقة الاقتصادية البحرية لقبرص.
وهذه القضية حلقة من حلقات التوتر القائم بين بروكسل وأنقرة وملف من الملفات التي أبعدت تركيا أكثر عن الشطر الأوروبي وقد توسع عزلتها أكثر مع إصرار الرئيس التركي على العناد والمضي في أجندة التدخلات الخارجية ومحاولات التمدد بما يشكل طوقا حول عنق أوروبا من منفذي بحر ايجه والسواحل الليبية.
وأكثر ما يخشاه الأوروبيون وخبروه بالفعل هو ورقة المهاجرين التي استخدمها أردوغان في ابتزاز الاتحاد مرارا في كل مرة يتعرض فيها للانتقادات بسبب سياساته العدوانية وخرقه للقانون الدولي.
وتحولت الساحة الليبية وأيضا شرق المتوسط حيث تمضي تركيا في عمليات التنقيب متجاهلة التحذيرات الأوروبية، إلى ساحة مواجهة بين بروكسل وأنقرة.
وإلى حدّ الآن يبدو أن الرئيس التركي كسب جولة مواجهة مع بروكسل لكن تركيا على وشك خسارة شريك اقتصادي مهم وفضاء جيوسياسي لطالما كان متنفسا للأتراك زمن الأزمات.
وتعالت الكثير من الأصوات في أوروبا تطالب بروكسل بالردّ على تمادي أردوغان في سياساته العدوانية التي يبررها عادة بالدفاع عن مصالح تركيا وأمنها القومي، فيما تراها المعارضة التركية مطامع وطموحات شخصية لرئيس يلهث خلف زعامة وأمجاد عفا عنها الزمن.
وتواجه تركيا أزمة مالية خانقة تجلت في اضطرابات متواترة في قيمة العملة الوطنية (الليرة) وفي ارتفاع نسبة التضخم وتراجع الاستثمار الأجنبي فالسوق التركية أصبحت منذ سنوات قليلة طاردة لا جاذبة للاستثمارات بنظر كثير من المستثمرين عزفوا عن ضخ استثمارات في بيئة عالية المخاطر.
وليس سرا أن تدخلات الرئيس التركي في السياسات النقدية ومحاولته أسلمة مؤسسات الدولة ونهجه الصدامي مع الحلفاء والشركاء التقليديين لبلاده أججت في مجملها المخاوف من التوترات الداخلية والخارجية ومن عدم الاستقرار السياسي والمالي في السوق التركية.
كما يتهم أردوغان بانتهاك حقوق الإنسان في بلاده واعتبر قراره بتحويل آيا صوفيا، المعلم الأرثوذكسي البارز في اسطنبول إلى مسجد "استفزازا" في اليونان.
ومن المقرر أيضا أن يطلع المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه القادة الأوروبيين على نتيجة المناقشات مع البريطانيين حول العلاقة مع بريطانيا ما بعد بريكست.
وستستأنف المفاوضات في 17 أغسطس/اب بعدة جلسات عمل ومن المقرر عقد جلسة تفاوض في الفترة من 28 سبتمبر/ايلول إلى 2 أكتوبر/تشرين الأول في بروكسل.
ومن المتوقع أن يحضر قادة الاتحاد الأوروبي شخصيا الاجتماع إذا سمحت الظروف بذلك. ولكن نظرا لفرض إجراءات التباعد الاجتماعي لتجنب أي خطر للعدوى بوباء كوفيد-19 لن يتم تخصيص قاعة للصحافيين.
وسيقوم قادة الإتحاد خلال هذه القمة بمناقشة جميع المواضيع التي لم يتم تناولها منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي سببها الوباء.
وهكذا سيتعين عليهم تقييم المفاوضات مع البرلمان الأوروبي للسماح باعتماد الميزانية للفترة 2021-2027 والمصادقة على خطة الإنعاش الموضوعة لكل دولة. وفي الواقع، يجب أن تتم الموافقة على قدرة الاقتراض من قبل البرلمانات الوطنية للدول الـ27 الأعضاء.
وسيكون عليهم كذلك اتخاذ قرار بشأن الإستراتيجية السياسية والاقتصادية تجاه بكين بعد تأجيل القمة الاستثنائية بين الاتحاد الأوروبي والصين التي كان من المقرر عقدها في سبتمبر/ايلول في مدينة لايبزيغ الألمانية، بين الرئيس الصيني شي جينبينغ وقادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27.
وتوترت العلاقات مع بكين منذ دخول قانون الأمن الجديد المفروض على هونغ كونغ حيز التنفيذ وإعلان رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام إرجاء الانتخابات التشريعية المخطط لها في المنطقة لمدة عام وإبطال ترشيح المعارضين.