عقوبات أوروبية مرتقبة ردّا على مخططات إيران الإرهابية

مفوضة الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تؤكد أن دعم بروكسل للاتفاق النووي الموقع في العام 2015 لا يعني غضّ الطرف على ممارسات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.

بروكسل تفصل بين الاتفاق النووي وأنشطة إيران العدائية
الاتحاد الأوروبي يكابد لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار
محاولات أوروبية عبثية لتجنيب إيران أثر العقوبات الأميركية

بروكسل - قال ثلاثة دبلوماسيين إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أيدوا اليوم الاثنين قرارا للحكومة الفرنسية بفرض عقوبات على إيرانيين متهمين بالتخطيط لتفجير قنبلة في فرنسا، وهو ما قد يسمح بجعل الإجراءات سارية في دول التكتل.

وقال الوزراء إن العمل الفني قد يبدأ الآن بشأن تجميد أصول إيرانيين اثنين وجهاز المخابرات الإيراني في أنحاء الاتحاد الأوروبي بسبب المخطط الفاشل لتنفيذ هجوم بقنبلة على تجمع قرب باريس نظمته جماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في المنفى.

وكانت الدنمارك أيضا قد قالت في أكتوبر/تشرين الأول إنها تشتبه في أن جهاز مخابرات يتبع الحكومة الإيرانية حاول تنفيذ مؤامرة اغتيال على أراضيها.

وقال الدبلوماسيون إن الدنمارك سعت لحشد الدعم لفرض عقوبات مشابهة تطبق في جميع دول الاتحاد الأوروبي فور اكتمال تحقيقها.

ورغم كونه إجراء رمزيا إلى حد كبير، يشكل استعداد الاتحاد الأوروبي لاستهداف إيرانيين تحولا بعد أشهر من الانقسام داخل التكتل بشأن كيفية معاقبة المتهمين بأنشطة مزعزعة للاستقرار في أوروبا والشرق الأوسط.

وحرصا منه على إنقاذ الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في عام 2015 وانسحبت الولايات المتحدة منه، يركز الاتحاد الأوروبي جهوده على محاولة الحفاظ على التجارة مع إيران في مواجهة العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها، وذلك حتى لا تنسحب طهران من الاتفاق.

العقوبات الأوروبية تشمل تجميد أصول إيرانيين اثنين وجهاز المخابرات الإيراني في أنحاء الاتحاد الأوروبي بسبب المخطط الفاشل لتفجير تجمع قرب باريس لجماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في المنفى

وفي مسعى لتحقيق التوازن في سياستهم إزاء إيران، بحث الوزراء أيضا وضع آلية خاصة للتجارة مع إيران على أن تكون خاضعة لقانون الاتحاد الأوروبي، لا القوانين الوطنية، في إجراء يعتقدون أنه ربما يحمي أي دولة عضو في الاتحاد من العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على التجارة مع طهران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.

وفي مارس/آذار، اقترحت بريطانيا وفرنسا وألمانيا معاقبة إيران على تطويرها صواريخ باليستية وعلى دورها في الحرب السورية، لكن المبادرة لم تنجح في حشد دعم كاف بين أعضاء الاتحاد الأوروبي حتى يتم تنفيذها.

و أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين أن دعمه للاتفاق النووي لمنع انهيار الاتفاق التاريخي الموقع بين إيران والقوى الست الكبرى في 2015، لا يعني غض الاتحاد الطرف على ممارسات طهران.

ويكابد الاتحاد الأوروبي منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/ايار انسحاب بلاده من الاتفاق النووي والعودة للعمل بنظام العقوبات السابق مع تشديدها، لمنع انهيار الاتفاق.

وأشارت مفوضة الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني في تصريحات صحفية قبيل اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين، إلى أن المواضيع المطروحة على جدول أعمال المجلس هو اليمن وأوكراني والتعاون بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي.

وأضافت أن دعم الاتحاد الأوروبي للاتفاق النووي مع طهران لا يعني ذلك أنه يوافق على أنشطة إيران في أوروبا والمنطقة.

وكانت المسؤولة الأوروبية تلمح إلى المخططات الإرهابية التي أحبطتها فرنسا والدنمارك وكانت تستهدف المعارضة الإيرانية وتعتقد بروكسل أنه تم الإيعاز بها على مستوى الدولة الإيرانية.

وتابعت موغريني "نحن لا نتجاهل المشاكل الصادرة عن السلوك الإيراني. ونثير هذه المسألة بشكل واضح مع محاورينا الإيرانيين".

وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي يناقشون وضع آلية خاصة للتجارة مع إيران على أن تكون خاضعة لقانون الاتحاد الأوروبي لا القوانين الوطنية للالتفاف على العقوبات الأميركية

وأشارت إلى أن الأوروبيين يواصلون العمل على آلية تجارية خاصة بهدف الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، مؤكدة على أهمية الخطوات التي ستتخذها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في ما يتعلق بهذا الأمر.

وسبق أن أكدت بروكسل أن على إيران التوقف عن زعزعة الاستقرار في المنطقة وعلى ضرورة كبح برنامجها للصواريخ الباليستية وتعديل الاتفاق النووي بما يسمح بتقييد هذا البرنامج.

كما أشارت إلى أن سلوك إيران العدائي يثير القلق ويبرك دهود الحفاظ على الاتفاق النووي رغم انسحاب الولايات المتحدة منه.

لكن طهران استغلت المخاوف الأوروبية من تضرر أنشطة دول الاتحاد الأوروبي من العقوبات الأميركية، لترفع من سقف مطالبها بما يوفر لها ضمانات أوروبية للاستمرار في بيع النفط والتعاملات المالية الدولية.  

وبالفعل أقرت دول الاتحاد آلية تسمح لإيران بالاستمرار في بيع نفطها عبر نظام يشبه نظام المقايضة بما يسمح باستمرار تدفق المال إلى السوق الإيرانية.

لكن الجهود الأوروبية تصطدم أولا بصعوبات تقنية في تنفيذ آلية التجارة المقترحة بعد أن رفتت فيينا استضافة مقرّ المؤسسة المكلفة بتجنيب طهران اثر العقوبات الأميركية.

وثانيا، تلقت جهود الاتحاد الأوروبي صفعة من الشركات والمصارف الأوروبية التي رفضت التجاوب مع توصيات المفوضية الأوروبية بالاستمرار في التعامل مع إيران.

وكانت شركات أوروبية ومصارف قد أعلنت تعليق أنشطتها في إيران خشية أن تطالها العقوبات الأميركية.

ولا ترغب هذه الشركات في الاستثمار في بيئة عالية المخاطر مع مواجهة إيران عقوبات أميركية مشددة تستهدف الحزمة الثانية منها والتي بدأ تطبيقها في نوفمبر/تشرين الثاني قطاعي النفط والمال الإيرانيين.

ميرسك تانكرز الدنماركية كانت من أوائل الشركات الأوروبية التي علقت أنشطتها في إيران
ميرسك تانكرز الدنماركية كانت من أوائل الشركات الأوروبية التي علقت أنشطتها في إيران

وفي محاولة للضغط على الإتحاد الأوروبي الحريص على عدم انهيار الاتفاق النووي، قال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن الاتحاد الأوروبي أخفق في تطبيق آلية لمواجهة العقوبات الأميركية على بلاده.

وأكد عراقجي أن إحدى الأسباب التي جعلت الاتحاد الأوروبي يخفق في إيجاد وسيلة لتقويض العقوبات الأميركية، هي الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاتحاد.

وحاولت دول الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات وإقرار قوانين تحمي شركاتها من العقوبات الأميركية، إلا أن المقترحات لم تدخل حيز التنفيذ.

وذكر المسؤول الإيراني أن الولايات المتحدة هددت البلدان التي تفكر في الانتقال إلى نظام "الشركة ذات الأغراض الخاصة التي أعلن الاتحاد الأوروبي عن إنشائها لضمان استمرار صادرات النفط الإيراني والمعاملات المالية دوليا.

وبدأت الولايات المتحدة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني تطبيق الحزمة الثانية من عقوباتها الاقتصادية على طهران وتشمل قطاعات الطاقة والتمويل والنقل البحري.

إلا أن العقوبات استثنت بشكل مؤقت ثماني دول منها تركيا، حسبما أعلنت الخارجية الأميركية.

ودخلت الحزمة الثانية بعد أخرى بدأ تطبيقها في 6 أغسطس/آب الماضي، أي بعد 3 أشهر من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي.

واستبقت عديد الشركات الأوروبية والعالمية، العقوبات الأميركية أو أية قرارات أوروبية لحمايتها، معلنة انسحابها من السوق الإيرانية مثل توتال الفرنسية وميرسك تانكرز الدنماركية وبنك دي زد الألماني وبيجوستروين الفرنسية وسيمنز الألمانية.