عقوبات دولية تتربص بمعرقلي تسوية الأزمة الليبية

العقوبات التي ستفرضها لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا ستطال فاعلين سياسيين وقادة ميليشيات.

طرابلس - هددت لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبا، المنبثقة عن مسار برلين، بفرض عقوبات على كافة الأطراف التي تعرقل تسوية الأزمة السياسية في البلاد، فيما يشككك متابعون للشأن الليبي في فاعلية هذا التحذير، لا سيما وأن اللجنة سبق أن لوحت باتخاذ هذا القرار دون تحقيق أي نتائج ملموسة على صعيد دفع الفرقاء إلى التوصل إلى حلول توافقية تخرج البلد من المتاهة السياسية.

ويشير هذا التلويح إلى تزايد الإحباط الدولي من استمرار حالة الجمود في ليبيا بعد سنوات من المحاولات الدبلوماسية والوساطات، فيما يبدو أن المجتمع الدولي يلجأ إلى أدوات ضغط أكثر صرامة لتحريك العملية السياسية.

ويبعث التهديد بالعقوبات برسالة واضحة مفادها أن التسوية السياسية في ليبيا أولوية قصوى للمجتمع الدولي، وأن أي محاولات لعرقلتها ستواجه عواقب.

وعادة ما تستهدف العقوبات الأفراد والكيانات التي تُعتبر مسؤولة بشكل مباشر عن تعطيل العملية السياسية، سواء كانوا سياسيين أو قادة ميليشيات وقد تشمل تجميد الأرصدة وحظر السفر.

وأتى هذا التهديد في أعقاب الاجتماع الثالث لمسار برلين، الذي انعقد في العاصمة الألمانية الجمعة الماضي، بمشاركة واسعة من دول ومنظمات إقليمية، بينها الاتحاد الإفريقي.

ونقل موقع "أخبار شمال أفريقيا" عن نائب رئيس حزب الأمة الليبي أحمد دوغة قوله إن "هناك تلويحا جديا بفرض عقوبات على الأفراد والجهات التي تعرقل التوافق السياسي، سواء كانوا فاعلين سياسيين أو قيادات ميليشياوية".

وأكد دوغة، أنه في حال تم تنفيذ العقوبات بطريقة فعالة، فإن تداعياتها ستكون واضحة، خصوصا فيما يتعلق بتجميد أموال المعنيين، وتقييد تحركاتهم عبر مذكرات توقيف دولية، بالإضافة إلى استبعادهم من أي عملية سياسية أو عسكرية مرتقبة.

بدوره اعتبر المحلل السياسي الليبي حمد الخراز أن "اجتماع برلين يهدف إلى تعبيد الطريق أمام خطة بعثة الأمم المتحدة، التي تعتزم عرض مخرجات اللجنة الاستشارية أمام مجلس الأمن الدولي في جلسة مرتقبة يوم الخميس القادم".

وقد يكون التلويح بالعقوبات موجهاً بشكل خاص إلى قادة الميليشيات الذين يواجهون اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والفساد المالي، فيما يتوقع أن تكون الإجراءات المحتملة بحقهم أكثر صرامة مقارنة مع القادة السياسيين، بالنظر إلى تغلغل الجماعات المسلحة في مفاصل الدولة، ما عقد جهود تسوية الأزمة.

وتتدخل الميليشيات بشكل مباشر في العملية السياسية، وفي بعض الأحيان اقتحمت مؤسسات حكومية وأوقفت إنتاج النفط الذي يشكل مصدر الدخل الأساسي للبلاد ولطالما ضغطت على صناع القرار لخدمة مصالحها.

ويشكل نفوذ هذه الفصائل وانفلات السلاح عائقًا رئيسيًا أمام إجراء انتخابات حرة ونزيهة، حيث تخشى الأطراف السياسية والشعبية من أن تؤثر هذه الميليشيات على النتائج أو تهدد العملية برمتها.

وتخوض الفصائل بين الحين والآخر اشتباكات متكررة فيما بينها للسيطرة على النفوذ والموارد، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية، خاصة في المدن الكبرى مثل طرابلس.

ويشهد البلد انقساما سياسيا حادا في ظل وجود حكومتين رئيسيتين متنافستين، واحدة في الشرق، مدعومة من البرلمان في طبرق، وأخرى في الغرب، حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، فيما أدى هذا التنافس إلى ازدواجية في المؤسسات، وصراع على الشرعية وتعطيل للجهود الرامية إلى توحيد البلاد.

ويرى البعض أن الحديث عن العقوبات هو محاولة لاحتواء الضعف وغياب اللغة الحازمة في المخرجات السابقة للاجتماعات الدولية، فيما يرجح أن يدفع مسار التهديد بالمحاسبة المتشبثين بالسلطة في ليبيا إلى التفكير في الخروج الآمن بضمانات.

وقد يكون هذا التلويح جزءاً من أدوات الضغط الدبلوماسي، وقد لا يتطور بالضرورة إلى قرارات نافذة ما لم يتطور الموقف الدولي إلى مستوى من التوافق يسمح بتفعيل أدوات الردع.