عقول مغربية تبتكر تقنية غير مسبوقة للطائرات المسيرة

باحثون يبتكرون تقنية للذكاء الاصطناعي تمكن الطائرات بلا طيار من أداء مهامها المبرمجة تلقائيا من دون الحاجة إلى توجيه عبر جهاز تحكم من الأرض.

وجدة (المغرب) -  ابتكر باحثون مغاربة تقنية للذكاء الاصطناعي تضاف إلى نظام تشغيل الطائرات من دون طيار، فتمكنها من أداء مهامها المبرمجة تلقائيًا من دون الحاجة إلى توجيه عبر جهاز تحكم من الأرض.
هذا المشروع أطلق عليه الباحثون اسم "سكاي نيت" وتم تطويره في مختبر الأنظمة الإلكترونية والحاسوب والصورة، في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمدينة وجدة.
بداية المشروع كانت عندما قرر باحثون، على رأسهم الأستاذ في المدرسة الوطنية جمال بريش، التفكير جديًا في توظيف مهاراتهم بمجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة المعلوماتية لتطوير آلية تضمن فعالية الطائرات من دون طيار في أداء المهام، خاصة تلك التي تتطلب الاستعانة بالمراقبة الجوية، كمراقبة الصيد غير المشروع في البحار والمحيطات.
كما هو الوضع في مختبرات عديدة، شكل التمويل العقبة الأبرز أمام بريش وفريق الباحثين.
لكن سرعان ما تغلبوا على الأمر، بحصول المشروع على تمويل من إحدى الشركات الخاصة، التي أسسها خريجون من المدرسة نفسها.
وقال جمال بريش إن "الشركة تضمن لفريق البحث الحصول على الطائرات من دون طيار، حيث تتكفل باستيرادها من الخارج وفق الأنظمة المعمول بها في البلاد، ليتم بعدها إعادة تركيبها، ثم إضافة التقنية الجديدة، التي ابتكرها الباحثون، إلى نظام التشغيل".
معظم الطائرات من دون طيار المستخدمة في الأغراض البحثية، وحتى في أغراض التصوير التجاري، تحتاج إلى شخص على الأرض لتوجيهها عبر جهاز للتحكم، حتى تؤدي مهامها.
لكن تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة تمكن الطائرة من إنجاز مهامها من دون الحاجة إلى جهاز تحكم، بحيث تقلع وتنفذ المهام المبرمجة لها مسبقا ثم تهبط، بمجرد إعطاء الأمر بذلك.

 وشرعت الشركة المملوكة لخريجي المدرسة في تسويق التقنية المغربية الجديدة عبر مشروع "فيشغارد" في جمهورية سيشل. 
واستعانت حكومة الدولة الأفريقية الوقعة في المحيط الهندي بتلك التقنية لمواجهة قوارب الصيد غير المشروع.
ويمكن لتلك الطائرات المزودة بهذه التقنية تنظيم جولات مراقبة جوية لمجال يصل إلى 700 كلم، وهو مجال كبير جدًا مقارنة بأساليب المراقبة التقليدية.
والأهم من ذلك، وفق رئيس فريق الباحثين في المختبر التومي بوشنتوف، هو أن تلك الطائرات تؤدي مهامها بأقل التكاليف، عبر تقنية في متناول الدول النامية.
وبفضل مشروع "فيشغارد" نالت الشركة قبل أشهر جائزة الجمعية الجغرافية الوطنية الأميركية، وهي جائزة مرموقة ستمكن فريق الباحثين في وجدة من إدخال مزيد من التطوير على تلك التقنية.
بجانب مكافحة الصيد غير المشروع، ثمة مجالات أخرى عديدة يمكن أن تلعب فيها الطائرات من دون طيار المزودة بالتقنية الجديدة دورًا مهمًا.
من تلك المجالات، مراقبة حرائق الغابات وكل ما له تأثير على النظم الإيكولوجية، بل وحتى القيام بأعمال إنسانية، مثل نقل الأدوية إلى سكان مناطق نائية أو منكوبة.
والنظم الإيكولوجية هي العناصر الحية التي تتفاعل مع بعضها البعض ومع البيئات غير الحية المحيطة بها، وتوفّر المنافع أو الخدمات للعالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).
وقال مدير المختبر محمد بالرحمون إن الباحثين يعملون على ابتكارات جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، سيتم الكشف عنها قريبًا.
ومن بينها ابتكارات في المجال الطبي، مثل ابتكار يضمن لمرضى السكري تغذية سليمة تراعي مرضهم المزمن، وآخر يضمن القيام بالترويض الطبي (العلاج الطبيعي أو العلاج بالحركة) بطريقة أكثر فاعلية، بحسب بالرحمون.
وأوضح الباحث المغربي أن مختبرهم، الذي مر بعدة مراحل من التطور، يحتضن اليوم ثلاثة فرق من الباحثين، تتألف من 17 باحث دكتوراه و13 أستاذًا في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية.