علاج الايدز بالاعشاب الطبيعية

يتردد صدى صوت المطحنة القديمة الصدئة الذي يصم الاذان في كافة أنحاء القرية الصغيرة الواقعة مباشرة خارج مدينة تشيانج ماي شمالي تايلاند.
ويعكف سومساك جانتيمون، الذي يعالج أبناء القرية بالطرق التقليدية على تصنيع عقاقير جديدة من الاعشاب لعلاج زبائنه من مرضى فقدان المناعة المكتسب (الايدز).
ويقول سومساك "لدي أكثر من 200 نوع مختلف من الاعشاب استخدمها في صنع الادوية. لكن بالنسبة لحاملي فيروس "إتش.آي.في"، وهو الفيروس المسبب للايدز، فإن الدواء عبارة عن خليط من عدد محدود فقط من الاعشاب الطبيعية التي أزرعها وأطحنها ثم أضعها في كبسولات".
ويشير الرجل إلى أن عشب الهوتوينيا، ذا المفعول المضاد للفيروسات، يمكن أن يقوي جهاز المناعة ضد العدوى. أما الكركم فهو مضاد للالتهابات وتعد الجوافة علاجا للاسهال واضطرابات المعدة ويفيد نبات سي هولي في مقاومة عدوى الفطريات التي تصيب الجلد والتي تشيع بين مرضى الايدز.
وفي صيدلية سومساك للاعشاب الطبية تتراوح التكلفة الشهرية للدواء الذي يصنعه منزليا لعلاج حاملي فيروس الايدز أو المصابين بالمرض بين 30 إلى 50 باهت تايلاندي (ما بين 60 سنتا إلى دولار واحد)، فيما يتكلف نظيره من العقاقير الغربية لعلاج الايدز ما بين سبعة آلاف باهت وعشرة آلاف باهت شهريا (150 إلى 220 دولارا).
وقد أصيب قرابة مليون شخص بفيروس "إتش.آي.في" المسبب للايدز في تايلاند منذ بدء انتشار الوباء عام 1981 مما يجعلها واحدة من أكثر بلدان العالم تضررا من هذا المرض الفتاك.
وفي تايلاند، توفي نحو 300 ألف شخص منذ ذلك الحين متأثرين بالايدز، وهناك نحو 700 ألف حاليا يحملون فيروس إتش.آي.في. وبالنسبة لمعظم أولئك المرضى فإن العقاقير الغربية المضادة للفيروسات، والتي ثبت نجاحها في وقاية الكثير من حاملي الفيروس من الاصابة بالايدز القاتل، مكلفة للغاية. ويتمثل أملهم الوحيد في العلاج بالاعشاب الطبية التقليدية.
ويقدر الخبراء أن أكثر من ثلث سكان العالم تعوزهم الامكانيات المادية اللازمة للحصول على الادوية المتاحة بانتظام. وبالنسبة لهؤلاء الاشخاص، فإن الادوية الحديثة لن تكون على الارجح خيارا واقعيا للعلاج. وفي مقابل ذلك، فإن الادوية التقليدية متوافرة على نطاق واسع حتى في المناطق النائية كما أن أسعارها في متناول غالبية الناس.
ويصف الدكتور نوبوم باثانا بورنبانده مدير مستشفى "مايون" الكائن خارج تشيانج ماي مباشرة، الادوية التقليدية لمرضاه لتقوية جهاز المناعة وفي علاج الاعراض الثانوية فيما يقتصر وصفه للادوية الغربية باهظة الثمن على الامراض الاشد خطورة.
وكما يفعل سومساك، فإن المستشفى يبيع كبسولاته العشبية بأسعار منخفضة للغاية مقارنة بالعقاقير الغربية.
وفي أوائل عام 1995 طلب نوبوم وزملاؤه المشورة من الاطباء التقليديين في المنطقة.
ويقول نوبوم "اكتشفنا أدوية تقليدية كثيرة مفيدة للجهاز المناعي للمريض. لكن كانت هناك مشكلة: فقد ظللنا في تايلاند نشجع العقاقير الغربية لمدة طويلة وتجاهلنا الادوية العشبية لصالح الادوية الغربية. والان فإن معظم سكان المدن، ولاسيما الشباب، صاروا لا يؤمنون بالادوية التقليدية. ومن ثم فإنه يتعين علينا الان إقناعهم بتجريب العقاقير التقليدية".
وقد خصصت وزارة الخدمات الطبية 300 مليون باهت (6.6 مليون دولار) خلال عام 2001 لتمويل مشروعات للعلاج التقليدي.
وتقوم هيئة المستحضرات الطبية الحكومية منذ ثلاثة أعوام بتصنيع أدوية من الاعشاب من خلال شركة "تايلاند هيربال برودكتس كومباني" التابعة لها. وأنفقت وزارة البحث العلمي العام الماضي ثلاثة مليارات باهت (66 مليون دولار) على الابحاث الخاصة بتصنيع أدوية من الاعشاب. كما سيتم افتتاح مستشفيات جديدة للطب التقليدي.
وبينما يقر الدكتور بينيت كولافانجايا رئيس إدارة الادوية بمستشفى "تشولا لونجكورن" الجامعي بفائدة الادوية المصنوعة من الاعشاب، فإنه يقول أنها لا تهاجم الفيروس مباشرة.
ويضيف "إن الادوية التقليدية التي نستخدمها الان تعالج المضاعفات فحسب. وستقاوم هذه الاعشاب الاعراض، وليس المرض. بيد أنه ليس ثمة خيار حقيقي أمام المرضى لانهم غير قادرين ماديا على شراء الادوية الحديثة التي ثبتت فعاليتها".