علم الأمازيغ يستفز قائد الجيش الجزائري

قايد صالح يأمر بالتطبيق الصارم للقانون ضد كل من يحاول اختراق المسيرات ورفع رايات أخرى غير العلم الجزائري.

الجزائر - حذر قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح اليوم الأربعاء، من رفع أعلام غير العلم الجزائري خلال مسيرات الاحتجاج المطالبة بالإصلاحات ورحيل النخبة الحاكمة من رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وقال صالح في خطاب بقاعدة عسكرية بولاية بشار في جنوب غرب الجزائر، أن تعليمات صدرت لمنع رفع رايات غير العلم الوطني في المسيرات الشعبية، في إشارة لرفع بعض المتظاهرين رايات قديمة تعود لأمازيغ شمال إفريقيا.
ونقل التلفزيون الجزائري الرسمي كلمة صالح أمام قيادات عسكرية خلال اليوم الثالث من زيارته إلى المنطقة العسكرية الثالثة، قال فيها إنه من المهم " لفت الانتباه إلى قضية حساسة تتمثل في محاولة اختراق المسيرات ورفع رايات أخرى غير الراية الوطنية من قبل أقلية قليلة جدا".
ويرفع متظاهرون يشاركون في الحراك الشعبي الذي انطلق منذ 22 فبراير/شباط الماضي، العلم الأمازيغي الذي يتكون من ثلاثة خطوط أفقية بالألوان الأصفر والأخضر والأزرق وفي الوسط حرف "ياز" من أبجدية تيفيناغ، بهدف التعبير عن هويتهم.‎

والهوية الأمازيغية موضوع حساس في الجزائر، حيث ربع السكان، أو 10 ملايين شخص هم من الأمازيغ ويعيشون بشكل رئيسي في منطقة القبائل في الشمال، وكذلك في وسط وشرق وجنوب البلاد.

ولتلك القومية تاريخ طويل من النضال عاشتها من أجل الاعتراف بهم وبهويتهم، وثقافتهم خاصة في دول شمال إفريقيا التي يقولون إنهم سكانها الأصليون.

وصدرت نداءات عدة لإبراز الهوية الأمازيغية الثقافية واللغوية التي تم التنكر لها لفترة طويلة أو حتى قمعها من قبل الدولة الجزائرية التي بنت هويتها حول العروبة.

وفي مارس/آذار 2003، أدرج بوتفليقة مرسوما رئاسيا يدرج اللغة الأمازيغية كلغة وطنية في الدستور الجزائري. لكن البرلمان لم يصادق على ذلك إلا في فيفري/فبراير 2016.

واحتفل أمازيغ الجزائر لأول مرة برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2968، بنكهة رسمية في يناير من العام 2018، عقب إقرار بوتفليقة هذا اليوم عيدا وإجازة رسمية في سابقة تعتبر الأولى من نوعها بعد سنوات من النضال والمطالبة بالاعتراف رسميا بلغتهم وثقافتهم في البلاد.

يذكر أن أمازيغ الجزائر كانوا أول من نظم حراكا شعبيا احتجاجيا في البلاد منذ الاستقلال، حين رفع محتجون عام 1980 شعارات باللغة الأمازيغية تندد بالقمع الثقافي.

لكن مشاركة الأمازيغ في المظاهرات التي تشهدها الجزائر منذ فبراير الماضي، ورفعهم العلم الأمازيغي الملون لم يمر مرور الكرام أمام قائد أركان الجيش الجزائري.

وحذر قايد صالح من أن "للجزائر علم واحد استشهد من أجله الملايين، وراية واحدة هي الوحيدة التي تمثل رمز سيادة البلاد واستقلالها ووحدتها الترابية والشعبية فلا مجال للتلاعب بمشاعر الشعب".
وأوضح أنه "تم إصدار أوامر صارمة وتعليمات لقوات الأمن من أجل التطبيق الصارم والدقيق للقوانين السارية المفعول والتصدي لكل من يحاول مرة أخرى المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال".

قايد صالح: للجزائر علم واحد استشهد من أجله الملايين
قايد صالح يطالب برفع علم واحد استشهد من أجله الملايين في الجزائر


وأضاف "لا خوف على مستقبل الجزائر بلد ملايين الشهداء لأنها ستعرف بفضل الله تعالى ثم بفضل أبنائها المخلصين كيف تتلمس طريقها نحو بر الأمن والأمان".
وأوضح قايد صالح أن "عجلة التنمية ستنطلق في بلادنا بوتيرة أسرع وبعزيمة أمضى وبأهداف أسمى فلا مكان لأزمة اقتصادية ولا لغيرها من الأزمات إذا ما تحررت الجزائر من العصابة والمفسدين ومنتهكي الأمانة"، في إشارة إلى نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة الذي تجري حملة قضائية ضد أركانه بسبب ملفات فساد.
وباشر القضاء الجزائري منذ أسابيع تحقيقات مع مسؤولين من حقبة بوتفليقة، أفضت لإيداع الحبس المؤقت، رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال ووزراء ورجال أعمال محسوبين على الرئيس المستقيل.

ويواجه أغلب هؤلاء المسؤولين السابقين تهما ثقيلة، من قبيل "التآمر على الجيش والدولة"، و"إبرام صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به"، و"تبديد أموال عامة".

والجيش هو الطرف الرئيسي حاليا في المشهد السياسي بالجزائر وقائده هو جزء من النظام السابق ودافع طويلا عن بوتفليقة، وكان من منتقدي الحراك الشعبي قبل أن يقفز من سفينة النظام ليصبح من أبرز الشخصيات المسؤولة  التي أعلنت مغادرتها لفلك النظام.

وضغط قايد صالح لدفع بوتفليقة للاستقالة وأوعز بشن حملة لمحاسبة الفاسدين بمن فيهم المقربون من الرئيس السابق، لكن البعض يرى أن قائد الأركان الجزائري يحاول تحصين نفسه من خلال دعم المرحلة الانتقالية بقيادة عبدالقادر بن صالح فيما يواجه هو ذاته دعوات شعبية للرحيل كونه رمز من رموز النظام السابق.

وكان الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح قد دعا لانتخابات رئاسية في 4 يوليو/تموز المقبل، لكن المعارضة والحراك الشعبي رفضاها بدعوى رفض إشراف رموز بوتفليقة عليها بشكل أدى لإعلان المجلس الدستوري إلغائها وتمديد ولاية بن صالح حتى انتخاب رئيس جديد.

ويطالب المحتجون حاليا باستقالته هو الآخر باعتباره أيضا حليفا لبوتفليقة.

والسبت، دعت عشرات من هيئات المجتمع المدني الجزائري إلى "مرحلة انتقالية" تتراوح مدتها بين ستة أشهر وسنة تقودها شخصية وطنية أو هيئة رئاسية توافقية لانتخاب خلف لبوتفليقة.

لكن قايد صالح رفض الاثنين المقترح وجدد دعوته إلى حوار من أجل إيجاد صيغ توافقية تفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية "في آجال زمنية مقبولة".

والثلاثاء، اتهم صالح بعض الأطراف بأنها ترغب في حدوث فراغ دستوري لإطالة أمد الأزمة السياسية في البلاد، داعيا جميع الأطراف إلى الحوار استعدادا للانتخابات وتمهيد الطريق أمام رئيس جديد للبدء في الإصلاحات التي يطالب بها المحتجون.