علوية صبح: لا بد للصراخ الجنسي من أن يهدأ

الروائية اللبنانية ترى أن المؤشرات الأساسية التي تشكل البنية النفسية للحساسية الإبداعية الإنسانية عند الكاتب تتعلق بمراحل الطفولة ومراحل تشكل الوعي الإنساني والثقافي.
وعيت على أحلام التغيير والعلمنة وإلغاء الطائفية
هناك صلة قوية بين البيئة أو الحياة والكتابة عندي

جاء فوز الروائية اللبنانية علوية صبح بجائزة سلطان العويس في دورتها الـ 16 في حقل الرواية للعام 2019، ليؤكد قوة حضور تجربتها الروائية داخل المشهد الروائي اللبناني خاصة والعربي عامة، وأن هناك من يتابعها ويعرف قيمة ما أبدعته وتأثيره وإن قل، حيث أصدرت أربع روايات هي "نوم الأيام" و"مريم الحكايا" و"دنيا"، و"اسمه الغرام"، حققت احتفاء وجدلا كبيربين لدى جمهور القراء والنقاد والمثقفين على السواء.
بعد روايتها "'نوم الأيام" الصادرة عام 1986 انتظرت خمسة عشر عاما لتقدم روايتها الثانية "مريم الحكايا" الصادرة 2002 والتي لاقت احتفاء واسعا واستقبلها القراء والنقاد والدارسين بحفاوة بالغة، وعلي نفس المستوى حظيت روايتها الثالثة "دنيا" الصادرة عام 2006، وفي السياق ذاته تم استقبال روايتها "اسمه الغرام" وبالفعل من يقرأ رواياتها مريم الحكايا ودنيا واسمه الغرام سيكتشف أنه أمام تجربة روائية فريدة في خصوصيتها الموضوعية والجمالية، فهي تطرح قضايا إنسانية شديدة العمق وتتغلغل فيها برفق وجرأة لتضيء الزوايا الأكثر عتمة في ذوات شخصياتها.
أشاد تقرير لجنة جائزة سلطان العويس بالروائية مؤكدا أنها "وظفت في رواياتها تفاصيل الحياة اليومية والأحلام والكوابيس لبناء عالم متخيل متعدد الرؤى والإيحاءات، ينهض عى أساليب سردية متنوعة؛ فجاءت أعمالها محكمة البناء فنيا ومنفتحة في الآن نفسه على حكايات تتناسل في ترابط وتماسك".
التقتنا الكاتبة اللبنانية في حفل توزيع جائزة العويس الثقافية في دورتها الـ 16 وكان هذا الحوار معها:
تقول علوية صبح إن المؤشرات الأساسية التي تشكل البنية النفسية للحساسية الإبداعية الإنسانية عند الكاتب تتعلق بمراحل الطفولة ومراحل تشكل الوعي الإنساني والثقافي، لقد نشأت ببيئة تنتمي للطبقة الوسطي، التي هي طبقة متذبذبة، فيها صعود نحو الترقي الاجتماعي وفيها هبوط. وكنت منذ صغري شديدة الانتباه إلى نساء هذا المجتمع وسلوكياتهن وتصرفاتهن ولغتهن وكلامهن، وكنت أميل للسخرية من طريقتهن هذه في الكلام والتصرف واللغة والسلوك، كان لدي ميل للسخرية في صغري من البيئة حولي، كان عندي دائما نظرة نقدية وشيء من الانعزال في نفس الوقت، كنت أشعر بأنني أراقب أكثر مما أعيش، وهكذا لم تكن طفولتي شقية بقدر ما كانت طفولة فيها الكثير من الوحدة رغم أنني من عائلة أفرادها كثر، لكن كان لدي إحساس بالعزلة وبالترقب، دائما أعمل مسرحيات ساخرة بالبيت، أقلد فيها العائلة وأقلد فيها نساء الحي، كانت كل الأشياء الناقرة والغريبة والسلوكيات تلفتني. 

لماذا عندما نتحدث عن كتابة الجنس نشير إلى الكاتبات فقط، فالكتّاب أيضا يكتبون الجنس، لماذا الرجل مسموح له والمرأة لا؟

وعلى المستوى الثقافي المؤثرات كانت علمانية، وعيت على أحلام التغيير والعلمنة وإلغاء الطائفية، كانت لدي أحلام سياسية وأحلام ثقافية، كيف يمكن أن أعبر عن البيئة أو الحياة التي أعيش فيها. لا أستطيع القول متى بدأت أحلام الكتابة لأن ما قبل وبعد خيط من الصعب قطعه، منذ الطفولة امتلكت حلم الكتابة، لذا كتبت وأنا صغيرة، الكتابة هي علاقتي بالحياة وبالأشياء وبالتعبير عمن حالي، لما كان أحد يقول لي شيئا، لا أحكي، بل أذهب للكتابة، الحاجة إلى الكتابة كانت موجودة لدي منذ صغري، علاقتي بالتعبير نشأت أكبر من علاقتي بالحكي. وحين تتنصت لذاتك لا بد أن تعثر على مؤثرات حياتية أكثر، فكل ما يعيشه الكاتب وما يقرأه وما يشاهده يشكل مؤثرا، لكن هناك فرق بين المؤثر وبين التأثير وبين التقليد، لقد قرأت الأدب الروسي وأعمال نجيب محفوظ وجيل الرواد والأدب الأجنبي والعربي والتراث وشهرزاد، وتعرفت علي كل المشكلات الثقافية، كل ذلك تم هضمه وتخزينه. إن الكتابة تتم بوجدانك ووعيك، هناك من يكتب تحت ضغط المؤثرات الثقافية وهناك من يكتب تلبية لحاجة شخصية ومؤثرات إنسانية ذاتية لها علاقة بتجربته الإنسانية، والتحدي: كيف يمكن أن تخلق شخصيات حية ومليئة بالحياة، وألا تكون ميتة أو لا تولد ميتة حتى إذا أخذتها من الكتب، التحدي هو أن تكون قريبا من الحياة لتقربها وتقربك بالأدب.
وحول حجم ما انعكس من الوضع الاجتماعي والثقافي الذي عايشته علي كتابتها الإبداعية، تشير صبح إلى أن هناك صلة قوية بين البيئة أو الحياة والكتابة عندي، كنت أحس أن الكتابة فيها إلى حد ما تلاق مع الحياة، غير مؤمنة بجيل الحداثة ـ لا أحكي هنا عن جيل نجيب محفوظ أو استثناءات بالرواية العربية ـ جيل الحداثة وجيل الأيديولوجية كانت المؤثرات الثقافية عنده أكثر من مؤثرات الحياة، كنت أشعر أن معظم كتاباته أيديولوجية وتأتي من الكتاب، الكتابة تأتي من الكتاب، والثقافة تأتي من الثقافة، يعني مرجعية النصوص هي الثقافة أكثر منها الحياة، ومرجعيتها الأفكار وأفكار الكاتب تحديدا هيمنت على جيل بكامله من الستينيات والسبعينيات، كنت أشعر أن هذه الكتابة بعيدة عن قلقي الشخصي الإنساني، وكنت أشعر بشكل خاص أن الشخصيات الشعبية من نساء ورجال مهمشين ـ وهم أيضا مهمشون في الكتابة ـ هم همي الخاص، عندما بدأت أكتب ـ قبل الكتابة أنت سألتني ـ حاولت كثيرا أن أجرب أن أعبر عن ذاتي بمعزل عن المؤثرات الثقافية، كتبت ورميت كثيرا، صدقني رميت أكثر بكثير مما احتفظت، حتى حينما بدأت بكتابة "مريم الحكايا" بعد انقطاع طويل وصمت طويل من كتاب "نوم الأيام"، خرجت إلى الحياة، إلى الآخرين، إلى الشخصيات الشعبية، إلى الذاكرة، إلى النساء اللاتي شعرت أنهن منسيين بالأدب، بدأت أكتب وأكتشف، وقادتني الكتابة نحو عوالم مجهولة بهذا العالم السفلي، الشعبي، لشخصيات كانت تدهشني وأنا أكتشفها".
وترى أن روايتها "مريم الحكايا" ولدت من صلب الحياة، من صلب التجربة الإنسانية في الحرب اللبنانية، من صمت النساء، من الرغبة بالكلام عن الذاكرة النسائية، والرغبة في وضع صوت الكاتب جانبا، صوت علوية أو زهير ومريم، كنت أشعر أنني كتبت وكتبت ما يقارب الألفي صفحة قبل صدور "مريم الحكايا"، ثم اختصرتها لألف صفحة وبعد ذلك لأربعمائة وخمسين صفحة، تولدت لدي حاجة في أن تحكي شخصية شعبية مريم بدلا عني وعن زهير، أولا لأنني صمدت وكنت أحتاج إلى بطلة تعيدني أيضا إلى الحياة حين تروي، حين تروي فإنها تعيد الكاتب للحياة، حين يحكي الأبطال فإنهم يعيدونك إلى الحياة، شعرت برغبة في أن أسلم الحكي ومفاتيح الحكي لمريم بدلا عني وعن زهير، أي بدلا عن الكتابة، يعني مريم هي المحكي وعلوية وزهير هما الكتابة التي أشك أنا بالأساس فيها، ومن هنا استلمت مريم الحكاية بدلا عني وعن زهير.
وتعترف صبح أن مريم أزاحتني، مريم توأمي، مريم ربما تكون فكرتي الشعبية، مريم ربما تكون المرأة الشعبية التي كانت صامتة ولم تنطق في الأدب، شخصية مريم نقيضي، وهي تحكي عني في الرواية وأحاول أن أرى نفسي من خلال عيونها، حتى حين أصف شكلي، وتصرفاتي، لقد تقمصت مريم طوال فترة الكتابة، وأذكر أنني خلال فترة الكتابة أحيانا في الحياة حين يسألني أحد شيئا أو حين أتعاطى مع الناس أي عمل كان يخيل إليّ أنني مريم، وأحيانا أجيب أجوبة مريم، وحين انتهت الرواية شعرت بغيرة منها، شعرت بأنها أهم مني، أنا لا شيء، أنا ـ أي الكاتبة التي عجزت عن الكتابة، وتخيلت مريم هذه المرأة التي تخيلتها بعثت اللغة فيّ، هي المخيل، هي التخييل الخاص بي، وشعرت أن حياتها غنية ومليئة، شعرت بالغيرة من هذه الشخصية، وزهير أيضا توأمي، ربما الثقافي، ومريم توأمي الشعبي، زهير هو البعد الثقافي فيّ، هو الأيديولوجيا التي فيّ، وفي لحظة من اللحظات حين وصلت كان عليّ أن أقتله، واحد منا يجب أن يموت، أنا أو زهير، حين قتلته أذكر كم بكيت، لأنه جزء مني، كنت أشعر بأنه جزء مني مثله مثل مريم.
وتتابع صبح أن مريم ودنيا ولدا من رحمي، أعتقد أنني في دنيا حاولت أن أكمل المشروع الكتابي الذي هو تراكم التجربة الكتابية المفتوحة التي لا تقع في التجريب بقدر ما تحاول أن تتجاوز ما هو ثقافي وما هو منجز، يعني فتحت علي ذاكرة أخرى في الكتابة، يتحدثون كثيرا عن الكتابة الجديدة، لكن أعتقد بكل تواضع أنني من علاماتها، يعني أحاول أن أعمق هذه التجربة وأن أستكملها بما هي تواصل مع التراث وبما هي عدم انقطاع عن الرواية العالمية والتجربة الغربية، ولكن دون أن أقع في التقليد لا للتراث ولا للرواية الكلاسيكية، يعني أنا أحاول أن أشكل، أن أؤلف، أن أعبر عن قلقي الشخصي في الكتابة، أسئلتي في الكتابة، التي هي تشبه الشكل الحلزوني ـ إذا شئت ـ أو تشبه فن الأرابيسك الشرقي، الحياكة، التأليف على جدارية واسعة، الحكاية التي تتولد من الحكايا، ولكن دون أن أقلد ألف ليلة وليلة أو شهرزاد، هذه الشهرزادية التي حكي عنها النقاد لم أحاول أن أقلدها، فأنا ضد الأصوليات الثقافية سواء كانت أصولية مشرقية أو أصولية غربية، ومع حرية الإبداع، وأن التقنية يجب أن تولد من لحم الرواية، وفي مريم الحكايا وفي دنيا تم استدعاء التقنية الشهرزادية لأن طبيعة المرويات استدعتها، ولم آتها بقرار ذهني أو ثقافي.

وتؤكد صبح أن كون روايتيها "مريم الحكايا" و"دنيا" تنتميان زمنيا إلى مرحلة الحرب كخلفية افتراضية إلا أنها "لم أكتب عن الحرب كتفاصيل عسكرية أو كمعطي ميداني، كتبت عن مصائر شخصيات وعن التبدلات التي أصابت الشخصية بسبب الحرب، استكشفت ما يبقى مع الزمن، هو هذا الاستكشاف وهذا الاستحضار لذاكرة مجتمعية ولشخصيات وحفر في الشخصيات الإنسانية وكشف لها في البني النفسية وفي الأجساد وفي الرغبات وفي التشكيل النفسي وفي البيئة والزمان والمكان، يعني هناك شخصيات على مدي ثلاثة أجيال في الروايتين، يعني أنا قدمت أنماطا متعددة من الشخصيات الشعبية، وحفّرت، كنت أشعر أنني أبني وأهدم لأعمر الشخصيات وأشكلها، الحرب هي الخلفية لكن الكشف الإنساني والنفسي والاجتماعي هو ما يبقي".
وتشير إلى أن في "اسمه الغرام" بوحا وسردا جذابا ولغة تتضافر لتتشكل حيوات واقعية من سياقات ومستويات ثقافية واجتماعية مختلفة، وتقول: كان لدي حلم أن أكتب عن حياة امرأة حرة غير نمطية في الأدب السائد. راودتني أفكار وتخيلات كثيرة. ولم أكن أعرف كيف أبدأ وماذا أسرد وكيف أبني شخصية أو شخصيات من لحم ودم. ولم أكن أخطط بأن الجسد الأنثوي سيكون له الدلالات التي أبرزتها الرواية، والذي من خلاله استطعت أن أذهب إلى مرويات وسرديات كاشفة وحقيقية وحية. حين بدأت الكتابة وجدت نفسي أقول للبطلة نهلا: كيف أكتب عنك وأنا لا أعرف شيئا عن حياتك؟ فأجابتني: اكتبي بتستهدي. إن الكتابه عندي هي دائما أشبه برحلة استكشاف. لم أشعر يوما أني أكتب لأني أعرف، بل أكتب لاستكشف. تخيلت نهلا تقودني إلى الاستكشاف، وكنت أنا طوع يد روايتي. إن نهلا البطلة لا تشبه نساء الرواية الأخريات، لا في الحب ولا في ما يسميه البعض خيانة. منذ البدايه تبدو شخصية مختلفة وخارج النمط. هي كاملة الأنوثة والأمومة. ولذا استطاعت أن تستنطق جسدها وجسد الرجولة في كل الأعمار، وخصوصا في منتصف العمر وعيش الحب في كل مراحل العمر.
وتوضح صبح: ربما تكون "اسمه الغرام" حديث عن تجربه الأنثى، من اكتشافها وعيشها أو إلى محوها أو انحرافها، لأن لـ "نهلا" رؤية نسجتها على نحو مختلف مما نسجته روايات. حدثت عن علاقة الأنثى بجسدها، بالحبيب، بالشريك، الذي يساعد في اكتشاف الجسد، أو ذاك الذي يقمعه. نعم، كان كلام نهلا حقيقيا وحيا في كل هذا خارج النمط. إن اختلاف الرؤى والوعي بين روايات مريم الحكايا دنيا واسمه الغرام، لا يخفي خيوطا وإن رقت بينها.
وتضيف أن "الكاتب يبني عمارته، وأن كان لكل رواية عوالمها وهواجسها وطبقاتها وما تكشفه وتحمله من قول. المهم ألا يقلد نفسه، وأن يتجاوز نفسه باستمرار. وفي رواياتي الثلاث، كنت منحازة للبوح الحر وإلى الحكي وكل ما يستدرج المنطق البنائي لكل رواية. هي ثلاثية، كما كتب كبار النقاد والأكاديميين. لكن برأيي، الأولى مرتبطة بالثانية أكثر، وإن كانت كل واحدة مختلفة عن الأخرى. لكن عالم "اسمه الغرام" كان له خصوصيته. لم يكن من السهل أن تبني من خلال العلاقه بالجسد، شخصيات ومرويات وحيوات بلا أي خطاب.
وتؤكد صبح أن: الجنس في رواياتي مثله مثل أي موضوع آخر، الكتابة فعل حرية وليست ردة فعل، بمعني أنا لم أكتب الجنس لأقول إنني جريئة أو أقول إنني أريد أن أخدش حياء المجتمع وأخدش الأخلاق، لست بحاجة لذلك، لأنني أؤمن بأن الكتابة هي فعل حرية بحد ذاتها، وأعتقد أن القارئ والقارئة شعر بأن الجنس عفوي وليس مفتعلا، الجنس في رواياتي في لحظة ما يأتي لكشف الشخصية، لا بد وأن أمر على الجسد، الجنس فعل يشكل عامل إضاءة على الشخصية وجزء منها وليس من خارجها، ليس مفتعلا، يعني حين تريد أن تحفّر في الشخصية وأن تكشف بناها النفسية والذهنية والعاطفية والفكرية لا بد في لحظة ما أن تصطدم بالجسد وأن تعبر عنه، لأن الجنس عندي هنا كشف إنساني بهذا الجسد وعلاقة المرأة بجسدها وبالرجل، علاقة الرجل بجسده وبالمرأة، إن هذا الجسد يحمل كل المؤشرات الثقافية والاجتماعية والذهنية للمجتمع، لذا لا بد لعملية الحفر أن تضيء الجسد كما تضيء جوانب أخرى في الشخصية، إنني ضد كتابة الجنس المفتعلة التي تجئ فقط للقول بادعاء الجرأة دون أن يكون لها مبرر فني، والجنس في رواياتي حاجة فنية، لأنه في لحظة ما لا بد وأن تضيء وأن تكشف الشخصية عبر العلاقة الجنسية.
وترى إن هناك محجبات لم يرفضن رواياتي بل تحدثن إليّ أنهن لم يخجلن من قراءة رواياتي لأنهن لم يعتبرنها بذيئة رغم الجرأة، قلن "علمتنا وجعلتنا نعرف ما الحياة وما المجتمع وما الرجل، كيف يرانا الرجل، وكيف نرى لحالنا معه، وكيف نرى جسمنا، وما هي علاقتنا بجسمنا". القارئ لا بد أن يشعر بصدق الكاتب، الصدق يصل للقارئ والافتعال يصل.
وتضيف صبح: لا بد للصراخ الجنسي من أن يهدأ وأن تدخل الكتابة في العملية الفنية بحد ذاتها، أنا ضد كتابة الجنس أو غيره ما لم تكن هناك حاجة فنية، بعض الكاتبات يلجأن للجنس لأسباب كثيرة، إما للقول بأنهن جريئات أو للتنفيس، محتاجات لأن يعبرن عن أجسادهن باللغة، أحيانا يشبه ذلك الصراخ، وأحيانا يشبه الاستهلاك الجنسي، ولكن ذلك يتم عند الكتاب وعند الكاتبات، لماذا عندما نتحدث عن كتابة الجنس نشير إلى الكاتبات فقط، فالكتّاب أيضا يكتبون الجنس، لماذا الرجل مسموح له والمرأة لا؟ الأمر يطال الاثنين، في الكثير من هذه الكتابات ليست هناك حاجة فنية لكن ربما تكون هناك حاجة شخصية أو اجتماعية أو نفسية، ومع الوقت ربما التراكم يؤدي إلى الفنية، إنها مرحلة، ربما هناك حاجة للتنفيس، وبعد أن يهدأ هذا الأمر سيكون هناك وعي فني.