عمان تحتفي بالمخطوطات المهاجرة بمناسبة يوم المخطوط العربي

المخطوطات تعتبر إرثا حضاريا عريقا وكنزا بالغ الأهمية باعتبارها حاضنة لذاكرة الشعوب.

مسقط - تحتفي وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان هذا العام بأربع مخطوطات عُمانية مهاجرة وذلك بمناسبة يوم المخطوط العربي والذي يصادف الرابع من أبريل/نيسان من كل عام.

ويوم المخطوط العربي هو احتفال سنويّ ويوم توعية، يُقام في الرابع من أبريل/نيسان، وتستمر فعالياته غالبًا طوال الشهر، يرعاه رسميًا معهد المخطوطات العربية بالقاهرة التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بجامعة الدول العربية، وتحتفل به إقليميًا المؤسسات والأفراد في الدول العربية الأعضاء، كما تحتفل به كذلك عالميًا جهات إسلامية وغربية متعددة.

وتعرف المخطوطات المهاجرة بأنها المخطوطات التي انتقلت خارج حدود موطنها الأصلي، كما تعتبر المخطوطات إرثا حضاريا عريقا وكنزا بالغ الأهمية باعتبارها حاضنة لذاكرة الشعوب.

ووفق وكالة الأنباء العمانية، فإن أول تلك المخطوطات المهاجرة هي مخطوط "الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان" وهو قصيدة يسرد فيها ملامح التاريخ، نظمها حميد بن محمد بن رزيق، نهج فيها نهجا مغايرا في كتاباته التاريخية إذ عمد إلى نظم الأحداث والوقائع في القصيدة الغراء التي تتكون من 148 بيتا مبرزا مكانته التاريخية عند المؤرخين ومهارته الشعرية التي تضمنت سيرة 25 إماما أولهم الجلندي بن مسعود إلى الإمام سلطان بن مرشد اليعربي، وقد عمد إلى شرح أبيات القصيدة متطرقا إلى إيضاح غريب المعاني اللغوية والبلاغية، وبعدها عرّج إلى تفصيل الحديث عن المادة التاريخية في البيت، والمخطوطة في غاية الجمال والبهاء بسطورها الملونة باللونين الأسود والأحمر في المخطوطة المكونة من 175 صفحة ترسم للأذهان صورة حية عن المادة للتاريخ العُماني ورجاله.

أما المخطوط الثاني فهو مخطوط "علم الأنساب الذي حيّر الألباب" للعلامة العباس أبوالمبرد وهو مخطوط عُماني يتناول نسب عدنان وقحطان ويتناول سيرة أصل العرب من عدنان وقحطان، وقد كتب بشكل مميز بخط يحمل اللونين الأسود والأحمر، وهو مضاف ضمن مجموع.

أما المخطوط الثالث فهو مخطوط "النونية الكبرى" للبحار العُماني أحمد بن ماجد السعدي الملقب بأسد البحار، وتعود إلى القرنيين التاسع والعاشر الهجريين، وهو عبارة عن منظومة شعرية في علم البحار يصف فيها المؤلف أصول علم البحار بخبرته الفذة في الملاحة البحرية وعلم الفلك والجغرافيا.

ويعتبر أحمد بن ماجد من أشهر الملاحين في المحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر وله جهود رائدة في مجال الاستكشافات الجغرافية وتطوير أدوات الملاحة البحرية كالبوصلة والإسهام في إضافة قياسات فلكية دقيقة ويعتبر نبوغه في مجال علوم البحار بسبب إتقانه العديد من اللغات بالإضافة إلى سعة اطلاعه على علوم الفلك والرياضيات والجغرافيا، وقد صحح الكثير من المعلومات المتعلقة بالطرق الملاحية وإدراكه لطبيعة الرياح الموسمية والتيارات المنعكسة وطريقة القياس بالأصابع، وتحديد القبلة، فهو رائد من رواد علم الملاحة من الناحيتين العملية والنظرية.

ورابع المخطوطات هو مخطوطة "تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان" للشيخ نورالدين عبدالله بن حميد السالمي المفكر والمصلح الموسوعي العُماني الذي صنفته اليونيسكو من ضمن الشخصيات المؤثرة في العالم عام 2015، وهو كتاب يتناول الكثير من الأحداث في تاريخ عُمان، وقد اعتمد فيه على المصادر التاريخية والروايات الشفوية المتناقلة من جيل إلى آخر، وتطرق إلى روايات عاصرها بنفسه ليصبح هذا الكتاب من أمهات كتب التاريخ العُماني حيث يتناول الجزء الأول التعريفَ بعُمان وفضائل أهلها والأحداث التي سبقت قدوم مالك بن فهم إلى عُمان وسرد تفاصيل حكمه وحكم أبنائه، أما الجزء الثاني فقد تناول تاريخ الدولة اليعربية (1624 – 1741)، والدولة البوسعيدية (1744 – 1783)، ورتب موضوعات الكتاب بتسلسل زمني دقيق.

وبشكل عام تُعدّ المخطوطات العربية والإسلامية كنوزًا ثقافيةً وعلميةً لا تقدر بثمن، تزخر بها أرشيفات ومتاحف العديد من دول العالم، وتُمثل إرثًا حضاريًا غنيًا يُجسد إبداعات الحضارة العربية والإسلامية في مختلف المجالات.

وتُظهر هذه المخطوطات عبقرية العقل العربيّ في العلوم الطبيعية والإنسانية، حيث تحتوي على أفكارٍ إبداعيةٍ وابتكاراتٍ علميةٍ ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تقدم الحضارة الإنسانية. وقد لعبت هذه المخطوطات دورًا هامًا في قيام النهضة الأوروبية، حيث نقلت المعرفة العلمية والثقافية العربية إلى أوروبا، ما أدّى إلى نهضةٍ ثقافيةٍ وعلميةٍ في أوروبا، وحاليا تُبذل جهودٌ عربيةٌ مختلفةٌ لإنقاذ هذه المخطوطات واستعادتها من دول العالم، إيمانًا بأهميتها التاريخية والعلمية والثقافية.