عناد الشارع يُعقّد مهمة المجلس العسكري في السودان

الأزمة السودانية تدخل مرحلة جديدة تنذر بصدام بين العسكر والمحتجين في ظل تمسك قادة الاحتجاج والقوى السياسية بالعناد على قاعدة التغيير الشامل أو الاحتكام للشارع وعلى ضوء اللهجة الصارمة التي أبداها المجلس العسكري إزاء ممارسات غير قانونية.

البحرين تعرب عن ثقتها في قدرات المجلس العسكري الانتقالي
سجالات واتهامات تنذر بالمزيد من التوتر في السودان
المجلس العسكري الانتقالي أمام خيارات صعبة
السودان مثقل بتركة من المشاكل من مخلفات نظام البشير   

الخرطوم - التزم المجلس العسكري الانتقالي في السودان حتى يوم الأحد بالتهدئة ومحاولة احتواء الأزمة، إلا أن المشهد العام في السودان دخل على ما يبدو في مرحلة جديدة تنذر بصدام بين العسكر والمحتجين في ظل تمسك قادة الاحتجاج والقوى المنضوية في حركة التغيير والحرية بالعناد على قاعدة التغيير الشامل أو الاحتكام للشارع وعلى ضوء اللهجة الصارمة التي أبداها المجلس العسكري اليوم الاثنين إزاء ممارسات بعض المحتجين الذين تولى قسم منهم مهام أجهزة الأمن في الشارع.

وإن كان سيناريو المواجهة العنيفة مستبعد على الأقل في الوقت الراهن، إلا أن كل المؤشرات تجمع على ارتفاع منسوب التوتر بين العسكر والمحتجين مع تعليق الطرف الثاني المحادثات مع اللجنة السياسية للمجلس ورفع سقف المطالب بعد نحو عشرة أيام من تحقيق أول هدف للحراك الشعبي وهو عزل الرئيس عمر البشير من منصبه وإنهاء ثلاثة عقود من حكم الحزب الواحد.

وإزاء الوضع الراهن يجد المجلس العسكري نفسه في وضع صعب وأمام خيارات أكثر صعوبة فإما أن يدخل في صدام مع المحتجين لتأمين المرحلة الانتقالية التي لا مناص منها وإما التخلي عن دوره في قيادة المرحلة الانتقالية وهو أمر ينطوي على الكثير من المخاطر ويضع السودان على سكة المشاحنات السياسية والنزاعات على السلطة بين القوى التي تقدم نفسها ضامنا للحكم المدني.

الثقة هي الحلقة المفقودة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحراك الشعبي التي ترى في المجلس وجهوده، محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق

وكان المجلس العسكري قد تعهد يوم الأحد بتسليم السلطة للشعب (لحكومة مدنية ممثلة لكل القوى) في نهاية المطاف، إلا أن تعهداته وتطميناته التي قدمها رئيس المجلس الفريق عبدالفتاح البرهان في حوار مع التلفزيون السوداني لم تلق تجاوبا من قبل قوى الحراك الشعبي والقوى السياسية المعارضة التي اختارت الاعتصام ليلا نهارا حتى تحقيق كل أهداف الثورة.

وتبدو الثقة هي الحلقة المفقودة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحراك الشعبي التي ترى في المجلس وجهوده، محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق رغم أن الإجراءات التي اتخذها منذ توليه السلطة تتناغم مع المطالب الشعبية ومنها عزل ومحاسبة رؤوس النظام السابق والتأسيس لمرحلة الانتقال الديمقراطي عبر آلية الحوار مع مختلف القوى.

وقد تولى المجلس العسكري الانتقالي السلطة مثقلا بتركة ثقيلة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من ارث النظام السابق.

ومعالجة كل هذه الأزمات مجتمعة مع استمرار انسداد الأفق السياسي في مرحلة ما بعد البشير، تبدو مهمة مستحيلة فيما يواجه السودان اهتزازات اقتصادية وأمنية.

ويقاوم المجلس العسكري لانتزاع دعم دولي وإقليمي يساعده على إعادة التوازن المالي والاقتصادي ومواجهة انهيار الجنيه والارتفاع القياسي في معدل التضخم وأزمة السيولة وشح النقد الأجنبي وندرة دقيق الخبز وأزمة الوقود، وكلها من الأسباب التي حرّكت الشارع منذ ديسمبر/كانون الأول 2018.

السودانيون يرفضون مغادرة الشارع حتى تحقيق التغيير الشامل
الحراك السوداني يطالب بتنفيذ كل مطالب التغيير دفعة واحدة

وفي المقابل فإن تسليم الحكم فورا لسلطة مدنية خالصة لا تمثيل فيها للعسكر وهو أمر مشروع ومطلب شعبي ملح يستمد مشروعيته من مخاوف تكرار تجربة الحكم السابق، يبدو أمرا معقدا ويحتاج إلى وقت أطول لترتيب تقاسم السلطة على أساس التمثيل السياسي لكل القوى.

واستمرار المشاحنات وتبادل الاتهامات بين العسكر وقادة الحراك الشعبي وتعثر المفاوضات بين الطرفين يدفع الوضع إلى المزيد من التأزيم ويضرّ بجهود تحصيل دعم دولي وإقليمي ويعطل مسار الإنتاج ويربك مناحي الحياة المربكة أصلا منذ أشهر.

وأعلنت العديد من الدول العربية والغربية دعمها لجهود المجلس العسكري الانتقالي بوصفه ضامنا للمرحلة الانتقالية مع تشديدها على ضرورة نقل السلطة في نهاية المطاف لحكومة مدنية.

و أعربت البحرين اليوم الاثنين عن ثقتها في قدرات المجلس العسكري الانتقالي في السودان.

وأرسل عاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، رسالة شفهية نقلها وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إلى رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبدالفتاح البرهان، بحسب بيان للمجلس.

وقال وزير الخارجية البحريني إن بلاده قلبا وقالبا مع السودان وشعبه ومستعدة للعمل على تطوير علاقات البلدين في كافة المجالات.

وأعرب عن ثقة البحرين في قدرة المجلس العسكري الانتقالي على وضع الأسس الصحيحة والكفيلة بتحقيق تطلعات الشعب السوداني.

وكانت السعودية والإمارات قد وجهتا الأحد حزمة دعم مالي مباشر بثلاثة مليارات دولار لمواجهة أكبر مشكلتين يواجههما الاقتصاد في السودان الذي يشهد تحولا سياسيا واضطرابات منذ شهور.

وتركز المنحة السعودية الإماراتية على دعم الجنيه السوداني وتوفير الوقود والسلع الأساسية.